مساعٍ لتعزيز التعاون والاستثمارات.. نظرة على العلاقات القطرية الليبية

ما الهدف من دخول الشركات القطرية إلى السوق الليبي؟
- دعم إعادة الإعمار.
- تطوير القطاعات الحيوية.
- تحقيق عوائد استثمارية وتنموية للطرفين.
ما أبرز مجالات الاستثمار القطري في ليبيا؟
الصحة، والبنية التحتية، والطاقة، والطيران والخدمات.
تسير العلاقات القطرية الليبية بخُطا متسارعة نحو شراكة استثمارية فاعلة، تستهدف دعم الاستقرار الاقتصادي وإعادة الإعمار عبر مشاريع استراتيجية في قطاعات حيوية مثل الصحة، والمواصلات، والطاقة.
وفي سياق هذه المساعي شكّلت زيارة وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي إلى طرابلس، محطة مهمة في مسار العلاقات القطرية الليبية، خاصة من حيث الدفع بالشراكات الاستثمارية نحو آفاق أكثر تكاملاً.
وأشارت وكالة الأنباء القطرية (قنا)، في 11 مايو الجاري، إلى أن الجانبين بحثا علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية.
سوق واعد
وشدد الخليفي، في تصريح لقناة ليبيا الوطنية، على أن هذه الزيارة تعد خطوة مهمة في سياق تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين قطر والدول العربية بشكل عام، حيث أشاد بنتائج اللقاءات الرسمية مع المسؤولين الليبيين.
كما أكد أن مثل هذه الزيارات تسهم في تقوية العلاقات بين الدول وتساعد على تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وبحسب مراقبين فإن هذا اللقاء يحمل عدة رسائل سياسية واقتصادية، أبرزها تأكيد الإرادة المشتركة لتوسيع نطاق التعاون في مجالات تُعد محورية في إعادة بناء الاقتصاد الليبي، مثل البنية التحتية والمواصلات.
كما يُعَدّ هذا التوجه مؤشراً على انتقال العلاقات الثنائية من إطار الدعم التقليدي إلى رؤية استثمارية تستند إلى المصالح المتبادلة والعوائد المشتركة، وهي مقاربة تنسجم مع المعايير الحديثة للاستثمار طويل الأجل، حيث لا يقتصر التركيز على التمويل فقط، بل يمتد ليشمل نقل المعرفة وبناء القدرات المحلية.
ومن خلال التركيز على القطاعات الحيوية، تبدو قطر منفتحة على أداء دور نوعي في دعم جهود الاستقرار والتنمية في ليبيا، مستفيدة من خبرتها في إدارة صناديق الاستثمار السيادي والمشاريع ذات الأثر الاستراتيجي في المنطقة.
ويرى الباحث في الشؤون الأفريقية موسى تيهوساي أن لدى قطر فرصاً استثمارية كبيرة في ليبيا، خاصة في البنية التحتية للطرق والمواصلات، حيث توجد بالفعل مشاريع قيد الإنشاء في طرابلس، إضافة إلى مجالات الطاقة والتعليم والبحث العلمي مضيفاً لـ”الخليج أونلاين”:
- من المتوقع أن تشهد الاستثمارات القطرية في القطاع المصرفي الليبي والطاقة الشمسية والكهرباء تطوراً تدريجياً ملحوظاً، على الرغم من التحديات الأمنية والسياسية القائمة.
- الأمر ذاته ينطبق على الإمارات العربية المتحدة، التي لديها مشاريع استثمارية كبيرة في ليبيا في قطاع النفط والموانئ والبنية التحتية.
- في حال توصلت ليبيا إلى تشكيل حكومة منتخبة وموحدة، فإن فرص الاستثمار ستكون هائلة لدول الخليج العربي التي لم تبدأ بعد بتنشيط استثماراتها في مختلف المجالات.
- ليبيا تعتبر سوقاً واعدة جداً لجميع الشركات المتخصصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والعقارات.
استثمارات متنامية
وتواصل العلاقات القطرية الليبية نموها بخُطا مدروسة نحو شراكات أكثر عمقاً وتنوعاً، حيث تتسع دائرة التعاون لتشمل مجالات حيوية تتصل مباشرة بمسارات التنمية وإعادة الإعمار.
وفي خطوة نوعية ضمن التعاون في قطاع الصحة أعلنت ليبيا، في 16 فبراير الماضي، تسليم إدارة وتشغيل مستشفى مصراتة للقلب والشرايين لشركة إليغانسيا للرعاية الصحية القطرية، التابعة لمجموعة استثمار القابضة.
ويمثل هذا المشروع نموذجاً متقدماً للتعاون الاستثماري في قطاع الخدمات، حيث يمتد تشغيل المستشفى إلى 15 عاماً، تتكفل خلالها الشركة القطرية بإدارة المرفق وفق معايير طبية عالمية، وتطوير منظومة الرعاية القلبية عبر تجهيزات تقنية حديثة وبرامج لتأهيل الكوادر الليبية.
بعدها بيوم، في 17 فبراير الماضي، وُقّعت مذكرة تفاهم بين المؤسسة الليبية للاستثمار ووزارة المواصلات من جهة، وشركة “أوربكان” القطرية من جهة أخرى، لإعداد الدراسات الخاصة بمشروع صيانة وتطوير مطار طرابلس الدولي وفق رؤية استثمارية.
المشروع الذي يحظى بمتابعة مباشرة من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، يهدف إلى رفع القدرة التشغيلية للمطار، الذي تبلغ سعته المرتقبة في مرحلته الأولى نحو 6 ملايين مسافر سنوياً.
وتؤكد هذه الخطوة عودة قطاع الطيران الليبي إلى خارطة النقل الجوي الإقليمي والدولي، مدعوماً بشراكات تعزز الثقة في البيئة الاستثمارية بالبلاد.
وكشفت منصة “حكومتنا” الليبية الرسمية، في 9 يناير الماضي، عن لقاء جمع الدبيبة مع السفير القطري لدى ليبيا خالد الدوسري، وجرى خلاله استعراض تطورات ملفات التعاون المشترك، بما يشمل مشاريع استثمارية في المطارات والطاقة والموانئ، وجهود إعادة تشغيل الخطوط الجوية القطرية، حيث أكد السفير حرص بلاده على دعم الاستقرار والتنمية في ليبيا.
كما شهدت العاصمة القطرية الدوحة، في 8 ديسمبر 2024، لقاءات على هامش “منتدى الدوحة”، جمعت مدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا المهندس بالقاسم خليفة حفتر، مع عدد من المسؤولين القطريين، من بينهم الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار محمد السويدي، ووزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي.
وركزت اللقاءات على توسيع آفاق التعاون الاستثماري في مشروعات البنية التحتية والتنمية، حيث أبدت الدوحة استعدادها للمشاركة في المشاريع الاستراتيجية التي يقودها الصندوق، مما يعزز جهود إعادة الإعمار في عدد من المدن الليبية.
وفي إطار توسيع التعاون القطاعي، التقى وزير النفط والغاز الليبي خليفة عبد الصادق، في أغسطس 2024، مع السفير القطري لدى ليبيا لبحث إعداد مذكرة تفاهم في قطاع الطاقة، وناقش الاجتماع فرص الاستفادة من الخبرات القطرية في تطوير واستكشاف الحقول النفطية غير المستغلة.
وبحسب بيانات المركز الوطني للتخطيط في قطر، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2024 نحو 42.5 مليون ريال قطري (قرابة 11.5 مليون دولار)، مقارنة بـ 37.8 مليون ريال (10.2 ملايين دولار) في عام 2023، مما يشير إلى نمو مستمر في النشاط التجاري بين الجانبين.
وتتركز الصادرات القطرية إلى ليبيا في عدد من المنتجات الصناعية والكيميائية، من بينها الأدوية، والمواد الكيميائية المتخصصة، ومنتجات الألمنيوم، والورق المطلي.