الاخبار

مجازر إسرائيلية متواصلة.. الدماء والجوع يقتل فرحة العيد في غزة

يعيش الفلسطينيون في قطاع غزة أول أيام عيد الفطر على وقع غارات إسرائيلية متواصلة

دخل عيد الفطر السعيد على سكان قطاع غزة للعام الثاني على التوالي، والمساجد لم تصدح بتكبيرات العيد كما كانت تفعل قبل بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023، بل علا صوت القصف الذي لم يهدأ منذ ليالٍ طويلة، واستمر القتل، والخوف، والجوع.

ولم يجد أهالي قطاع غزة طعامهم المفضل في أول أيام عيد الفطر، وهو الأسماك الملحة، بسبب استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق معابر القطاع بشكل كامل ومنع إدخال أي أشكال الطعام أو المواد والسلع التجارية الأخرى، كما أن الأسواق بدت شبه خالية من أي مظاهر للعيد، فالمحال التجارية إما مدمرة أو مغلقة، والعائلات لا تملك الأموال لشراء احتياجات العيد الأساسية.

غابت أيضاً مشاهد الفرح وألعاب الأطفال في أول أيام عيد الفطر، وذهب الكثير من السكان إلى المقابر لتفقد قبور أحبابهم وقراءة الفاتحة عليهم، بينما انشغل آخرون في تأدية صلاة الجنازة على شهداء جدد سقطوا جراء الغارات الإسرائيلية.

 

القصف لم يتوقف، وكذلك القتل والجوع، والخوف يظهر على وجوه الناس في قطاع غزة، خاصة مع سقوط الصواريخ على المنازل وساكنيها، واستمرار الطائرات الحربية الإسرائيلية في التحليق بالأجواء، وإطلاق المدفعية للقذائف بشكل لا يتوقف، لا سيما في المناطق الشرقية للقطاع.

وعشية ليلة العيد، أصدر جيش الاحتلال أوامر إخلاء جديد لآلاف السكان من شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، وأمرهم بالخروج من منازلهم والنزوح منها إلى غرب المدينة، وهو ما زاد من آلامهم وضاعف الضغوطات عليهم.

أمعاء خاوية

ويستقبل سكان قطاع غزة عيد الفطر بحصيلة شهداء مأساوية، حيث وصل عدد الشهداء إلى 50,277، فيما تجاوز عدد المصابين 114,095 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023، وفقاً لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 29 مارس الجاري.

وتعكس هذه الأرقام حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع، حيث لم تسلم أي أسرة من فقدان أحد أفرادها.

وفي زاوية أحد الأحياء المدمرة في وسط قطاع غزة، جلس أحمد القاضي يحتضن طفله الذي لم يحظَ بملابس العيد، بسبب عدم توفر الأموال، وتدمير غالبية المحلات التجارية في منطقة سكنهم.

ويقول القاضي لمراسل “الخليج أونلاين”: “نستقبل عيد الفطر هذا العام بأمعاء خاوية، ونعيش في خيمة نزوح، مع غياب الأمن، وعدم توفر الطعام والشراب أو حتى ملابس لأطفالنا الذين كانوا ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر”.

حرم طفل القاضي في هذا العيد من الذهاب إلى جدته الموجودة في شمال قطاع غزة بسبب إغلاق جيش الاحتلال لطريق صلاح الدين الرابط بين الشمال والجنوب، إضافة إلى الخطر الحقيقي الذي يهدد المارين عبر شارع الرشيد الساحلي.

عيد بلا ملامح

في أحد أحياء مدينة خان يونس، كان يفترض أن تعم الفرحة، وأن يزين السكان شوارعهم للأطفال كما اعتادوا كل عام، إلا أن هذا العيد جاء محملاً بالحزن والخوف، وسط استمرار العدوان الإسرائيلي الذي حول فرحة العيد إلى مشهد آخر من الألم والمعاناة.

ويقول الستيني محمود عمران: “كان من المفترض أن يرتدي الأطفال ملابس جديدة، وتمتلئ البيوت برائحة الكعك والقهوة، لكن لا شيء حصل بسبب استمرار الحرب والمجاعة وإغلاق الاحتلال للمعابر”.

كذلك، غابت أصوات التكبيرات في هذا الحي، فقد غطى ضجيج القصف على كل شيء، ومع كل انفجار، كان الأطفال يفزعون بدلًا من أن يفرحوا، وكانت العائلات تحاول الاحتماء بدلاً من تبادل التهاني.

ويضيف عمران لـ”الخليج أونلاين”: “همنا الوحيد الآن هو الحصول على الخبز من أحد المخابز القليلة التي لا تزال تعمل، والتي يدعمها برنامج الأغذية العالمي، بعد الاصطفاف في طوابير طويلة، بدلاً من استقبال المهنئين بالعيد كما كنا نفعل كل عام”.

وأصيب عمران بخيبة أمل مع عدم الإعلان عن هدنة خلال أيام عيد الفطر، رغم التوقعات المتزايدة بإمكانية حدوث ذلك قبل العيد.

أنقاض المساجد

ولم تسلم مساجد قطاع غزة من آثار العدوان، حيث تعرض الكثير منها للقصف أو الضرر، ما جعل أداء صلاة العيد في بعض المناطق شبه مستحيل، ورغم ذلك، أصرّ بعض السكان على إقامة الصلاة فوق الأنقاض، في رسالة تحدٍّ وصمود في وجه الاحتلال.

وكانت تكبيرات العيد، التي بدأت مبكراً هذا العام قبل صلاة العشاء، حزينة يملؤها الدعاء للشهداء والجرحى، وللأحياء الذين يكافحون للبقاء وسط هذه الأوضاع القاسية.

ويأمل عمران ومعه مئات الآلاف من سكان قطاع غزة في انتهاء الحرب التي تقترب من دخول عامها الثاني، وأن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية، ليتمكنوا من الاحتفال بالعيد كما اعتادوا، بلا خوف أو جوع أو دمار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى