الاخبار

مراكز البيانات.. بوابة لإعادة تشكيل اقتصاد السعودية المستدام والمتنوع

– سوق مراكز البيانات بالسعودية سيبلغ 3.18 مليار دولار في 2029
– مليارات الدولارات محلياً ودولياً تُضخ لتطوير مراكز بيانات متطورة في المملكة
– مراكز البيانات تدعم التنويع والكفاءة الاقتصادية في السعودية

مع تسارع وتيرة التحول الرقمي والاقتصادي الذي تتبناه السعودية كجزء من رؤية 2030، أصبح سوق مراكز البيانات حجر الزاوية في هذه المسيرة الطموحة.

ويواصل هذا القطاع استقطاب استثمارات ضخمة من شركات محلية وعالمية، مع تزايد الطلب على الحلول السحابية، والبنية التحتية الرقمية، والخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إضافة للأبحاث والاستشارات الاقتصادية.

تطور سريع

وتشير الأرقام إلى أن سوق مراكز البيانات في السعودية ينمو بوتيرة متسارعة، ووفقاً لتقرير صادر في أبريل الماضي عن شركة (Arizton) الدولية للاستشارات والأبحاث السوقية، فقد بلغ حجم السوق 1.78 مليار دولار في عام 2023.

ومن المتوقع أن يصل حجم هذا السوق في المملكة إلى 3.18 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 10.13%، وفق التقريرنفسه.

هذا النمو يعكس الزيادة الكبيرة في الطلب على مراكز البيانات، حيث تصبح البنية التحتية الرقمية جزءاً لا يتجزأ من المشهد الاقتصادي والتقني في المملكة.

وشهدت السعودية تدفقات استثمارية ضخمة إلى قطاع مراكز البيانات، خاصة من الشركات العالمية التي ترى في المملكة سوقاً ناشئة ذات إمكانيات هائلة.

وخلال مؤتمر ليب 2024، الذي عقد في مارس الماضي بالرياض، أعلنت شركات رائدة مثل “أمازون” و”داتا فولت” عن استثمارات تزيد على 11 مليار دولار، تشمل بناء مراكز بيانات ضخمة تعتمد على تقنيات مبتكرة ومستدامة.

راجيت ناندا، الرئيس التنفيذي لشركة “داتا فولت”، صرّح على هامش المؤتمر آنذاك، بأن شركته تعمل على مشروع لمراكز بيانات مستدامة بقيمة 3.5 مليار دولار، مشيرًا إلى أن “هذه المراكز ستساهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي بالمملكة وخلق 4000 فرصة عمل في قطاعي البناء والبنية التحتية الرقمية.”

و”داتا فولت” هي شركة دولية رائدة في تطوير و إدارة مراكز بيانات الجيل الجديد التي تسمح بالحوسبة عالية الكثافة والحوسبة المتسارعة وغيرها من الابتكارات.

وفي تطور آخر، أعلنت شركة “غروك” الأمريكية بالشراكة مع “أرامكو” السعودية،  في سبتمبر الماضي، عن بناء أكبر مركز لمعالجة البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي في العالم، بتكلفة تصل إلى “تسعة أرقام”، دون توضيح دقيق للرقم.

وأكد جوناثان روس، الرئيس التنفيذي لشركة “غروك”، في بيان الإعلان عن الشراكة، أن هذا المركز سيكون مخصصاً لدعم شركات الشرق الأوسط وأفريقيا والهند.

كما أعلنت داماك الإماراتية في أكتوبر الماضي، عن استثمار 272 مليون دولار لبناء مركز بيانات جديد في السعودية، مما يعكس اهتمام الشركات العقارية بالدخول في هذا القطاع الواعد.

كيف تدعم الاقتصاد

تلعب مراكز البيانات دوراً محورياً في دعم الاقتصاد السعودي، فحسب تقرير حديث لشركة “نايت فرانك” للاستشارات العقارية فقد ارتفعت نسبة إشغال المكاتب الفاخرة في الرياض إلى 98%، وهي من الأعلى عالمياً، ما يعكس تزايد عدد الشركات العالمية والمحلية التي تحتاج إلى بنية تحتية رقمية متقدمة.

وأشار فيصل دوراني، رئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة “نايت فرانك”، إلى أن “الوظائف الجديدة التي أُنشئت في السعودية خلال السنوات الخمس الماضية، 49% منها كانت في الرياض، مما أدى إلى تصاعد الطلب على المساحات المكتبية ومرافق الأعمال الرقمية.”

ويلعب القطاع الخاص في المملكة دوراً رئيسياً في نمو سوق مراكز البيانات.

وبحسب دراسة أعدتها شركة الاستشارات “بي دبليو سي” الدولية ونشرت نتائجها في مارس الماضي، فإن  60-70% من الشركات في السعودية بدأت بالفعل رحلة التحول السحابي.

وهذا الطلب يغري المزيد من الشركات للاستثمار، مثل داماك وهواوي، التي تخطط لاستثمار 400 مليون دولار في السوق السعودي.

وقال إريك يانغ، الرئيس التنفيذي لشركة “هواوي” في السعودية بمقابلة في فبراير الماضي مع قناة “الشرق”، إن “الشركة باتت تقدم حلولاً متكاملة للمملكة، تشمل المعدات الرقمية وخدمات السحابة ومراكز البيانات.”

وأشار إلى أن الشركة تخطط لاستثمار 400 مليون دولار أخرى بالسوق السعودي للبيانات.

توسعات مستقبلية

من المتوقع أن تتوسع استثمارات مراكز البيانات في السعودية لتشمل مناطق جديدة مثل مدينة “نيوم”، حيث خُصص 500 مليون دولار لبناء مركز بيانات يعتمد على الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، حسب تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية الأمريكية في مارس الماضي.

كما تخطط شركة “المعمر لأنظمة المعلومات” لرفع طاقتها الاستيعابية إلى أكثر من 1000 ميغاواط خلال السنوات الخمس المقبلة.

وقال عبد الله الغامدي، الرئيس التنفيذي للشركة في تصريحات صحفية له في 13 نوفمبر الماضي: “نواكب التطور السريع في مجال التقنية والحوسبة السحابية، ونتوقع إطلاق خدمات جديدة بحلول عام 2025.”

وفي السياق نفسه قال ستيفن بيرد، الشريك ورئيس مراكز البيانات العالمية في “نايت فرانك”، في تصريحات لـ” بلومبيرغ” نشرتها في مارس الماضي، إن “وجود حوافز مثل المناطق الاقتصادية الخاصة وقانون حماية البيانات الشخصية يجعل السعودية سوقاً رئيسية للبنية التحتية لمراكز البيانات القابلة للتوسع بشكل سريع.”

1

كيف تدعم الاقتصاد؟

ويرى الخبير الاقتصادي منير سيف الدين، أن توسع مراكز البيانات في المملكة يدعم التحول الرقمي ويعزز مكانة السعودية كمركز عالمي للاستثمار.

وأكد الخبير الاقتصادي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن توسع مراكز البيانات في السعودية يمثل خطوة استراتيجية تعزز النمو الاقتصادي، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.

وأوضح أن هذه المراكز تُعد بنية تحتية أساسية لتطبيقات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الخدمات الخارجية وتعزيز الأمن السيبراني الوطني.

وأشار إلى أن هذه المشاريع توفر فرصاً وظيفية واسعة للشباب السعودي، من خلال خلق وظائف جديدة في مجالات التكنولوجيا والهندسة الرقمية، إلى جانب تعزيز مهارات القوى العاملة المحلية عبر برامج تدريبية متقدمة.

وأضاف أن توسع مراكز البيانات يجذب استثمارات كبرى من الشركات العالمية مثل AWS وGoogle Cloud، ما يجعل المملكة وجهة إقليمية رائدة في قطاع الحلول السحابية.

وتُعد مراكز البيانات محفزاً رئيسياً لتطوير القطاعات الناشئة مثل التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، كما أنها تدعم خفض التكاليف التشغيلية للشركات المحلية وزيادة الكفاءة الإنتاجية.

كما يساهم التوسع في هذا السوق بجذب الشركات العالمية للاستثمار بالمملكة فمراكز البيانات توفر بنية تحتية متطورة تدعم الشركات متعددة الجنسيات التي تتخذ من الرياض مقراً إقليمياً.

واختتم المحلل الاقتصادي حديثه قائلاً: “إن توسع مراكز البيانات لا يعزز الاقتصاد فحسب، بل يُحدث نقلة نوعية في جودة الحياة ومستوى الخدمات، مما يجعلها ركيزة أساسية لتحقيق اقتصاد رقمي مستدام ومتنوع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى