مشروع استثماري سوادني قطري مشترك.. ما أهميته؟

ما الهدف الأساسي من إطلاق “أوج للاستثمار والتنمية”؟
تهدف الهيئة إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين إفريقيا ودول الخليج.
لماذا تم اختيار قطر لإنشاء مصفاة الذهب السوداني؟
- تمتلك قطر بنية تحتية متطورة في مجال المعامل والتكرير.
- تسهم قطر في رفع جودة الذهب السوداني.
- تحسين فرص إعادة تصدير الذهب إلى الأسواق العالمية.
تشهد العلاقات الاقتصادية بين قطر والسودان تطورات لافتة من خلال عقد شراكات متنوعة، وسط مساعي الدولتين إلى تعزيز التكامل الاقتصادي والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة.
وفي خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، أعلنت “غرفة قطر” بالتعاون مع وفد تجاري سوداني، عن إطلاق هيئة اقتصادية جديدة تحمل اسم “أوج للاستثمار والتنمية”.
وأشارت وكالة الأنباء القطرية في 11 مارس الجاري، إلى أن “هذا الإعلان يأتي في إطار الجهود المبذولة لدعم استثمارات القطاع الخاص بين البلدين، وتعزيز بيئة الأعمال من خلال شراكات فاعلة تسهم في التنمية الاقتصادية المستدامة”.
أهمية المشروع
وستتخذ “أوج للاستثمار والتنمية” من قطر مقراً رئيسياً لها، مع مكاتب إقليمية في السودان، والسعودية، وتركيا، مما يسهم في تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية على المستويين الإقليمي والدولي.
كما ستعتمد على منصة مالية رقمية متطورة تهدف إلى تسهيل تدفق الاستثمارات، وتحقيق مستويات أعلى من الشفافية والكفاءة في التعاملات المالية.
وتسعى الهيئة إلى تحقيق تكامل اقتصادي أوسع بين إفريقيا ودول الخليج، من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، والأمن الغذائي، والصناعة، والخدمات اللوجستية، والتعدين، وتجارة الخدمات.
كما من المرجّح أن تسهم هذه المبادرة، في تسهيل تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة عبر آليات رقمية حديثة تتوافق مع الأنظمة المالية في كل من قطر والسودان، مما يعزز بيئة الأعمال ويشجع المستثمرين على دخول الأسواق الإفريقية بثقة أكبر.
وستلعب الهيئة دوراً بارزاً في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال توفير حلول تمويلية مبتكرة، وضمانات استثمارية، ودعم فني ومالي، مما يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص جديدة في القطاعات الحيوية.
كما سيعتمد الكيان الجديد على توريد الذهب كآلية لتعزيز الثقة المالية، مما يساهم في توفير استقرار أكبر لرأس المال الاستثماري.
وحول ذلك، أكد محمد بشار آدم وكيل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني أن “الاتفاقية تمثل خارطة طريق جديدة لرجال الأعمال والمستثمرين، حيث توفر فرصاً غير مسبوقة للاستفادة من الموارد المالية والطبيعية في السودان، وتعزيز الاستثمارات القطرية في القطاعات الواعدة”.
كما أشار إلى أن “السودان انتهى مؤخراً من تعديل قانون تشجيع الاستثمار، بما يضمن توفير بيئة قانونية محفزة لرأس المال الأجنبي، ويدعم الجهود المبذولة لتطوير البنية التحتية وجذب مزيد من الاستثمارات الدولية”.
من جانبه، أشاد عضو مجلس إدارة غرفة قطر محمد بن أحمد العبيدلي، بمتانة العلاقات بين البلدين، مؤكداً على التزام الغرفة بدعم الشراكات الاقتصادية بين القطاع الخاص القطري والسوداني.
كما شدد على أهمية الدور الذي ستلعبه الهيئة الجديدة في تعزيز المبادلات التجارية، وتمهيد الأرضية لقيام مشروعات استثمارية مشتركة، خاصة في مجالات التعدين والصناعة والتكنولوجيا والأمن الغذائي.
شراكة واسعة
ويعدّ إطلاق بنك رقمي متكامل، أحد أهم مكونات المشروع، والذي يهدف إلى تسهيل دخول المستثمرين إلى الأسواق الإفريقية، وتحقيق التكامل بين القطاعات المختلفة عبر نظام المقاصة، الذي سيمكن الشركات والمستثمرين من تنفيذ معاملاتهم المالية بسلاسة وكفاءة عالية.
وبهذه الخطوة، تؤكد قطر والسودان عزمهما على تطوير علاقات اقتصادية أكثر شمولاً، تستند إلى استراتيجيات حديثة تواكب التطورات في الاقتصاد الرقمي والتجارة الدولية، مما يجعل هذا المشروع نموذجاً للشراكات الاقتصادية الناجحة في المنطقة.
يقول رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين، الصادق الرزيقي، إن “الاتفاقية الموقعة بين السودان وقطر في مجال التعدين ليست الأولى من نوعها” مشيراً إلى “تاريخ طويل من التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بما في ذلك الزراعة والتطوير العقاري والبنية التحتية”.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن “نجاح هذه الاتفاقية يعتمد على جدية التنفيذ، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان” مؤكداً على وجود مناطق آمنة للاستثمار في مجالات التعدين والزراعة وغيرها.
ويشير الرزيقي إلى أن “دور هيئة أوج للاستثمار والتنمية سيكون نموذجاً للتعاون العربي الإفريقي، حيث يمتلك السودان وإفريقيا موارد طبيعية هائلة تحتاج إلى استثمارات لتطويرها”.
كما يتوقع أن تسهم هذه الشراكة في جذب المزيد من المستثمرين إلى إفريقيا، وخلق فرص عمل وأسواق جديدة، لافتاً إلى أن التعاون في مجال التعدين يمكن أن يتطور ليشمل إنشاء مصفاة للذهب وبورصة لتداول الذهب في السودان.
ويعرب الرزيقي عن أمله في أن تنجح هذه الشراكة، وأن يتم تعديل التشريعات والقوانين لتسهيل الاستثمارات المشتركة في السودان وإفريقيا.
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله، بأن توجيه الاستثمارات العربية، خاصة الخليجية والليبية، نحو الدول العربية الواعدة، مثل السودان، يمثل فرصة استراتيجية لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي.
ويوضح في حديثه مع “الخليج أونلاين” أن “السودان يمتلك موارد طبيعية وبشرية هائلة، يمكن استغلالها لتلبية احتياجات المنطقة وتحقيق فائض للتصدير”.
كما يشير ذكر الله إلى أن “الشراكة القطرية مع السودان، بعد استقرار الأوضاع الأمنية، ستساهم في تحقيق التنمية الزراعية، التي عانى منها السودان طويلاً”.
ويضيف أن “الأهم من العوائد المالية هو دور هذه الاستثمارات في تعزيز الاستقرار الوطني والاجتماعي، ومنع ظهور مشاريع انفصالية جديدة”.
كما يلفت ذكر الله إلى أن “السودان يمتلك موارد مائية، وأراضي من أعلى الأراضي خصوبة في العالم، إضافة إلى موارد بشرية جيدة، وقربه من مصر، التي تمتلك كتلة هائلة من الموارد البشرية”.
مصفاة للذهب بالدوحة
وفي إطار التعاون الاقتصادي المتنامي بين قطر والسودان اتفق البلدان في مايو الماضي على إنشاء مصفاة للذهب في العاصمة الدوحة، بهدف معالجة صادرات السودان من المعدن النفيس وإعادة تصديره إلى الأسواق العالمية.
وأكد وزير التجارة والتموين السوداني، الفاتح عبد الله يوسف، حينها أهمية هذا المشروع الاستراتيجي، موضحاً أن السوق القطرية تمثل فرصة واعدة لمصدري الذهب السودانيين.
كما أشار إلى أن إنشاء المصفاة في قطر سيسهم في تسهيل عمليات التكرير وإعادة التصدير، مما يعزز من عوائد السودان الاقتصادية ويمنح المصدرين السودانيين مزيداً من المرونة في التعامل مع الأسواق الدولية.
وكشف الوزير السوداني عن أن السودان ينتج ما بين 80 إلى 85 طناً سنوياً من التعدين الأهلي، في حين يتراوح الإنتاج الاستثماري بين 200 و250 طناً سنوياً، مؤكداً أن السودان يفتقر إلى معامل تصفية متطورة، مما يجعل إنشاء المصفاة في قطر خياراً استراتيجياً لتطوير قطاع الذهب وزيادة عوائده الاقتصادية.
وأوضح يوسف أن قطر تستثمر بالفعل في السودان في مجالات متعددة، من بينها الزراعة والصناعة، لافتاً إلى أن المرحلة القادمة ستشهد توقيع بروتوكولات تعاون جديدة لدعم مشاريع إعادة الإعمار بعد الحرب، والتي تتطلب استثمارات ضخمة في القطاع الصناعي والبنية التحتية.
كما شدد على أن الاستثمارات القطرية تمثل ركيزة أساسية في خطط السودان الاقتصادية، خاصة في ظل توجه الحكومة السودانية إلى فتح المجال أمام الدول الصديقة للمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية.