الاخبار

من القبر إلى الحياة.. أسير محرر يروي تفاصيل اعتقاله في السجون الإسرائيلية

تعرض الأسير أحمد عدنان للضرب والتعذيب النفسي داخل سجون الاحتلال

“خرجنا من الظلام إلى النور بعد شهور من الذل والعذاب” بهذه الجملة اختصر الأسير المحرر أحمد عدنان ما حصل معه داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة اعتقاله التي دامت 13 شهراً.

خرج عدنان (27 عامًا) بجسد هزيل وملامح جديدة، ضمن الدفعة السابعة من صفقة التبادل التي جرت بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” و”إسرائيل”، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته دولة قطر ومصر والولايات المتحدة.

كما يعكس جسده الآلام والليالي والأوقات الصعبة التي قضاها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، خلال عدوانه على قطاع غزة، وما تعرض له الأسرى من تعذيب غير آدمي، وتجاوز الاحتلال كل القوانين الدولية.

انتهكوا آدميتنا

داخل خيمة في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة، عاد “عدنان” محرراً لاستقبال المهنئين بخروجه بعد قصف جيش الاحتلال لمنزله خلال هجومه على المدينة عبر تفخيخه بالديناميت.

بتنهيدة يقول “عدنان” في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “أستطيع اختصار عام وشهر من الاعتقال بهذه الكلمات: انتهكوا آدميتنا، وسلبونا كل حقوقنا، وافترسوا أجسادنا من خلال تجويعنا، وإطلاق الكلاب علينا”.

أصعب ما واجهه عدنان خلال رحلة الاعتقال كانت اللحظات الأولى لاعتقاله على حاجز وضعه جيش الاحتلال الإسرائيلي غرب مدينة خان يونس، وهو التحقيق الميداني، حيث انهال عليه الجنود بالضرب المبرح، وإطلاق النار بين قدميه.

يقول عدنان: “كنت موجوداً في مستشفى ناصر برفقة أخي الجريح، وحين وصل جيش الاحتلال بدباباته إلى ساحات المستشفى طلبوا منا الخروج إلى غرب خان يونس، وكان هناك جنود وضعوا ما يعرف بالحلابة. عند الوصول إليها ناداني الجندي وطلب مني الذهاب إلى حفرة تم حفرها من قبل الجرافات”.

قبل وضع عدنان في الحفرة، ناداه جندي وطلب منه وضع يديه خلف ظهره والنظر إلى جهة الغرب، وقال له “استعد سيتم إعدامك الآن”، وبالفعل أطلق الجندي الرصاص بجوار رأسه، ضمن الضغط النفسي على الأسرى.

هنا، شعر عدنان أنه تم قتله بعد إطلاق الرصاص عليه، ولكن بعد دقائق ذهب طنين الرصاص من أذنه، ليعلم أنه حي والجندي لم يقتله وأراد تخويفه وتحطيم نفسيته.

أوقات صعبة

من داخل الحفرة بدأت قصة عدنان في الأسر داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث انتقل بآلية عسكرية مكبل اليدين ومعصوب العينين إلى داخل الأراضي المحتلة، والضرب لا يتوقف على جسده من قبل الجنود.

يروي الأسير المحرر الأوقات الأولى الصعبة التي قضاها خلال رحلة نقله من غرب خان يونس إلى داخل الأراضي المحتلة، حيث قام أحد الجنود بالتبول عليه مع الأسرى، وشتمه بألفاظ نابية، ثم إطلاق الكلاب المتوحشة عليهم خلال نزولهم إلى السجن.

وصل عدنان برفقة عشرات الأسرى إلى قفص من الشباك داخل الأراضي المحتلة، وأرضيته من الحصى، وكان ذلك في شهر يناير 2023، أي في شدة برودة الطقس، إذ تعمد الجنود خلع كل الملابس عن جسده.

وضعه الجنود في مكان ضيق ومغلق، وحرموه خلال الأربعين يومًا الأولى من النوم ودخول الحمام للاستحمام والنظافة الشخصية، وقدموا له القليل من الطعام والماء خلال تلك الفترة.

في التحقيق، كان الجنود يضربونه بالعصي على أماكن حساسة من جسده، والتركيز على ركبته، ثم وضعه في زنزانة لا تتعدى مساحتها المتر الواحد، واقفًا لأكثر من 20 ساعة، حتى يصاب بالدوران.

ما يتذكره عدنان من أسوأ الأيام الأولى لاعتقاله هو دخول قوات القمع الخاصة بمصلحة السجون الإسرائيلية إلى الأقفاص الموجودين فيها، وضربهم بالهروات، وتعريتهم من جميع ملابسهم، وإطلاق الكلاب عليهم.

خلال التحقيق، تعرض عدنان للتعذيب النفسي إلى جانب الأذى من قبل المحققين، حيث عرض عليه المحقق صورة لمنزله بعد قصفه، وهدده بقتل جميع أفراد عائلته وهو داخل الأسر.

بعد 4 أيام من التحقيق القاسي، انتقل من سجن الأقفاص إلى الخيام في النقب، ولكن كانت الخيمة داخل 3 أقفاص، ويتواجد بها أكثر من 30 أسيرًا في مساحة تقدر بـ4 أمتار بـ4 فقط.

سلاح الجوع

في الخيمة، كانت الأوضاع أكثر صعوبة من القفص، حسب عدنان، حيث استخدم السجانون الجوع كسلاح، ودخول الحمام أيضًا للاستحمام، والفراش للدفء، والملابس، وأدوات النظافة.

حرم الاحتلال الأسير الفلسطيني المحرر ومن معه من حقهم في العلاج، والتواصل مع المحامين، أو العرض على أي محكمة، حتى جاء موعد الإفراج عنهم ضمن الدفعة السابعة من صفقة التبادل ضمن المرحلة الأولى.

كانت الأيام الأخيرة للإفراج عن عدنان الأكثر صعوبة وقسوة في حياته، حيث قام الاحتلال بوضعه مع عشرات الأسرى داخل سجن نقلوا إليه عند الفجر يوم السبت 22 فبراير الجاري، تمهيدًا للإفراج عنهم، ولكن عند اللحظات الأخيرة تم إعادتهم للسجون وتعليق الإفراج لأسباب سياسية.

شعر عدنان في هذه اللحظات أن صخرة كبيرة انطبقت على جسده بفعل تراجع الاحتلال عن الإفراج عنه، وعاش أيامًا صعبة داخل الأسر كونه وصل إلى مرحلة الإفراج والخروج من القبر إلى الحياة.

بعد أسبوع كامل خرج من الأسر ضمن صفقة التبادل، والتقى عائلته ووالديه بعناق حار وشديد، ولكن أصيبوا بالصدمة والذهول بسبب ما وصل إليه جسده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى