نجاح بيئي.. السعودية على أبواب الانتصار في حربها على الغبار

العواصف الرملية في السعودية هي ظاهرة طبيعية تحدث عندما تنشط الرياح القوية في المناطق الصحراوية والجافة.
تسبب انخفاضاً شديداً في مدى الرؤية وتؤثر على البيئة والبشر بشكل كبير.
غالباً ما تحدث هذه العواصف في المملكة خلال الفصول الجافة والحارة، لكنها يمكن أن تحدث في أي وقت من السنة.
لا يمكن المرور على تمكن السعودية من تقليص العواصف الرملية في المملكة، دون التطرق إلى أسباب هذا النجاح الذي يشير في أهميته لوجود خطط مدروسة ورؤية صحيحة تسير على وفقها الدولة الخليجية، مكنتها من تحقيق تقدم في مواجهة الغبار وتقليص مضاره البيئية والصحية والاقتصادية.
السعودية تُعرف بوجود “الربع الخالي”، أكبر صحراء متصلة في العالم، وهي جزء من الصحراء العربية التي تمتد من اليمن إلى دول الخليج والعراق والأردن، ويكون للمملكة الحصة الكبرى فيها، حيث تمثل 67.7% من مجمل التجمعات الرملية في البلاد.
تلك الصحراء سبب رئيسي لوجود العواصف الرملية في السعودية، لا سيما أنها تمتاز بوجود الرمال الناعمة المتحركة التي يسهل تحولها إلى عاصفة رملية مع هبوب الرياح.
والسعودية عُرفت بطقسها الذي يتعرض بشكل مستمر لعواصف رملية، تؤثر على طبيعة الحياة اليومية والممارسات المختلفة، خاصة أن المملكة يؤمها ملايين المسلمين على مدار العام للحج والعمرة.
عوامل وأسباب
العواصف الرملية في السعودية هي ظاهرة طبيعية تحدث عندما تنشط الرياح القوية في المناطق الصحراوية والجافة، وهو ما يؤدي إلى رفع ونقل كميات كبيرة من الرمال والغبار في الهواء.
يمكن أن تنتقل هذه الجسيمات عبر مسافات طويلة، وقد تسبب انخفاضاً شديداً في مدى الرؤية وتؤثر على البيئة والبشر بشكل كبير.
غالباً ما تحدث هذه العواصف في المملكة خلال الفصول الجافة والحارة، لكنها يمكن أن تحدث في أي وقت من السنة.
تتعدد العوامل التي تؤثر في ظاهرة العواصف الرملية في السعودية، وأهمها:
- الموقع الجغرافي للمملكة، إذ إنّها تقع في أقصى نقطة من الجنوب الغربي لقارة آسيا.
- الموقع الفلكي للمملكة؛ إذ إنّها تقع بين خطيّ الطول 16 و32، وخطيّ العرض 34 و56.
- ارتفاع سرعة الرياح التي تتصاحب مع المنخفضات الجوية.
- يُشكّل الغطاء الرملي في السعودية ما نسبته 34% من المساحة الكلية للمملكة، ممّا يزيد من نشاط وسرعة العواصف الرملية.
- تؤدي قلة الغطاء النباتي في المملكة، وعدم تماسك التربة وانسيابها أثناء الرياح إلى زيادة العواصف الرملية.
- تتأثر العواصف الرملية في المملكة بمجموعة متنوعة من العوامل الخارجية وأهمها؛ المنخفضات الجوية، والتيارات الهوائية التي تنتج بسبب انعدام الاستقرار الجوي في البلاد.
أنواع العواصف الرملية
يذكر موقع “طقس العرب”، أن العواصف الرملية تبدأ عندما تتمكن الرياح القوية من حمل جزيئات الغبار والتربة السطحية.
وتقسم العواصف الرملية أو الترابية لأنواع، وتشمل:
- العواصف الرملية الجبهية، وتتكون عندما يغزو الهواء البارد والجاف أجواء المناطق الصحراوية بالتزامن مع وجود كتلة هوائية محلية حارة وجافة.
- العواصف الرملية المنقولة؛ وتحدث عند إثارة الغبار في مناطق صغيرة وانتقاله إلى مناطق واسعة.
- العواصف الرملية الناتجة عن انحدار قيم الضغط الجوي؛ وتحدث عند اختلاف قيم الضغط الجوي بسبب تزايد نشاط الرياح المثيرة للغبار.
- العواصف الرملية الناتجة عن الرياح الهابطة من السحب الركامية الرعدية؛ حيث تعمل السحب على تبريد الهواء أسفلها، فتزداد كثافة الهواء، ويندفع بقوة نحو الأسفل مسبباً عاصفة رملية جدارية أحياناً.
- الزوبعة الرملية؛ وتنتج عندما تسخن الشمس الأرض في فترات الظهيرة، مما يقلل كثافة الهواء في بقعة صغيرة، فيؤدي ذلك إلى دوران الهواء المثير للغبار.
- الحصى المندفعة؛ ويحدث ذلك عندما تدفع الرياح الحصى الصغيرة والرمال مسببة إثارة الغبار والأتربة.
نجاح سعودي كبير
بحسب ما ذكر علماء تابعون للأمم المتحدة لشبكة “سي بي سي”، تعدّ منطقة الشرق الأوسط المنطقة الأكثر تأثراً بالزيادة الكبيرة في العواصف الترابية التي يشهدها العالم، وأوضحوا أن لذلك تأثيراً سلبياً كبيراً على صحة سكان المنطقة.
وتشمل أضراره أيضاً الاقتصاد حيث يتسبب بتعطيل مشاريع وأعمال عديدة، فضلاً عن تأثيره على الزراعة وجودة المياه وحركة المطارات وتوليد الطاقة النظيفة.
كل تلك العوامل والأسباب تجعل من السعودية بلداً يصعب السيطرة على العواصف الترابية فيه، لكن تلك السيطرة يبدو أنها لم تكن مستحيلة رغم صعوبتها.
ووضعت السعودية خططاً عديدة للقضاء على العواصف الترابية، ساهمت فيها جهات حكومية ومدنية عديدة، شملت مبادرات للتشجير ساهم فيها المواطنون، وحملات مختلفة للحفاظ على البيئة وتنمية الحياة الفطرية.
حصاد هذه المشاريع كان الانخفاض الكبير بعدد العواصف الرملية، تدريجياً حتى وصف عام 2023 بأنه أقل الأعوام تسجيلاً للعواصف الترابية في السعودية مقارنة بالفترة من عام 2003 إلى 2022.
وأحدث ما طرأ في هذا الشأن كشفت عنه الهيئة الملكية لمدينة الرياض أخيراً، عن أن العاصمة سجلت 13 يوماً فقط من العواصف الغبارية، خلال عام 2024، وهو أقل معدل يرصد خلال السنوات الخمس الماضية، بانخفاض نسبته 24% مقارنة بعام 2023.
وأفاد المركز الإقليمي للتحذير من العواصف الغبارية والرملية بأن تلك العواصف شهدت تراجعاً ملحوظاً في المملكة، مسجلة انخفاضاً بنسبة 80% خلال العام الماضي.
الأسباب الرئيسية لانخفاض نسبة حدوث العواصف الرملية والغبارية في المملكة، لخصها المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للعواصف الغبارية، جمعان القحطاني، ونقلها موقع “العربية نت”:
- تنظيم عملية الرعي والحفاظ على الغطاء النباتي.
- جهود منظومة بيئية وطنية لحماية الحياة الفطرية.
- جهود المحميات الملكية التي أدت دوراً كبيراً في تنظيم عملية الرعي والحفاظ على الغطاء النباتي.
- المبادرات البيئية مثل مبادرة “السعودية الخضراء” التي تستهدف زراعة 10 مليارات شجرة في كافة أنحاء المملكة وتخفيف نسبة الكربون وغيرها.
- هطول الأمطار بكميات مناسبة وفي الأوقات المناسبة، ما أدى لتنمية الغطاء النباتي وتماسُك التربة.