مطبخ عُمان يجذب الزوار.. سياحة المأكولات رافد اقتصادي جديد
![](https://khaleejnas.com/wp-content/uploads/2025/02/yks-almtbkh-alumany-mzyjaan-mn-altqalyd-alryqt-waltathyrat-althqafyt-almtnwt-780x470.png)
كيف تدعم سياحة المأكولات الاقتصاد العُماني؟
- تعزز السياحة.
- تدعم المشاريع.
- توفر فرص عمل.
ما هدف برنامج سياحة المأكولات؟
توثيق المطبخ العُماني والترويج له محلياً وعالمياً.
تحفل عُمان بإرث غني في فنون الطهي، ويعكس مطبخ السلطنة مزيجاً من التقاليد العريقة والتأثيرات الثقافية المتنوعة، ما يجعله عنصر جذب رئيسي للسياح.
ومع تزايد الاهتمام العالمي بـ”سياحة المأكولات”، باتت الأطباق العُمانية جزءاً مهماً من التجربة السياحية، خاصة مع تنامي رغبة الزوار في اكتشاف النكهات المحلية وأساليب الطهي التقليدية.
تجربة ثقافية متكاملة
تعمل السلطنة على تعزيز حضور مطبخها الوطني عبر مبادرات تسويقية ومهرجانات متخصصة، تهدف إلى إبراز المأكولات العُمانية كرافد اقتصادي جديد يدعم القطاع السياحي ويعزز الهوية الثقافية للبلاد.
واختُتمت في 8 يناير 2025 النسخة الخامسة من مسابقة “شيف عُمان” والتي شهدت منافسة بين نخبة من الطهاة المحترفين والموهوبين من مختلف محافظات سلطنة عُمان.
ونقلت صحيفة عمان عن المديرة العامة للتنمية السياحية بوزارة التراث والسياحة، أميرة بنت إقبال اللواتية، تأكيدها أن “مسابقة شيف عُمان تعدّ نموذجاً ملهماً لدعم مواهب الشباب العُماني في فنون الطهي، وتسهم في الترويج لسياحة المأكولات وفنون الطهي العماني”.
وأكدت اللواتية التزام الوزارة بتنفيذ المبادرات المعنية ببرنامج سياحة المأكولات وفنون الطهي المرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع السياحة الثقافية، وتشجيع إقامة هذه الفعاليات والتجارب السياحية التي تبرز عمق الثقافة وامتزاج الحضارات ودعماً للكوادر الوطنية الراغبة في استكمال مسارها المهني في مجالات الطهي”.
وتشير صحيفة عمان إلى أن تناول الطعام تحوّل إلى تجربة غنية بالتاريخ والعادات والطقوس التي تميز كل مجتمع؛ إذ تُظهر الإحصاءات أن السائح يُنفق حوالي 25% من ميزانية سفره على الأطعمة والمشروبات، ويُفضل أكثر من 63% من جيل الألفية تذوق المأكولات المحلية التي تعكس روح البلد وتراثه.
ولا تقتصر هذه التجربة على تناول الوجبات في المطاعم فحسب، بل تمتد لتشمل التجوال في الأسواق الشعبية والمشاركة في ورش عمل الطهي وحضور مهرجانات الطعام، حيث تُعرض الأطباق التقليدية بأساليب مبتكرة تجمع بين الأصالة والحداثة، مما يُضفي على الرحلة بُعداً ثقافياً لا يُنسى.
ويبرز المطبخ العماني بأصنافه المتعددة كأحد أهم عناصر تعزيز السياحة الثقافية والاقتصادية؛ فهو ليس مجرد مصدر للنكهات الفريدة، بل يمثل فرصة حقيقية لتوفير وظائف جديدة.
ويشير الكاتب العماني بدر بن سعيد الذهلي، في مقال نشرته صحيفة عمان في 31 يناير الماضي، إلى أن المطبخ العماني نال إعجاب المحافل السياحية العالمية، من خلال مشاركة وزارة التراث والسياحة في معارض كبرى في برلين، دبي، ولندن، مما أسهم في إبراز هوية السلطنة عبر أطباقها المميزة.
ونوّه إلى أن النسخة الخامسة من مسابقة “شيف عمان”، التي نظمتها كلية عمان للسياحة بدعم من وزارة التراث والسياحة ومجموعة “عمران”، تُعد خطوة رائدة نحو تطوير هذا القطاع من خلال تقديم المأكولات العمانية بأسلوب عصري يتوافق مع المعايير العالمية.
ويرجّح الذهلي أن تسهم هذه المسابقة في وضع الأطباق العمانية وفق المعايير والمواصفات العالمية التي يمكن تسويقها وتقديمها بنكهات متنوعة وجذابة، الأمر الذي سوف يوفر بدوره فرصاً جديدة للشباب في الاستثمار بهذا المجال الواعد.
تنوع وتميز
ويؤكد الباحث الدكتور حبيب الهادي، بأن المأكولات العمانية تتميز، كغيرها من المطابخ حول العالم، بخصوصيةٍ تعكس ثقافة المجتمع وتاريخه، إلا أن مطبخ السلطنة يتمتع بتنوع فريد، يعود إلى تواصل عمان مع مختلف الحضارات والشعوب منذ القدم.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن العمانيين تواصلوا مع الشرق والغرب منذ أقدم الأزمنة، بحكم موقع السلطنة الجغرافي وتاريخها البحري العريق، وأدى هذا التواصل والتفاعل إلى تنوع كبير في المأكولات العمانية، حيث استقبل العمانيون مكونات وتقنيات طهي من مختلف الثقافات، وأضافوا إليها لمساتهم الخاصة.
ويبيّن الهادي أن المطبخ العماني لا يقتصر على استيراد الوصفات، بل يتميز بخصوصيةٍ تعكس هوية البلاد، إذ إن بعض الأطباق، مثل الحلوى العمانية، اكتسبت شهرة عالمية لجودتها ومذاقها الفريد، حيث أصبحت من أبرز المنتجات التي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم.
ولفت إلى أن المطبخ العماني يُعد مثالاً واضحاً لما يُعرف بـ”الاقتصاد البنفسجي”، حيث يتم استغلال التراث الشعبي في المأكولات لجذب الاستثمارات، خاصة في قطاع السياحة.
ويقول الهادي إن العديد من المهرجانات السياحية تُقام في عمان وأوروبا وغيرها من المناطق، تعرض خلالها المأكولات العمانية الشهية مثل الأرز بأنواعه المختلفة، والحلوى العُمانية، وأنواع التمور وطرق تقديمها، وغيرها.
ويشير إلى أن المأكولات العمانية تتنوع بتنوع البيئات الجغرافية في البلاد، فالمطبخ في الجنوب يختلف عن الشمال، والوسط عن الشرق والغرب، ويشمل هذا التنوع الأرز واللحوم، حيث توجد العديد من الأطباق المميزة مثل المشاكيك والشواء.
وأكد الهادي أن المطبخ العماني يعكس ثراءً ثقافياً كبيراً، يتجلى في تنوع المكونات والتقنيات المستخدمة، ويضاهي هذا الثراء التنوع الموجود في الملبوسات والفنون في البلاد، مما يجعل مطبخ السلطنة جزءاً هاماً من الهوية الثقافية للبلاد.
سياحة المأكولات
واستقطب “مهرجان فنون الطهي العُماني” الذي أقيم بمحافظة ظفار، في أغسطس 2024، أكثر من 50 ألف زائر من داخل السلطنة وخارجها، ما يعكس جاذبية مطبخ الدولة وقدرته على تعزيز القطاع السياحي.
وسلط المهرجان الضوء على إمكانات سياحة المأكولات كرافد سياحي واقتصادي، ولم يقتصر على تقديم الأطباق العمانية، بل قدم تجربة متكاملة للزوار من خلال عروض الطهي الحية التي شارك فيها أمهر الطهاة.
وجرى خلال المهرجان تعريف الزوار على مكونات الأطعمة وطرق الإعداد، إضافة إلى جلسات حوارية حول الابتكار في المأكولات العُمانية، وسط أجواء ثقافية تضمنت عروضاً موسيقية ومسابقات متنوعة.
وساهم المهرجان في الترويج للمنتجات المحلية ودعم قطاع الضيافة، حيث شاركت أكثر من 34 مؤسسة صغيرة ومتوسطة، ما يؤكد أهمية هذه الفعاليات في تمكين رواد الأعمال، كما شدد الحدث على ضرورة دمج سياحة المأكولات في الترويج الدولي، لضمان حضور المطبخ العماني ضمن خريطة السياحة العالمية، وتعزيز مكانته كجزء من الهوية الثقافية للسلطنة.
وكانت وزارة التراث والسياحة قد أطلقت برنامج “سياحة المأكولات وفنون الطهي العُماني” في ديسمبر 2023، وذلك خلال “ملتقى فنون الطهي العُماني”، الذي أقيم بحضور جهات معنية واهتمام واسع من المختصين.
واستهدف البرنامج تعزيز حضور المطبخ العماني كعنصر سياحي وثقافي، وتنفيذ مبادرات استراتيجية وترويجية بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، إلى جانب دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المهتمة بهذا المجال.
وتضمن الملتقى تدشين كتاب “توثيق المطبخ العُماني”، وهو نتاج بحث مشترك بين الوزارة وجامعة السلطان قابوس، يوثق 110 أكلات عمانية تقليدية، إضافة إلى استعراض التأثيرات الثقافية على المطبخ المحلي، ودوره في السياحة.
كما شمل الملتقى أوراق عمل حول مسارات سياحة الطهي، ودور المطاعم العمانية، إلى جانب عرض تجارب ناجحة في المجال.
وتسعى الوزارة من خلال البرنامج إلى تعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية عبر تطوير قطاع الطهي العماني، والترويج له عالمياً كجزء من السياحة الثقافية.
وتمثل مبادرة التوثيق والترويج للمطبخ العماني أساساً للبرامج الاستراتيجية المستقبلية، التي يجري تنفيذها بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المحلي.