الاخبار

هل يمهد العدوان الإسرائيلي على غزة لعملية تهجير قسرية؟

التهديدات تأتي ضمن مخططات إسرائيلية تسعى إلى تغيير التركيبة السكانية في غزة عبر التهجير القسري

في تطور خطير يهدد مصير سكان قطاع غزة، صدرت مؤخرًا تصريحات من وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تتضمن تهديدات مباشرة بتهجير سكان القطاع، ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتصعيداً غير مسبوق للأزمة الإنسانية في غزة.

وجاءت تهديدات كاتس متزامنة مع استئناف الاحتلال عدوانه على القطاع فجر الثلاثاء 18 مارس الجاري، حيث طالب عدداً من المدنيين بالنزوح من منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى داخل القطاع.

وفي 19 مارس، صعد كاتس لهجته التحريضية، متوعداَ سكان غزة بالمزيد من الإبادة والدمار، مشيراً إلى أن “القادم أصعب بكثير”، كما دعا إلى إجلاء المدنيين من مناطق القتال، محاولًا الترويج لما أسماه بـ”الهجرة الطوعية”، وهي خطوة تهدف إلى فرض واقع جديد يخدم الأجندة الإسرائيلية.

فكرة التهجير

وسبق تهديدات كاتس تصريح لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قال: “لقد حان الوقت لمنحهم حرية المغادرة… لقد حان الوقت لمنحهم حرية الاختيار”، في إشارة واضحة إلى نية الاحتلال تهجير سكان غزة قسراً.

وتعود فكرة تهجير سكان غزة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن عنها في فبراير الماضي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو.

وخلال المؤتمر، كشف ترامب عن عزمه الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه إلى عدد من الدول، من بينها سوريا، ومصر، والأردن، والصومال، والسودان، ما أثار استنكاراً دولياً واسعاً.

هذه التهديدات قوبلت بإدانات واسعة من الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة “حماس”، التي اعتبرت هذه التصريحات امتداداً لمشروع تهجيري ممنهج يستهدف اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.

كما حذرت مصر والأردن وقطر ودول عربية أخرى بشدة من خطورة هذه المخططات، مشيرين إلى تداعياتها الكارثية على الأمن الإقليمي واستقرار المنطقة.

وتعد هذه المخططات الإسرائيلية انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية، حيث يصنف التهجير القسري كجريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف.

وأكد خبراء القانون الدولي أن أي محاولة لفرض التهجير على سكان غزة ستفتح الباب أمام أزمة إنسانية غير مسبوقة، وستؤدي إلى تفاقم التوترات الإقليمية وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

دعوات إسرائيلية للتنفيذ

ويحمل التهجير القسري لسكان غزة تداعيات سياسية وأمنية خطيرة على دول الجوار، مثل مصر والأردن، اللتين ستواجهان تحديات ديموغرافية كبرى نتيجة تدفق اللاجئين.

كما أن هذه الخطط قد تخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي، مع تصاعد التوترات على الحدود، واحتمالية نشوب أزمات إنسانية تمتد تأثيراتها إلى المنطقة بأسرها.

وفي سياق متصل، كشفت القناة 12 العبرية أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل، إيتمار بن غفير، اشترط للعودة إلى الحكومة مشاركته في تنفيذ خطة “التهجير الطوعي” لسكان غزة، وهو ما أثار ردود فعل دولية غاضبة، حيث أعلنت واشنطن رفضها القاطع لهذه السياسات.

كما أفادت تقارير صحفية بأن “إسرائيل” هددت حركة “حماس” بأنها ستقوم بضم أجزاء من قطاع غزة إلى سيادتها مقابل كل أسير إسرائيلي يتم قتله، في محاولة للضغط على المقاومة الفلسطينية، وسط أنباء عن عدم توفر معلومات دقيقة حول أماكن احتجاز الأسرى الإسرائيليين، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني داخل القطاع.

في هذا السياق، نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية أن جيش الاحتلال غير قادر على تحديد مواقع احتجاز الأسرى بدقة، وهو ما يعكس حالة الفوضى داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مع استمرار العمليات العسكرية في غزة.

تهديدات جدية

الكاتب والمحلل السياسي، محمود حلمي، أكد أن “تصريحات كاتس ومن قبله ترامب ونتنياهو حول تهجير سكان قطاع غزة ليست مجرد تهديدات فارغة، بل تعكس نوايا حقيقية للسيطرة على كامل الأراضي الفلسطينية بدون سكان فلسطينيين”.

وأوضح حلمي في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن “الخطط الإسرائيلية لتهجير سكان القطاع تنفذ بالفعل على أرض الواقع، وأبرزها استئناف العدوان على غزة، وقتل أكثر من 500 فلسطيني في يوم واحد، مع تكثيف الغارات الجوية على المناطق السكنية”.

وأضاف حلمي أن “إسرائيل تسعى من خلال زيادة الضغط العسكري على قطاع غزة، وإغلاق المعابر، ومنع إدخال البضائع والمساعدات الإنسانية، إلى خلق حالة من الضيق واليأس لدى السكان، ودفعهم إلى التفكير في مغادرة القطاع بحثاً عن حياة أكثر استقراراً وأماناً”.

كما أشار إلى أن “سلطات الاحتلال تعمل بشكل ممنهج على تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة من خلال استهداف البنية التحتية، وقصف المستشفيات، وتعطيل الخدمات الأساسية، مما يدفع السكان إلى النزوح القسري نحو الحدود المصرية، وهو السيناريو الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه”.

وأكد حلمي أن “الاحتلال يهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية في قطاع غزة، وهو ما بدا واضحاً من خلال تصريحات كاتس التي كشفت بشكل صريح عن مخطط تهجير السكان في المستقبل القريب”.

كما اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، أن “العودة إلى الحرب من جديد لم تكن بسبب قضية الأسرى الإسرائيليين كما يروج لها الاحتلال، بل تأتي في إطار خطة متكاملة لتهجير سكان غزة قسراً، وتنفيذ مخططات ترامب التي لم يكتب لها النجاح في السابق”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى