الاخبار

نهب المساعدات في غزة.. مخطط إسرائيلي لتجويع المدنيين عبر الفوضى

عمليات النهب تلك ممنهجة ومنظمة، وتتم في ظل صمت وتواطؤ من جيش الاحتلال الإسرائيلي

بمجرد دخول شاحنات المساعدات الإنسانية عبر طريق صلاح الدين، الذي يعد الشريان الرئيس الرابط بين جنوب قطاع غزة وشماله، تبدأ مجموعات من اللصوص وقطاع الطرق بمهاجمة هذه الشاحنات وسرقة كميات كبيرة من الدقيق والمواد الغذائية قبل أن تصل إلى المخازن التابعة لبرنامج الأغذية العالمي.

ووفق ما علمت “الخليج أونلاين” من مصادر محلية مطلعة، فإن هناك تعمداً واضحاً من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي لعرقلة وصول هذه المساعدات إلى وجهتها المحددة، في محاولة للإبقاء على أزمة نقص الدقيق قائمة، وتعميق حالة المجاعة التي يعيشها سكان قطاع غزة في ظل الحصار المستمر والعدوان المتواصل.

وأكدت المصادر أن جيش الاحتلال لا يكتفي بعدم تأمين مرور شاحنات الإغاثة، بل يطلق النار على كل من يحاول مرافقة هذه الشاحنات أو تأمين وصولها، ويحرص على إدخالها إلى مناطق مكتظة بالنازحين الجوعى، وهي في الغالب أماكن تنتشر فيها العصابات المحلية وقطاع الطرق.

وأوضحت المصادر أن معظم الشاحنات تنهب فور دخولها، ويعاد بيع الدقيق المنهوب بأسعار باهظة جدًا في السوق السوداء، وهو ما يحرم آلاف العائلات الفلسطينية من الحصول على حصصهم العادلة من المساعدات الغذائية التي تُعتبر شريان حياة رئيسيًا في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية.

وخلال الأشهر الماضية، نفذ جيش الاحتلال سلسلة من الهجمات استهدفت فرق تأمين قوافل المساعدات التي تحاول إيصال الغذاء والدواء إلى السكان، في سياسة وصفتها جهات حقوقية بأنها منهجية، تهدف إلى تسهيل عمليات النهب التي تقوم بها عصابات محلية تتلقى دعمًا غير مباشر من سلطات الاحتلال، وذلك كجزء من سياسة ممنهجة لتجويع الفلسطينيين وترهيبهم.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، نقلاً عن مصادر في منظمات إغاثة دولية عاملة في غزة رفضت ذكر أسمائها، أن “جيش الاحتلال يسمح عمداً لمسلحين محليين بنهب شاحنات المساعدات، ويغض الطرف عن ابتزازهم للسائقين تحت ما يسمى (أموال الحماية)”.

وأضافت الصحيفة أن “قسماً كبيراً من الشاحنات التي تدخل عبر معبر كرم أبو سالم يمنع من الوصول إلى مخازنه أو مستحقيه، ويتم اعتراضها من قبل المسلحين”.

وأكدت أن عمليات النهب تلك ممنهجة ومنظمة، وتتم في ظل صمت وتواطؤ من جيش الاحتلال الإسرائيلي، خصوصًا أن المنظمات الدولية ترفض الرضوخ لابتزاز ما يسمى “أموال الحماية”.

مخطط مدبر

من جهتها، حذرت الهيئة العليا لشؤون العشائر في قطاع غزة، من مخطط إسرائيلي خطير يهدف إلى سرقة المساعدات الإنسانية القادمة إلى القطاع، وذلك عبر عصابات محلية تعمل تحت إشراف مباشر من جيش الاحتلال الإسرائيلي، في محاولة متواصلة لتجويع السكان ودفعهم نحو خيارات كارثية، منها التهجير القسري.

وقالت الهيئة، في تصريح وصل “الخليج أونلاين” نسخة منه، إن “الاحتلال يمنع بشكل متعمد أي جهود فلسطينية لحماية قوافل المساعدات القادمة إلى غزة، ويسعى لتنفيذ مخطط خبيث يقوم على فوضى منضبطة تنفذها مجموعات لصوصية بإشرافه المباشر”.

وأضاف البيان أن هذا السلوك يعد جزءاً من سياسة ممنهجة لنهب المساعدات وتجويع السكان، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لكل الأعراف والقوانين الإنسانية والدولية.

وشددت الهيئة على رفض الاحتلال توفير أي حماية لشاحنات المساعدات القادمة من معبر كرم أبو سالم، وهو ما يجعلها فريسة سهلة للعصابات التي تعمل تحت مظلته.

ولفت البيان إلى أن جيش الإسرائيلي يلعب دوراً محورياً في تغذية الفوضى داخل القطاع، من خلال دعم مجموعات من العملاء واللصوص الذين تخلوا عن قيمهم الوطنية والعشائرية، مقابل المال والنفوذ.

ودعت الهيئة إلى رفع الغطاء الوطني والعشائري عن هؤلاء، ووصفتهم بأنهم “أداة بيد الاحتلال ينفذون بها مشروعه الإجرامي”.

غضب أممي

من جهتها، أعربت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” عن قلقها البالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني في غزة، مؤكدة أن الأمم المتحدة أثبتت، خلال فترات وقف إطلاق النار السابقة، قدرتها على إيصال المساعدات بأمان وعلى نطاق واسع، عندما تُتاح الظروف الأمنية واللوجستية الملائمة.

وقالت الأونروا، في تصريح وصل “الخليج أونلاين”: “لقد أثبتنا أن لدينا القدرة الكاملة على إدارة عمليات إيصال المساعدات بفعالية، ونحتاج فقط إلى تأمين الوصول لضمان تسليم المساعدات إلى من هم بأمسّ الحاجة لها”.

وشددت الوكالة على أن آليات التوزيع الحالية لا تستجيب للاحتياجات العاجلة، لا سيما في ظل تدهور الوضع الصحي للمرضى وكبار السن والجرحى، الذين يُواجهون ظروفًا مأساوية في ظل نقص الغذاء والدواء وغياب البنية التحتية الصحية.

وأضافت: “الأونروا تدير حالياً أكبر عملية توزيع غذائي تابعة للأمم المتحدة في العالم، ولدينا مخزون من الإمدادات الجاهزة، ولكن ما نحتاجه هو السماح لنا بالوصول الفوري والمباشر إلى المستحقين، فالوقت لا يعمل لصالحنا”.

وأكدت الوكالة أن لديها نظام مراقبة فعال يضمن توصيل المساعدات مباشرة من موظفي الأمم المتحدة إلى المدنيين المحتاجين، دون تدخلات أو وسطاء.

وأشارت إلى أن تعمد تعطيل هذا النظام يزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية، ويمنعنا من القيام بدورنا الإنساني بشكل فعّال.

كما شددت على أن استمرار تدفق المساعدات عبر الأمم المتحدة، وبشكل خاص من خلال وكالتها التي تمتلك آلاف الموظفين المنتشرين ميدانيًا في القطاع، هو الخيار الوحيد لتفادي انهيار الوضع الإنساني الكامل، ومنع المجاعة الوشيكة التي تهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى