الاخبار

معرض الدوحة للكتاب.. حضور خليجي لافت يبرز عمق الإرث الثقافي

يهدف المعرض إلى تعزيز مكانة الكتاب في دولة قطر والعالم، من خلال شراكات استراتيجية مع جهات محلية ودولية

تحت شعار “من النقش إلى الكتابة”، انطلقت الخميس (8 مايو 2025) فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين من معرض الدوحة الدولي للكتاب، وذلك في مركز المعارض والمؤتمرات بالعاصمة القطرية.

ويهدف المعرض إلى تعزيز مكانة الكتاب في قطر والعالم، من خلال شراكات استراتيجية مع جهات محلية ودولية، حيث تشارك في هذه الدورة 42 دولة و522 دار نشر، ومن المقرر أن تستمر الفعاليات حتى 17 مايو الجاري.

وتُعد هذه النسخة الأضخم في تاريخ المعرض من حيث عدد دور النشر، وتنوّع الفعاليات الثقافية المصاحبة، وعدد الكتب المعروضة التي تجاوزت 166 ألف عنوان، تشمل مجالات الأدب والفكر والثقافة والعلوم، إلى جانب الروايات وكتب الأطفال.

ويضم المعرض العديد من الدورات وورش عمل القراءة، وكذلك الفعاليات الثقافية التي تتناسب مع مختلف فئات المجتمع، وتثري المشهد الثقافي، كما ويضم المعرض أيضاً محاضرات وندوات، وذلك من أجل إثراء المحتوى الفكري والثقافي بالمعرض الذي يستقطب جميع الفئات العمرية.

المشاركة الخليجية 

وتشهد النسخة الحالية من المعرض مشاركة واسعة من دول مجلس التعاون الخليجي، (المملكة العربية السعودية، مملكة البحرين، سلطنة عمان، دولة الكويت، ودولة الإمارات العربية المتحدة) حيث تحضر بتمثيل ثقافي رسمي يعكس خصوصية كل دولة وإرثها الثقافي.

وتقدم الأجنحة الخليجية منصات متنوعة تستعرض من خلالها أبرز ملامح الثقافة الوطنية لكل بلد، إلى جانب مشاركة دور النشر الخليجية التي تعرض إصداراتها في مختلف الحقول الأدبية والعلمية والفكرية، ما يثري المحتوى المعرفي للمعرض ويعزز التبادل الثقافي بين الأشقاء.

المملكة العربية السعودية

ويضم الجناح الرئيسي للمملكة العربية السعودية، المشارك تحت مظلة هيئة الأدب والنشر والترجمة، ثماني جهات حكومية وخاصة، تتكامل في تقديم صورة شاملة عن المشهد الثقافي السعودي.

ويستعرض الجناح السعودي مجموعة من الكتب والإصدارات الثقافية، إلى جانب مخطوطات نادرة تعود إلى الدولة السعودية الأولى والثانية، كما يقدم شرحاً وافياً حول أبرز الفعاليات والمبادرات الثقافية التي تقام في المملكة، في إطار رؤيتها الرامية إلى ترسيخ الثقافة كعنصر أساسي في التنمية والتواصل الحضاري.

وحول مشاركة السعودية يقول المهندس بسام البسام مدير عام الإدارة العامة للنشر في هيئة الأدب والنشر والترجمة: “مشاركتنا تعكس إيمان المملكة العميق بأن الثقافة جسر دائم بين الأمم، وأفق مشرع للحوار والتقارب الإنساني”.

ويضيف في حديثه لـ”الخليج اونلاين” أن المشاركة تعتبر امتداداً لعلاقة الأخوة الثقافية التي تجمع المملكة بدولة قطر، لافتاً إلى أن “الخليج ليس مجرد جغرافيا متجاورة بل نسيج معرفي واحد صاغته عبر الشعر والحكاية والسرد الملهم”.

وختم البسام حديثه أن المملكة “تجد في معرض الدوحة للكتاب منصة لإعادة التأكيد أن الكتاب لا يُمثل مخزوناً معرفياً وحسب، بل رسالة وطن، ونبض مجتمع، وصوت حضارة تؤمن بأن الحوار هو سبيل النماء المشترك، والتلاقي الفكري هو سر ازدهار الإنسان في كل زمان ومكان”.

سلطنة عمان

عن مشاركة عمان في معرض الدوحة يؤكد فيصل بن هاشم الشهاب، رئيس قسم معرض الكتاب بوزارة الثقافة والرياضة والشباب العمانية، أن مشاركة السلطنة “دائمة وفاعلة”، وينوه بحرصها الدائم على التواجد في المعرض، باعتباره من أهم الفعاليات الثقافية في منطقة الخليج والوطن العربي.

الشهاب

ويوضح الشهاب في حديثه لـ”الخليج اونلاين” أن المشاركة في النسخة الحالية تنقسم إلى قسمين رئيسيين، الأول يتمثل في تمثيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب، والثاني من خلال هيئة الوثائق الوطنية، حيث يركز الجناح العُماني على عرض مجموعة من الإصدارات الجديدة في مجالات التاريخ، الفقه، اللغة العربية، والطب.

وأضاف أن وزارة الثقافة العمانية تحرص في كل دورة على تقديم كتب وطبعات حديثة، تثري محتوى المعرض وتفتح آفاقاً معرفية للقراء والمهتمين، مشيراً إلى أن عدد دور الكتب العمانية المشاركة نحو خمسة دور نشر بارزة على مستوى العالم العربي.

وعن أهمية المعرض، شدد الشهاب في ختام حديثه على أن معرض الدوحة الدولي للكتاب يحتل مكانة رفيعة في دول الخليج، “نظراً لما يتمتع به من جاذبية ثقافية تستقطب الزوار من السعودية، والإمارات، والبحرين؛ مما يعكس دوره الحيوي في تعزيز التبادل الثقافي وإثراء المشهد المعرفي في المنطقة”.

دولة الكويت

تشارك دور النشر الكويتية في معرض الدوحة الدولي للكتاب بحضور متميز، حيث تميزت إصداراتها بتنوع العناوين وجودة المحتوى، بما يلبي اهتمامات مختلف فئات الزوار والقرّاء، ويعكس الحرص على تقديم إنتاج ثقافي غني ومتنوع يواكب تطلعات جمهور المعرض.

الكاتب والناشر الكويتي دلي العنزي، مؤسس وصاحب دار قرطاس للنشر والتوزيع في الكويت، يؤكد أن معرض الدوحة الدولي للكتاب يُعد من أبرز الفعاليات الثقافية في العالم العربي؛ “لما يتميز به الجمهور القطري من وعي ثقافي وحضور معرفي لافت”.

العنزي

وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، يشير العنزي إلى أن المعرض يشكل تجربة ثقافية ثرية للتفاعل مع قراء من مختلف الجنسيات، لاسيما من قطر ودول الخليج، التي تعرف بحراكها الثقافي واهتمامها المتنامي بالأدب وصناعة النشر.

وعن طبيعة الكتب المعروضة، أوضح أن هناك أنماطاً أدبية تفرض نفسها في السوق، أبرزها الرواية، التي تحظى بإقبال متزايد مقارنة ببقية الأنواع، كما نوّه إلى تباين اهتمامات القراء بحسب الدول، ففي الكويت على سبيل المثال، تلقى الروايات رواجاً كبيراً، في حين تبرز السيرة الذاتية في سلطنة عُمان، أما في قطر، فيلاحظ تزايد الإقبال على كتب التنمية البشرية.

دولة قطر 

تحظى دور النشر القطرية بحضور لافت في معرض الدوحة، حيث تشارك بمجموعة واسعة من الإصدارات التي تعكس تطور المشهد الثقافي المحلي وتنوعه، وتعرض هذه الدور مؤلفات في مجالات الأدب، والفكر، والتاريخ، وكتب الأطفال، إلى جانب مبادرات للنشر الرقمي والترجمة، ما يعكس حرصها على مواكبة تطورات صناعة النشر.

ويؤكد عمر علي الهاملي، ممثل دار “ترس” للنشر والتوزيع، وهي إحدى دور النشر المشاركة في المعرض من قطر، أن المشاركة القطرية هذا العام تميزت من حيث تنوع الإصدارات المطروحة، وجودتها، وكذلك العدد اللافت لدور النشر المحلية الحاضرة.

الهاملي

ويتابع في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن دور النشر في بلاده “تسعى بكل السبل إلى إثراء المكتبتين القطرية والعربية بإصدارات جديدة تركز على ترسيخ القيم، وتعزز الجوانب التربوية والمعرفية، بهدف إعداد جيل واعٍ ومثقف، معتز بثقافته وهويته”.

