نوايا إلغاء الـ200 شيكل.. سلاح إسرائيلي جديد لخنق غزة اقتصادياً

تقديرات إسرائيلية: نحو 80% من أموال “حماس” النقدية موجودة على شكل أوراق نقدية من فئة 200 شيكل.
تواصل دولة الاحتلال الإسرائيلي استخدام أدوات الحرب غير التقليدية ضد قطاع غزة الذي يشهد إبادة جماعية مستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، وهذه المرة عبر الحديث عن خطة لإلغاء أو تقليص تداول فئة الـ200 شيكل النقدية، بهدف القضاء على ما تبقى من اقتصاد محلي.
وتصاعد الحديث داخل الأوساط الإسرائيلية الأمنية والاقتصادية عن “التضييق المالي” على غزة كجزء من استراتيجية أوسع لتدمير اقتصاد القطاع بشكل كامل، خاصة بعد فشل العمليات العسكرية في تحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية.
وتركزت الخطة على تقييد تداول العملة النقدية، لا سيما فئة 200 شيكل التي تعتبر كبيرة نسبيًا وسهلة الإخفاء والنقل، حيث تُستخدم، بحسب المزاعم الإسرائيلية، في تمويل العمليات الميدانية، دعم الأنشطة اللوجستية والعسكرية لـ”حماس”، وتحريك سوق السيولة النقدية داخل القطاع بعيداً عن الرقابة المصرفية الرسمية.
وطلب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر من محافظ “بنك إسرائيل” إلغاء الأوراق النقدية من فئة 200 شيكل بدعوة أن “حماس” تستخدمها.
وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن نحو 80% من أموال “حماس” النقدية موجودة على شكل أوراق نقدية من فئة 200 شيكل.
من جهته أوضح بنك “إسرائيل” أن صلاحية إلغاء الأوراق النقدية بموجب القانون تعود إلى محافظ البنك.
ورغم إثارة هذه القضية، لم يقدم حتى الآن مبرر قوي ومهني لإلغاء مشروع قانون أو آخر.
صحيفة “معاريف” العبرية، أكدت أن المقترحات التي طرحتها مختلف الأطراف في هذا الشأن لا تفي بأي معيار مهني، ولا توجد إمكانية لتطبيقها، ولم يتم عرضها بشكل منظم على المحافظ، ولم يتم تنسيقها بأي شكل من الأشكال مع بنك “إسرائيل”.
وأوضحت أن محافظ بنك “إسرائيل” لا ينوي ممارسة صلاحياته والعمل على إلغاء أي ورقة نقدية أو تغيير مزيج الأوراق النقدية المتداولة.
كما أكدت أن ورقة الـ200 شيكل المتداولة، مثل باقي الأوراق النقدية والعملات المعدنية، سيستمر استخدامها كالمعتاد.
وفق محللين اقتصاديين، تعد فئة الـ200 شيكل خياراً مثالياً لتخزين قيمة مالية كبيرة بأحجام صغيرة، في ظل غياب نظام مصرفي فعال بسبب الحصار على غزة.
ويعتمد الكثيرون في غزة، على النقد المباشر، وفئة 200 شيكل في تسهيل إجراء المدفوعات الكبيرة بسرية وسهولة، خاصة في ظل وجود أزمة سيولة نقدية بعد توقف إدخال الأموال للقطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.
قبول مبدئي
المختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أكد أن المقترح قدمه وزير خارجية الاحتلال وتم عرضه بالفعل على المجلس الوزاري المصغر “الكابينيت”، ولاقي قبولاً مبدئياً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الهدف الأساسي من ورائه هو “المعلومات التي تشير إلى أن حركة حماس تحتفظ بمبالغ نقدية كبيرة من فئة الـ200 شيكل داخل قطاع غزة، وبالتالي فإن إلغاء التعامل بهذه الفئة قد يتسبب لها بأزمة مالية خانقة”.
يقول منصور في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “المقترح ليس جديداً بالكامل، حيث سبق وطرح نتنياهو فكرة مشابهة سابقاً، ولكن لمواجهة عصابات الإجرام في الداخل الإسرائيلي التي كانت تمتلك مليارات الشواكل نقداً، لكنه فشل في تنفيذها”.
ويوضح منصور أن هذا القرار “لا يقع ضمن صلاحيات الحكومة الإسرائيلية، بل هو بيد محافظ بنك إسرائيل، ويتطلب المرور بإجراءات معقدة للغاية”.
في حديث ساعر الأخير، أشار إلى حل بديل يتمثل في “إلغاء عدد محدد من أوراق فئة الـ200 شيكل وفق أرقام تسلسلية معينة، وهذا الطرح قد يكون عملياً أكثر من الإلغاء الكامل، لأنه يسمح بتحديد الأموال المشبوهة دون تعطيل حركة الاقتصاد بشكل كامل”، وفقاً لمنصور.
وحول إمكانية نجاح هذا المخطط، يقول منصور: “لا أستطيع أن أجزم إن كان سينجح أم لا. لكن الأكيد أن تنفيذ الخطة ليس سهلاً إطلاقاً، وهو قرار له تداعيات اقتصادية وقانونية معقدة جداً، وقد يؤدي إلى ارتباك في السوق الإسرائيلي ذاته، كما أن إلغاء فئة نقدية متداولة على نطاق واسع قد يثير مشكلات سياسية داخلية وانتقادات من مؤسسات مالية دولية”.
يرى المختص منصور أن الحديث الإسرائيلي عن إلغاء فئة الـ200 شيكل يندرج ضمن “الحرب الاقتصادية” على غزة، لكنه “إجراء معقد، محفوف بالمخاطر، ولا تملك الحكومة وحدها صلاحية تنفيذه، مما يجعله خطوة صعبة الإنجاز على المدى القريب”.
فكرة سريعة
المختص الاقتصادي محمد أبو قمر، اعتبر في منشور عبر حسابه بموقع “فيسبوك”، أشار إلى أن “حوالي 80% من أموال حماس محفوظة على شكل أوراق نقدية من فئة الـ200 شيكل، وهي نسبة لا تستند إلى معلومات مؤكدة، بل إلى حقيقة أن هذه الفئة تمثل 75% من إجمالي النقد المتداول في السوق الإسرائيلي، أي ما يعادل 101 مليار شيكل”.
ورأى أن “هذه طريقة غير مجدية اقتصادياً، حتى لو جرى تطبيقها، فهي ستؤدي إلى سحب مزيد من السيولة من أسواق غزة، وستضرب الثقة بالورقة النقدية الأكبر والأهم”.
واعتبر أن الخطة “ستضر المواطن البسيط بشكل مباشر، بل وقد تكون جزءاً من استكمال تدمير ما تبقى من القطاع المصرفي الضعيف أصلاً في غزة”.
وأشار إلى أن “خطة تلوين أو استبدال أوراق الـ200 شيكل لن تحقق هدفها المعلن بإضعاف حماس، بل ستفتح على إسرائيل باباً واسعاً من الأزمات الاقتصادية والقانونية، وقد تعصف بثقة المواطنين بعملتهم الوطنية”.