هل تُمهد مباحثات عُمان لاتفاق جديد بين طهران وواشنطن؟

جرت محاولات متعددة لاستئناف الحوار أبرزها عبر مفاوضات غير مباشرة في فيينا خلال 2021 و2022.
من المتوقع أن يرأس الوفد الإيراني عباس عراقجي، بينما يقود الوفد الأمريكي مبعوث ترامب الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
في خضم أجواء إقليمية مشحونة ومحاولات متجددة لاحتواء التوتر بينهما، تعود إيران والولايات المتحدة إلى طاولة التفاوض عبر جولة مرتقبة في سلطنة عُمان.
الملفات العالقة كثيرة، والعقبات لا تزال قائمة، إلا أن الطرفين – رغم كل التباعد – يبدوان على استعداد لاختبار ما إذا كانت الدبلوماسية قادرة على تجنيب المنطقة موجة تصعيد جديدة، قد تكون الأشد منذ انهيار الاتفاق النووي قبل سبع سنوات.
وبينما تؤكد طهران أن المفاوضات ستقتصر على الملف النووي، تسعى واشنطن لتوسيع نطاق الحوار ليشمل برنامج إيران الصاروخي ونفوذها في المنطقة.
أما مسقط، فتستعد مرة أخرى لأداء دور الوسيط، مستندة إلى سجل طويل من التهدئة بين الخصمين اللدودين، فما المتوقع من هذه المحادثات؟
مفاوضات جديدة
على مدى السنوات الماضية، جرت محاولات متعددة لاستئناف الحوار، أبرزها عبر مفاوضات غير مباشرة في فيينا خلال 2021 و2022، بمشاركة القوى الأوروبية والاتحاد الأوروبي كوسطاء، لكنها تعثرت بسبب تباين المواقف بشأن تسلسل الخطوات، وضمانات رفع العقوبات، واستمرار إيران في تطوير برامجها الدفاعية.
الآن، وبعد أكثر من عام من الجمود، تعود المحادثات عبر وساطة عُمانية مجدداً، حيث تشير مصادر إيرانية مطلعة، إلى أن ثلاث قضايا رئيسية ستطرح على الطاولة هي:
- البرنامج النووي الإيراني
- دور طهران في في المنطقة
- ملف الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية.
لكن طهران، بحسب التصريحات الرسمية، تُصر على أن جدول أعمالها التفاوضي يقتصر فقط على الملف النووي، حيث نقلت وكالة “تسنيم” شبه الرسمية عن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله إن المباحثات “غير المباشرة” ستُعقد على مستوى رفيع، برعاية مسقط التي لعبت سابقاً دور الوسيط بين البلدين.
كما كتب عراقجي على منصة “إكس” أن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستدخل في مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط، دون شروط مسبقة، بهدف تقييم جدوى العودة إلى مسار تفاوضي فاعل” مؤكداً أن بلاده لن تقبل الضغوط السياسية أو التهديدات كأداة تفاوضية.
ويتكوف وعراقجي
ومن المتوقع أن يرأس الوفد الإيراني عباس عراقجي، بينما يقود الوفد الأمريكي مبعوث ترامب الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني إن “طهران وواشنطن ستعقدان في عمان محادثات غير مباشرة”.
وأضافت في مؤتمر صحفي (8 أبريل) أن “طهران تؤمن بمبدأ الحوار وأكدت سابقاً أنها ستخوض المفاوضات إذا خوطبت بلغة الاحترام”.
من جهته، قال البيت الأبيض إنه “ستكون هناك عواقب وخيمة إذا لم تختر إيران الدبلوماسية، وإن الرئيس ترامب فرض عقوبات مشددة على إيران وأوضح أن أمامها خيار التوصل لاتفاق أو دفع ثمن باهظ.
وتبقى فرص النجاح في هذه الجولة مرهونة بقدرة الطرفين على تجاوز العقبات التي أطاحت بالمحاولات السابقة، وأبرزها الخلاف على تسلسل التزامات الطرفين، وضمانات استمرار الاتفاق في حال تغيرت الإدارة الأمريكية، ورفض طهران أي قيود تمس برنامجها الدفاعي أو علاقاتها الإقليمية.
تهديد سابق ورفض
ولم تخلو لهجة ترامب خلال الأسابيع الماضية من التهديد شديد اللهجة، بعد سلسلة من العقوبات التي فرضتها إدارته، ضمن سياسة الضغوط القصوى لإجبار طهران على التراجع في الملف النووي، ووقف دعم الفصائل المسلحة إقليمياً.
كما سبق ورفضت إيران على لسان المرشد الأعلى علي خامنئي، دعوة ترامب إلى التفاوض، مشيراً إلى أن هدف واشنطن هو التآمر وفرض مطالبها.
وسابقاً كان الاتفاق النووي مع إيران ينص على تقليل اليورانيوم المخصب، وتقليل عدد الطرادات، لكن الأمر تغير حالياً، إذ رفعت الولايات المتحدة سقفها لتطالب طهران بالتخلي الكلي عن البرنامج النووي.
وشدد مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، مايك والتز، يوم 16 مارس الماضي، في مقابلة على شبكة “CBS”، “على ضرورة أن تتخلى إيران عن جميع جوانب برنامجها النووي، وضمن ذلك الصواريخ والتخصيب، مهدداً بعواقب وخيمة”.
كما أصبح لدى الولايات المتحدة مطالب أخرى من إيران، تتمثل في إيقاف الدعم للحوثيين، وتشجيع العراق على نزع سلاح الفصائل الموالية لطهران، ووقف تجارة النفط غير المشروع.
خلاف على التفاصيل
يؤكد الخبير في الشأن الإيراني المنسي، أنه “من الطبيعي أن يكون هناك خلافات كبيرة بين طهران وواشنطن” بشأن طبيعة المباحثات وطريقة مناقشة الملفات التي يجب نقاشها.
ويوضح لـ”الخليج أونلاين” بقوله:”
– الخلاف ليس على مبدأ أساسي بشأن إبرام اتفاق يماثل الاتفاق السابق ويقيد البرنامج النووي الإيراني ويمنع عسكرته، بل الخلاف في التفاصيل الملحقة بهذا المبدأ الأساس.
– من الصعب جداً إبرام اتفاق لوجود خلاف كبير بين الطرفين، لكن يبدوا أن الضغوط الأمريكية وتصعيد الضغوط خلال فترة المفاوضات سيجبر طهران على تقديم مزيداً من التنازلات لم يكن من الوارد أن تقدمها في الأحوال العادية.
– رغم أن محادثات مسقط المفترض أنها قريبة جداً بعد 3 أيام، إلا أنه لا يزال غير مؤكداً رغم تأكيد الطرفين عليها وقد يحدث أي شيء يوقفه.
– الخلاف حول نقطة كون المفاوضات مباشرة أو غير مباشرة قد يفشل المفاوضات في البداية كما هدد بعض المسؤولين في البلدين، ولكن أعتقد أن هذه التفاصيل ربما لن تعيق التوصل لاتفاق.
– كل طرف يريد أن يحصل على أقصى قدر من التنازلات من الطرف الآخر.
– واشنطن تبدو في موقف قوي وطهران في موقف ضعيف، ومع ذلك فالإيرانيين لن يتنازلوا بسهولة ولكن لا يعني ذلك أنهم لن يتنازلوا في النهاية، غير أنهم سيعملون على تقليل خسائرهم.