الاخبار

مستشفيات غزة.. نقص حاد بوحدات الدم وسوء التغذية يضرب المتبرعين

رئيسة بنك الدم في مجمع ناصر الطبي جنوب قطاع غزة: الوضع الراهن في بنك الدم يبعث على القلق الشديد، حيث بلغ النقص في وحدات الدم مستوى حرجاً.

لا تكاد مستشفيات قطاع غزة تمر بيوم دون أن تطلق مناشدات عاجلة تطلب فيها من السكان التوجه فوراً للتبرع بالدم، في محاولة يائسة لإنقاذ حياة الجرحى والمصابين جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل.

ومع ازدياد وتيرة الإصابات الناجمة عن القصف العنيف، تزداد الحاجة إلى وحدات دم منقذة للحياة، في ظل تعنت سلطات الاحتلال التي تواصل منذ مطلع مارس الماضي إغلاق المعابر ومنع إدخال أي كميات من الدم أو المشتقات الطبية اللازمة.

وعلى الرغم من استجابة العديد من المواطنين لهذه النداءات، فإن الطواقم الطبية تواجه مفارقة مأساوية؛ حيث تظهر الفحوصات الأولية أن جميع المتبرعين يعانون من فقر دم بدرجات متفاوتة، ناتج عن سوء التغذية المزمن الذي يضرب السكان منذ فرض الحصار الإسرائيلي الخانق، الأمر الذي يجعل سحب الدم منهم غير ممكن طبياً، ويعني أن الكميات المتبرع بها لا تحقق الفائدة المرجوة في إنقاذ الأرواح.

حصار غذائي وصحي

أسفر الإغلاق الكامل للمعابر ومنع إدخال الأغذية والأدوية منذ بداية مارس الماضي، عن نقص حاد في المواد الأساسية، وخاصة تلك الضرورية لتقوية الدم مثل البروتينات والخضروات الورقية والفيتامينات.

ومع استمرار هذه الحالة لأكثر من شهرين متتاليين، تفاقمت معدلات سوء التغذية، وبدأت تظهر تداعياتها بشكل خطير، خاصة في أوساط الأطفال والنساء الحوامل ومرضى الأمراض المزمنة، وهي الفئات الأكثر هشاشة.

أزمة وحدات الدم

الدكتورة صوفيا زعرب، رئيسة بنك الدم في مجمع ناصر الطبي جنوب قطاع غزة، أوضحت أن الوضع الراهن يبعث على القلق الشديد، حيث بلغ النقص في وحدات الدم مستوى حرجاً، ما يهدد حياة مئات المرضى والجرحى الذين يحتاجون بشكل يومي إلى عمليات نقل دم عاجلة.

وفي تصريحات خاصة لموقع “الخليج أونلاين”، قالت زعرب: “المخزون المتوفر حالياً لا يغطي الحد الأدنى من احتياجات غرف العمليات، ونحن مضطرون لاتخاذ قرارات صعبة بتأجيل بعض التدخلات الجراحية بسبب هذا العجز الخطير”.

وأضافت: “نحن نواجه تحدياً مزدوجاً؛ فإلى جانب النقص الحاد في كميات الدم، يعاني غالبية المتبرعين من فقر دم شديد بسبب تدهور الحالة الغذائية العامة، وهو ما يضعف جدوى التبرعات ويعرقل جهودنا لتلبية الطلبات المتزايدة”.

وأكدت زعرب أن التحاليل الطبية أثبتت وجود انخفاض ملحوظ في نسبة الهيموغلوبين ومستوى الحديد في دماء المتبرعين، ما يعكس مدى التدهور الغذائي العام في القطاع.

وأشارت إلى أن استمرار الوضع الحالي دون تدخل دولي عاجل قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة بشكل يصعب السيطرة عليه.

وختمت حديثها بمناشدة عاجلة للمنظمات الإنسانية الدولية، داعية إياها إلى التدخل الفوري لتأمين وحدات الدم والمستلزمات الطبية الأساسية، وقالت: “كل دقيقة تمرّ دون توفير هذه الاحتياجات قد تعني وفاة مريض جديد كان يمكن إنقاذه”.

حافة الانهيار الصحي

من جهته، حذر الدكتور أحمد الفرا، مدير مستشفى التحرير داخل مجمع ناصر الطبي، من أن القطاع الصحي في غزة يمر بواحدة من أخطر مراحله في التاريخ الحديث، نتيجة الحصار المفروض والإغلاق الكلي الذي يمنع إدخال أي معدات طبية أو كميات دم من الخارج.

وقال الفرا في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “لقد أصبحنا نعتمد كلياً على سكان القطاع لتوفير الدم، لكن معظم المتبرعين يعانون من فقر دم يجعل دمهم غير مناسب للاستخدام السريري. فحتى هذا المصدر المحلي لم يعد فعالاً”.

وأوضح أن بنك الدم يعاني من عجز حاد يعرض حياة المصابين للخطر، في وقت توقفت فيه تماماً كل المبادرات الإنسانية الدولية التي كانت تسهم في دعم القطاع الصحي وتوفير الاحتياجات الطارئة. وأضاف: “الحصار تسبب في شلل كامل لكل أركان النظام الصحي، ما دفعنا إلى اتخاذ قرارات مؤلمة بتقنين استخدام الدم في العمليات”.

وأشار إلى أن غالبية الإصابات التي تصل إلى المستشفيات ناتجة عن قصف مباشر، وتؤدي إلى تمزقات شريانية ونزيف حاد يتطلب وحدات دم فورية، محذراً من أن غياب الدم في مثل هذه الحالات يؤدي إلى الوفاة في دقائق.

وشدد الفرا على أن قطاع غزة دخل بالفعل مرحلة خطيرة من المجاعة وفق تصنيفات المنظمات الدولية، بسبب النقص التام في المواد الغذائية وتوقف النشاط الزراعي بفعل القصف، ما أدى إلى اختفاء الخضروات من الأسواق وندرة المعلبات والمواد المحفوظة.

ولفت إلى أن نحو 600 ألف طفل يواجهون خطر الموت جوعاً، بالإضافة إلى أكثر من 2.3 مليون إنسان أصبحوا على شفا الانهيار الغذائي، مشيراً إلى أن الانعكاسات النفسية والصحية لهذه الكارثة قد تستمر لعقود، حتى بعد توقف العدوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى