من الفنون إلى الاستثمار.. المتاحف الخليجية في قلب التنمية

من متحف اللوفر أبوظبي إلى متحف قطر الوطني ومتحف الفن الإسلامي إلى المتاحف الوطنية في بقية دول الخليج، تلعب هذه المؤسسات دوراً محورياً في إعادة تشكيل المشهد الثقافي والاقتصادي للمنطقة.
في إطار سعيها لتنويع مصادر دخلها وتعزيز نموها الاقتصادي، شهدت دول الخليج نهضة ثقافية بارزة، تجلّت في تطوير المتاحف بصفتها ليست فقط مراكز للفنون والتراث بل أيضاً لكونها محركات للسياحة والاستثمار.
أحدث ما جاء في هذا الشأن كان إعلان الشيخة ريم آل ثاني، نائبة الرئيس التنفيذي بالوكالة للمعارض والتسويق ومديرة إدارة المعارض المركزية في “متاحف قطر”، بأن الدوحة تستعد لافتتاح 4 متاحف مختلفة، تستهدف فئات متنوعة من الزوار.
كما أضافت في تصريحات لـ”الجزيرة نت” (13 مارس)، أن قطر تعمل على تقديم شكل جديد للسياح الأوروبيين من خلال القصص التي تقدمها المتاحف على سبيل المثال، وطريقة المغامرات في الصحراء التي لا تبعد كثيراً عن البحر.
متاحف الخليج
من متحف اللوفر أبوظبي إلى متحف قطر الوطني ومتحف الفن الإسلامي إلى المتاحف الوطنية في بقية دول الخليج، تلعب هذه المؤسسات دوراً محورياً في إعادة تشكيل المشهد الثقافي والاقتصادي للمنطقة.
تشكل المتاحف في دول الخليج اليوم نقطة التقاء بين الفن والاقتصاد، حيث تلعب دوراً رئيسياً في إثراء المشهد الثقافي وتعزيز التنمية الاقتصادية.
ومع استمرار الاستثمار في هذا القطاع، يمكن لهذه المتاحف أن تصبح ليس فقط معالم سياحية، بل محركات رئيسية للنمو الاقتصادي والمعرفي في المنطقة.
كما تمثل المتاحف في الخليج جسوراً بين الماضي والحاضر، حيث تسلط الضوء على التراث العربي والإسلامي، وتوفر منصات للفن المعاصر والحوار الثقافي.
هذه المتاحف تساهم في توثيق وعرض الموروث الثقافي والتاريخي للمنطقة، مثل المتحف الوطني السعودي الذي يعرض تطور المملكة من العصور القديمة إلى العصر الحديث.
وتستضيف المتاحف الخليجية معارض عالمية كبرى، مثل استضافة متحف اللوفر أبوظبي للقطع الفنية الأوروبية، مما يعزز الحوار الثقافي مع العالم.
وتوفر متاحف مثل “المتحف العربي للفن الحديث” في الدوحة فرصاً للفنانين الخليجيين والعالميين لعرض أعمالهم، مما يدعم المشهد الفني في المنطقة.
رافد اقتصادي
إلى جانب دورها الثقافي، أصبحت المتاحف في الخليج رافداً اقتصادياً مهماً، حيث تساهم في تنشيط السياحة وخلق فرص استثمارية جديدة.
وتشير التقارير الواردة عن المتاحف الخليجية إلى ان هذه المؤسسات تجذب أعداداً كبيرة من الزوار والسائحين سنوياً؛ مما يدعم قطاع الضيافة والخدمات.
وهي أيضاً توفر فرص عمل، وتساهم في خطط دول الخليج الساعية إلى تقليل الاعتماد على النفط، ما يجعل المتاحف تشكل جزءاً من استراتيجيات التنمية المستدامة، خاصة أن بعض الدول تعتمد على المتاحف في تعزيز اقتصاد المعرفة والصناعات الإبداعية.
في هذا الشأن يؤكد الخبير الاقتصادي نبيل جبار التميمي، أهمية المتاحف التي بدأت دول الخليج بالاهتمام بها مؤخراً، بأنها تمثل فرصة اقتصادية مهمة لتعزيز السياحة الأثرية والثقافية.
لكن التميمي الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين” يرى أن مثل هذه الخطوات يجب أن تأتي بعد تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين.
ويلفت التميمي إلى أنه رغم الأولوية الحالية في دول الخليج هي تلبية الضروريات الأساسية، مثل الأمن والخدمات والبنية التحتية، فإن تطوير المتاحف التي تحتفي بالتراث والتاريخ، من الحقب المختلفة يمكن أن يصبح عاملاً رئيسياً في تنشيط السياحة الثقافية مستقبلاً.
وبحسب قوله فإن تنشيط السياحة الأثرية والتراثية يحتاج إلى استراتيجية واضحة، تركز على بناء المتاحف وتطويرها بصورة مستدامة.
وشدد على ضرورة أن يحدث ذلك بعد أن تصل الدولة إلى مستوى جيد من تلبية احتياجات مواطنيها الأساسية، “لضمان نجاح واستمرارية هذه المشاريع”.
أهم المتاحف في دول الخليج
السعودية
- “المتحف الوطني السعودي” في الرياض، يحكي تاريخ الجزيرة العربية منذ عصور ما قبل التاريخ.
- “متحف عمارة الحرمين الشريفين” في مكة المكرمة، يوثق فن العمارة الإسلامية في الحرمين الشريفين.
- “متحف دار المدينة” في المدينة المنورة، يضم مقتنيات وصوراً نادرة تروي حضارتها الإسلامية منذ العهد النبوي.
- “متحف دار الفنون الإسلامية” في جدة، يضم مقتنيات نادرة تعكس تطور الفنون الإسلامية عبر العصور.
قطر
- “متحف قطر الوطني” يقدم تجربة متكاملة عن تاريخ قطر وتطورها، وتاريخ الحياة في شبه الجزيرة العربية.
- “متحف الفن الإسلامي” يضم مقتنيات نادرة من الفنون الإسلامية.
- “متحف 3-2-1 الأولمبي والرياضي” يعرض تاريخ الرياضة عالمياً وإقليمياً.
- “المتحف العربي للفن الحديث”، أحد أبرز المتاحف المتخصصة في قطر والمنطقة، حيث يُركز على إبراز الهوية الثقافية العربية في الفن الحديث.
الإمارات
- متحف اللوفر أبوظبي – يعرض مقتنيات عالمية تعكس التفاعل بين الثقافات المختلفة.
- متحف المستقبل (دبي) – يقدم تجربة استشرافية للتطورات العلمية والتكنولوجية.
- متحف الاتحاد (دبي) – يوثق تاريخ تأسيس دولة الإمارات.
- متحف الشارقة للحضارة الإسلامية – يعرض الفنون الإسلامية والتحف النادرة.
الكويت
- “المتحف الوطني الكويتي”، يعرض تاريخ الكويت وتراثها الشعبي.
- “متحف الكويت البحري”، يعرض تاريخ الملاحة البحرية في الكويت
- “متحف طارق رجب”، يضم مجموعات من المخطوطات الإسلامية والمجوهرات القديمة.
- “متحف السيارات التاريخية والقديمة والتقليدية”، يعرض سيارات نادرة تعكس تاريخ النقل في الكويت.
البحرين
- “متحف البحرين الوطني” يوثق تاريخ البحرين وحضارتها.
- “متحف بيت القرآن” يضم مجموعة نادرة من المصاحف والمخطوطات الإسلامية.
- “متحف قلعة البحرين” يعرض آثاراً تعود إلى حضارة دلمون.
عُمان
- “المتحف الوطني العماني” يبرز التراث والتاريخ في السلطنة وتاريخها البحري.
- “متحف بيت الزبير”، يعرض التحف التقليدية والأسلحة العمانية.
- “متحف التاريخ الطبيعي”، يركز على البيئة والتنوع الحيوي في عمان.
دور محوري في حفظ التراث
الفنان التشكيلي العراقي حيدر هاشم، مدير قاعة أكد للفنون التشكيلية، الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين” يؤكد أهمية التطور الكبير الذي تشهده دول الخليج العربي في مجال إنشاء المتاحف.
وأشار هاشم إلى الحرص الذي توليه الدول المتقدمة على إقامة المتاحف بمختلف تخصصاتها، لما لهذه المؤسسات من دور محوري في حفظ التراث الإنساني وتوثيق تاريخ الشعوب وحياتها عبر العصور.
وأضاف هاشم أن “التاريخ الإنساني وصل إلينا اليوم بفضل ما تحتفظ به المتاحف من ألواح ورُقُم طينية ومخطوطات قيّمة، كانت تسجل أنظمة وقوانين الحياة القديمة وطريقة عيش الشعوب”.
وحول أهمية انتشار هذه المؤسسات الثقافية في الخليج يجد هاشم أن “المتاحف تُعد المكان الأمثل للحفاظ على المقتنيات الأثرية النادرة، باعتبارها الإرث الإنساني الأهم الذي يعكس حضارات الأمم وتاريخها”.
هذه المتاحف من ناحية أخرى تمثل بالنسبة لدول الخليج مثلما تمثله لبقية الدول من كونها “واجهة ثقافية وسياحية بارزة، تعكس مستوى تقدمها وأهميتها الحضارية أمام السياح والزائرين”.
ويلفت أيضاً إلى دور المتاحف التوعوي في المجتمع، مبيناً أنها تقدم معلومات تاريخية وثقافية موثقة عبر القطع الأثرية والأعمال الفنية والمخطوطات، مما يجعلها مرجعاً رئيسياً للباحثين والمهتمين بالتاريخ والحضارات، بحسب هاشم.