وسط عجز “الأونروا”.. أزمة دقيق في غزة تنذر بمجاعة واسعة
يواجه سكان قطاع غزة خطراً الانعدام التام للدقيق وكل أسباب الحياة الأخرى.
مخزون “الأونروا” من مادة الدقيقة لا يكفي لتغطية احتياجات الأسر بشكل كافٍ.
يستخدم جيش الاحتلال المجاعة كسلاح في الحرب ضد المدنيين في قطاع غزة.
“أكثر من أسبوعين ولا يوجد دقيق في بيتي، ونعتمد على الأرز في الأكل، وبدأ ينفذ من الأسواق”، بهذه الكلمات وصف فرج أبو عودة، أزمة نقص الدقيق الحاد في جنوب قطاع غزة، نتيجة وضع سلطات الاحتلال قيوداً أمام إدخال المؤسسات الدولية المساعدات إلى القطاع الذي يتعرض للعدوان منذ السابع من أكتوبر 2024.
يقول أبو عودة لمراسل “الخليج أونلاين”: “نعيش مجاعة حقيقية في قطاع غزة، خلال أيام فقط لن نجد حبة أرز واحدة لنأكلها مع استمرار عدم توفر الدقيق في الأسواق، وإن توفر يصل سعر الكيس الواحد (25 كيلو) إلى 380 شيكل ما يعادل 100 دولار”.
ينام أبو عودة وعائلته يومياً بدون عشاء، ويعتمدون على وجبة واحدة طيلة اليوم، غالباً يكون موعدها بعد أذان العصر، لعدم توفر الدقيق وأي أصناف أخرى من الطعام، والاقتصار على الأرز المتوفر بأسعار عالية جداً.
التضييق على الأونروا
يوضح أبو عودة، وهو واحد من آلاف الغزيين الذين نفذ الدقيق لديهم، أن مصدر هذا العنصر الغذائي المهم هي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، ولكن الفترة الأخيرة توقفت عن توزيع المساعدات.
وفي السياق، أكد مصدر في “الأونروا”، أن توزيع الدقيق والطرود الغذائية والطرود الصحية والشوادر، يتم حالياً عبر نظام محوسب يشرف عليه متخصصون، ويتم التوزيع حسب عدد أفراد الأسرة، بدءًا بالأُسر الكبيرة ثم الأصغر.
وقال المصدر لـ”الخليج أونلاين” إن “تسليم الدقيق والكابونات مرهون بمدى توفر الطرود والدقيق في مخازن الوكالة”، لافتاً إلى أن كل المساعدات التي تصل مخازن “الأونروا” يتم توزيعها على مراكز التوزيع فوراً.
كما أوضح أن إغلاق المعابر ووجود قطاعي الطرق هو ما يمنع وصول المساعدات لمخازن “الأونروا”، مبيناً عدم وجود دقيق في مخازن الوكالة يكفي لتوزيع كيس واحد لكل أسرة بشكل طارئ.
وأشار المصدر إلى أنه سيتم بدء التوزيع في حالة توفر الدقيق بشكل يغطي أول مرحلة من مراحل التوزيع، وذلك بعد الانتهاء من التوزيع لباقي الكشوف المطبوعة والمتبقية من الدورة الثالثة.
مجاعة حقيقية
من جانبه أكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، صلاح عبد العاطي، أن “جيش الاحتلال مستمر في جرائم الإبادة الجماعية الوحشية، وارتكاب المجازر والقتل الميداني بحق المدنيين، ما أسفر عن قرابة 60 ألف ش ومفقود، وأكثر من 100ألف جريح”.
كما لفت إلى أن جيش الاحتلال يواصل “اعتقال ومواصلة احتجاز الالاف، وتدمير 85% من المنازل والمنشأت المدنية، فيما تواصل الطائرات والمدفعية الإسرائيلية استهداف وقصف المنازل والأحياء السكنية ومراكز الإيواء وخيام النازحين، بشكل موسع وبدون سابق إنذار، وتدمير مقومات الحياة ومنظومة الخدمات الصحية والإنسانية”.
وأضاف عبدالعاطي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “يقوم الاحتلال تشديد الحصار الخانق ومنع عرقلة دخول المساعدات الإنسانية في استخدام لسلاح التجويع والتعطيش في نوايا معلنة ومتعمدة لإخضاع الفلسطينيين، لظروف جحيم انساني وكارثة معيشية يراد بها ابادتهم وتدميرهم واهلاكهم كلياً وجزئياً”.
خرق القوانين الدولية
وأوضح أنه ووفقاً للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، يحظر التسبب بالمجاعة كممارسة عسكرية ضد السكان المدنيين.
وأشار إلى أن المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1977، “تؤكد على حماية الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، كما تحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والماشية ومرافق الشرب وشبكاتها وأشغال الري، إذا كان الهدف هو تجويع المدنيين أو حملهم على النزوح أو لأي باعث آخر”.
كما ذكر عبد العاطي أن المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1977، “تنص على حظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال، وتحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين”.
ولفت إلى أنه في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تنص المادة 11 منه على حق الإنسان في الحصول على الغذاء الكافي والملائم للحياة، وتلزم الدول الأطراف باتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان حق الإنسان في الغذاء.
ويخالف التسبب بالمجاعة وتدمير مقومات الحياة في قطاع غزة، “التدابير المؤقتة التي أقرتها محكمة العدل الدولية، ما يدفع بإمكانية مقاضاة المسؤولين عن الأمر أو والمتسببين بتأخير توصيل المساعدات أمام المحكمة الجنائية الدولية” وفقاً لعبد العاطي.
كما شدد على ضرورة الإعلان عن قطاع غزة منطقة مجاعة والضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلي لفتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية والطبية اللازمة لسكانه.