هل يهدد تصاعد الانقسامات في “إسرائيل” بحرب أهلية؟

بدأت أولى مؤشرات ذهاب “إسرائيل” إلى الحرب الأهلية من خلال تحرك الشارع عبر مظاهرات حاشدة شارك فيها مئات الآلاف
تشهد دولة الاحتلال الإسرائيلي تصاعد غير مسبوق في الحديث عن احتمال الانزلاق إلى “حرب أهلية”، وذلك بسبب تفاقم الصراع بين الحكومة التي يقودها بنيامين نتنياهو والمؤسسة القضائية، وجهاز الأمن الداخلي”الشاباك”.
وبدأت أولى مؤشرات ذلك، من خلال تحرك الشارع عبر مظاهرات حاشدة شارك فيها مئات الآلاف، احتجاجاً على سياسات نتنياهو التي توصف بأنها تهدد “المبادئ الديمقراطية”.
كما تجاوز حراك الشارع الاحتجاجات السياسية المعتادة، ليصل إلى مستوى من التوتر يمكن أن يؤدي إلى صدامات داخلية بين مختلف مكونات المجتمع الإسرائيلي، خاصة مع وصول الخلاف مع قادة الأمن.
مسار الخلافات
وبدأ الخلاف داخل دولة الاحتلال يشتد مع قرار نتنياهو إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي “الشاباك” رونين بار، واتخاذ المحكمة العليا الإسرائيلية أمراً قضائياً مؤقتاً بوقف القرار.
صحيفة “معاريف” العبرية قالت إنه “في حال قررت الحكومة عدم احترام قرار المحكمة العليا برفض إقالة رئيس الشاباك فسيدخل الكيان في أزمة دستورية غير مسبوقة، حيث تنبأ أحد كبار القضاة السابقين للمحكمة العليا بإمكانية انهيار المجتمع الإسرائيلي وتدخل الجيش”.
أما رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية الأسبق، أهارون باراك، حذر من أن “إسرائيل قد تصل إلى مرحلة الحرب الأهلية بسبب تفاقم الانقسامات الداخلية” مؤكداً ضرورة منع “استبداد الأغلبية”.
وقال باراك في تصريحات لمقابلة موقع “ynet”: “المشكلة الأكبر التي تواجه المجتمع الإسرائيلي اليوم هي الانقسام العميق بين الإسرائيليين أنفسهم، وهو ما أسميه الجبهة الثامنة، وهذا الانقسام يتفاقم وقد ينتهي كما ينتهي القطار الخارج عن القضبان، بالانحدار إلى الهاوية وحدوث حرب أهلية”.
وقال: “إذا رفع الأخ سلاحه على أخيه فأعداؤنا سيتكفلون بإنهاء المهمة وتصفيتنا جميعاً، دولة (إسرائيل) لن تنجو من الحرب الأهلية”.
انقسام عميق
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة، أوضح أن الانقسام في “إسرائيل” عميق جداً ومتجذر في بنيتها السياسية والمجتمعية.
وأشار نافعة في حديثه لـ”الخليج أونلاين” إلى وجود نوعين رئيسيين من الانقسامات داخل دولة الاحتلال، أحدهما كان قائماً قبل عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، وهو الانقسام بين التيار الديني المتطرف من جهة، والتيارات العلمانية سواء كانت يمينية أو يسارية من جهة أخرى مضيفاً:
-
أحدث الانقسام في إسرائيل زخماً كبيراً حيث تصاعدت حدة المظاهرات إلى مستويات غير مسبوقة.
-
كادت تؤدي هذه المظاهرات إلى توترات شديدة داخل المجتمع الإسرائيلي، إلا أن عملية “طوفان الأقصى” أعادت توحيد الشارع الإسرائيلي مؤقتًا تحت مظلة مواجهة غزة.
-
نتنياهو ناور سياسياً لاستغلال هذا التهديد الخارجي في توحيد الإسرائيليين حول قيادته متذرعاً بوجود تهديد وجودي للدولة.
-
هذا التوحيد كان مؤقتًا، إذ سرعان ما عاد الانقسام إلى الساحة الإسرائيلية بشكل أعمق، لا سيما بعد محاولات إزاحة رئيس جهاز الشاباك.
-
هذه الخطوة أعادت إحياء الانقسامات القديمة حول اختصاصات الحكومة وحدود سلطاتها.
-
كشفت أيضاً عن رغبة نتنياهو في إعادة ترتيب البيت الإسرائيلي بما يخدم التيار الديني المتطرف، وهو ما أدى إلى تقويض أسس الديمقراطية في إسرائيل.
-
الشارع الإسرائيلي بدأ يشهد حراكاً واسعاً نتيجة هذا الانقسام، خاصة فيما يتعلق بجدوى العمليات العسكرية في غزة، التي لم تحقق أهدافها المعلنة.
-
ملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة أصبح موضع جدل واسع، حيث يواجهون مخاطر متزايدة بسبب الانقسامات الداخلية وعجز الحكومة عن تحقيق انفراجة في هذا الملف.
-
هناك احتمالية كبيرة لتفاعل الجمهور الإسرائيلي مع هذين النوعين من الانقسامات، مما قد يخلق موجة جديدة من الاحتجاجات.
-
رغم أن الزخم الشعبي قد يزداد بشكل ملحوظ، إلا أن التصعيد الأكبر قد يحدث إذا توقفت العمليات العسكرية في غزة وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
-
سيعود الانقسام الداخلي إلى الواجهة بعد توقف الحرب – حسب نافعة – مما قد يشكل تهديداً مباشراً لحكومة نتنياهو على المدى المتوسط.
-
لكن إذا تمكن نتنياهو من إطالة أمد المناورة السياسية واستمرار العمليات العسكرية لفترة أطول، فقد يصعب على الشارع الإسرائيلي التحرك بشكل جماهيري واسع النطاق.
-
المجتمع الإسرائيلي يعاني من غياب القيادات القادرة على توجيه عملية سلمية مع محيطه، حيث تسود فيه نزعة الهيمنة والسيطرة.
-
الانقسامات الداخلية ليست مجرد خلافات سياسية سطحية، بل هي عميقة وحقيقية، تدور حول محاور متعددة، وهي مرشحة للتصاعد في المستقبل القريب، دون وجود أي أمل في حلها.
-
منذ تأسيس “إسرائيل” عام 1948، لم يشهد هذا الكيان انقلاباً عسكرياً، ولم يقد أي جنرال الجيش للاستيلاء على السلطة.
-
لا يمكن استبعاد احتمال تدخل الجيش في السياسة إذا تفاقم الخلاف الداخلي إلى حد اندلاع حرب أهلية لإنقاذ “إسرائيل”.