وأشار أيضاً إلى أن المعرض يشهد حضوراً لافتاً للكتاب والكاتبات من قطر، ما يعكس ازدهار الحركة الأدبية الوطنية، ويجسّد التزام دور النشر المحلية بدعم وتشجيع المؤلفين القطريين، وإتاحة الفرصة أمام أصوات جديدة في الساحة الثقافية.

دور النشر السورية

تحمل المشاركة السورية في النسخة الحالية من معرض الدوحة طابعاً خاصاً ونكهة جمالية مميزة، كونها تأتي في سياق جديد يعد الأول بعد التغيرات السياسية الأخيرة في سوريا.

وقد شهدت هذه الدورة حضوراً لافتاً لدور النشر السورية التي قدمت مجموعة متنوعة من الإصدارات، شملت مجالات الأدب، والفكر، والتراث، وكتب الأطفال، إلى جانب مطبوعات علمية وتعليمية.

كما تميزت المشاركة السورية بعرض كتب تراثية ونسخ نادرة، تُبرز عمق الثقافة السورية وتاريخها العريق؛ مما أضفى على أروقة المعرض بعداً حضارياً وثقافياً ثرياً جذب المهتمين والقراء من مختلف الجنسيات.

وبشأن مشاركة دور النشر السورية، ونوعية الإصدارات التي تقدمها، يقول زياد المخللاتي، ممثل دار العصماء للنشر: “نشارك في المعرض بمجموعة متنوعة من الكتب والمؤلفات التي تغطي مجالات متعددة مثل العلوم والأدب، إضافة إلى كتب التراث التي تشهد اهتماماً متزايداً من قبل القراء في الفترة الأخيرة”.

النخلاني

ويضيف: “أصبح معرض الدوحة للكتاب من أبرز الفعاليات الثقافية في المنطقة، لما يتميز به من جمهور مثقف يقدّر الكتاب التراثي والنادر، ويبحث عن الأعمال ذات الجذور التاريخية العميقة”.

ولفت المخللاتي إلى أن دار العصماء تحرص على المشاركة المنتظمة في معرض الدوحة، حيث شاركت في أكثر من 25 دورة، موضحاً أن هذا الحضور المتواصل يعكس إيمان الدار بأهمية المعرض، وقدرته على إيصال الإصدارات إلى جمهور واسع ومتنوّع يتفاعل معها باهتمام لافت.

إقبال الزوار

وشهد اليوم الأول من فعاليات المعرض إقبالاً من قبل الزوار من مختلف الفئات العمرية والاهتمامات، ويتوقع المنظمون أن يشهد خلال الأيام المقبلة تزايداً في عدد الزوار، خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، مع تنوع الفعاليات والأنشطة الثقافية المصاحبة، وتعدد دور النشر المشاركة.

أحد زوار المعرض في اليوم الأول الصحفي ومذيع قناة “الجزيرة” محمد كريشان الذي أكد في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أهمية المعرض ودوره في تعزيز الحراك الثقافي الخليجي والعربي، مشيراً إلى أنه يحرص سنوياً على زيارته في يومه الأول للاستمتاع بأجوائه الثقافية بهدوء وراحة أكبر.

وأوضح كريشان أن المعرض “وفيّ لتقاليده المعتادة”، من حيث التنظيم الدقيق، وترتيب الأجنحة، وتنوّع محتوى الكتب المعروضة، مشيراً إلى أنه لمس حضوراً لافتاً لكتب التراث، والدين، والأدب، والسياسة، والمجتمع، مع مشاركة دور نشر من جنسيات متعددة.

كريشان

وأضاف أن اهتماماته الشخصية تميل إلى الكتب السياسية، لافتاً إلى مفاجأة سارة خلال زيارته، تمثلت في العثور على جناح مصري يبيع نسخاً أصلية نادرة من الصحف القديمة، مثل “الأهرام” و”الجمهورية”، تغطي أحداثاً مفصلية كجنازة الرئيس أنور السادات، واتفاق أوسلو، وأحداث أيلول الأسود عام 1970، معتبراً ذلك “فرصة نادرة” يوفرها معرض الدوحة.

وشدد كريشان على أن أهمية المعرض لا تتوقف عند حدود قطر، بل تمتد لتشمل الخليج العربي بأسره، حيث يستقطب زواراً من السعودية والبحرين والإمارات، مؤكداً أن ما يمنح معرض الدوحة ميزة خاصة هو انفتاحه الثقافي، وحرية النشر فيه، إذ يتيح عرض عناوين قد لا تتوفر في معارض أخرى بسبب قيود النشر أو المنع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى