الاخبار

ما هدف عباس من نقل مستحقات الأسرى والشهداء لمؤسسة أهلية؟

وزير فلسطيني طالب عباس بإلغاء المرسوم الرئاسي المتعلق بنظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى

قوبل قرار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، القاضي بإلغاء القوانين والأنظمة المتعلقة بدفع المخصصات المالية لعائلات الشهداء والأسرى والجرحى، ونقل إدارة هذا الملف إلى “المؤسسة الوطنية للتمكين الاقتصادي”، بانتقادات حادة من الأطراف الفلسطينية المختلفة سواء الرسمية أو الشعبية والأهلية.

الكثير من الفلسطينيين والفصائل والمؤسسات، اعتبرت قرار عباس بأنها “تخلٍ” عن قضية وطنية، واستجابة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية التي طالبت منذ فترة طويلة بإنهاء ما يعرف بـ”برنامج دفع المخصصات لأهالي الشهداء والأسرى”.

في المقابل، ترى السلطة الفلسطينية أن هذه المخصصات تعتبر مسؤولية اجتماعية تجاه عائلات الشهداء والأسرى، وهدف الرئيس الفلسطيني من القرار “تخفيف بعض الضغوط المالية” على السلطة، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها.

كما لاقى القرار ترحيباً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، معتبرين أنه خطوة نحو تحسين العلاقات وتعزيز التعاون مع السلطة الفلسطينية.

ويبدو أن عباس أراد قطع الطريق أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي علق خلال ولايته الرئاسية الأولى مساعدته المالية للسلطة، واشترطت لإعادتها أربعة شروط، وهي “التوقف عن دفع الرواتب لأسرى الفلسطينيين، وسحب القوانين التي تجيز دفع مثل هذه الرواتب، واتخاذ خطوات موثوقة لإيقاف “الإرهاب” الفلسطيني (في إشارة للمقاومة)، والإدانة العلنية والتحقيق في أعمال العنف (العمليات ضد الاحتلال)”.

معايير إدارية

أكثر الأصوات انتقاداً ضد قرار الرئيس عباس، جاء من قبل رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين وهو الوزير بالسلطة الفلسطينية، قدورة فارس، الذي عبر عن رفضه للمرسوم الرئاسي وطالب بسحبه.

وتفاجئ فارس بمرسوم عباس، القاضي بإلغاء مستحقات الأسرى والشهداء، معتبراً أن “قراراً بهذا الحجم كان يستدعي انعقاد المجلس الوطني لاتخاذه”.

وأكد فارس خلال مؤتمر صحفي له، الثلاثاء 11 فبراير الجاري، أن هيئة شؤون الأسرى ترفض مرسوم عباس وتطالب بسحبه، مشيراً إلى أنه “يمس شرائح واسعة من الشعب الفلسطيني”.

وأوضح أن مؤسسة “تمكين” التي تم نقل ملف المخصصات إليها هي مؤسسة أهلية، وسترسل طواقم للتأكد من صعوبة الحالة المادية لهذه العائلات قبل صرف 700 شيكل “وهذا غير مقبول”.

وقال فارس: “لا يمكن القبول بهذا الإجراء، فمن غير المعقول أن تخضع حقوق الأسرى والشهداء لمعايير إدارية أو اقتصادية جديدة تتجاهل البعد الوطني لهذه القضية”، مؤكداً أن “الذين يضحون بأرواحهم وزهرات أعمارهم وأطرافهم يجب أن يبقوا أعزاء كرماء”.

غضب فلسطيني

رئيس الدائرة السياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر مراد، اعتبر أن قرار رئيس السلطة محمود عباس، يعكس عدم قدرة القيادة الفلسطينية الحالية على تبني قضية الأسرى التي تعتبر كفاح وطني.

ويقول مراد في تصريح وصل “الخليج أونلاين”: “قضية الأسرى مرتبطة بكفاح الشعب الفلسطيني، وعلى السلطة ألا تتعامل معها وكأنها في حرج، وألا تخضع للابتزاز من أجل المساعدات الغربية والأمريكية التي تصنف الأسير الفلسطيني على أنه إرهابي”.

ويوضح أن قضية الأسرى ليست مرتبطة بالبعد المادي، لأن القرار لا يمسّ رواتبهم، وإنما يمس جوهر المصطلحات والمفاهيم الوطنية، المرتبطة بـ “الشهادة والأسر”.

وبين أن القرار يعكس تبني رئيس السلطة للرواية والسردية الإسرائيلية والأمريكية التي توحي بأن مستحقات الأسرى هي ذات بعد “إرهابي”، ومن ناحية أخرى يوحي القرار أن التعامل مع قضية الأسرى من منطلق الشفقة والمنة.

استجابة للضغوطات

من جانبه، يرى الكاتب والمختص في شؤون الأسرى، إبراهيم مطير، أن قرار عباس جاء نتيجة الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية على السلطة والتي تتعلق بالأمور المالية، وحجز أموال المقاصة الفلسطينية.

يقول مطير في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الرئيس الفلسطيني توجه إلى الالتفاف على الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية، ورفض قطع رواتب الأسرى والشهداء، وذهب إلى تحويل الملف من الإدارة الرسمية للسلطة إلى مؤسسة أخرى تابعة لمكتب الرئيس نفسه”.

ودافع عن القرار قائلاً إنه “يحفظ حقوق الأسرى وأهالي الشهداء، ويضمن استمرار حصولهم على رواتبهم ولكن ليس من خلال مؤسسة رسمية تابعة للسلطة ولكن سيتم من خلال مؤسسة أهلية”.

وأكد أن القانون الأساسي الفلسطيني يضمن حقوق الأسرى وأهالي الشهداء، ويحظر على أي جهة رسمية التلاعب بها أو منعهم من الحصول عليها، “إذ لن يقبل أي مسؤول فلسطيني أن يسجل على نفسه أنه منع هذه المخصصات عن هذه الفئة الوطنية والهشة”.

مخصصات قانونية

يذكر أن القانون الفلسطيني تكفل بتقديم مخصصات مالية شهرية للأسرى وأهالي الشهداء والجرحى، يتم صرفها من قبل موازنة السلطة الفلسطينية.

وتنص المادة الثانية من القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003 وتعديلاته أن “كل أسير (اعتقل على خلفية النضال) يمنح راتباً شهرياً يصرف له أو لأسرته، على أن لا يكون مستفيداً من راتب شهري من أي جهة حكومية أو شبة حكومية أو أية مؤسسة رسمية، كما أنه لا يجوز للدوائر الحكومية أو المؤسسات الرسمية أو المؤسسات شبه الحكومية أن تقطع رواتب الموظفين لديها في حال تم أسرهم”.

وتؤكد المادة الرابعة أنه “يستفيد من أحكام هذا النظام الشخص المفروض عليه الإقامة الجبرية من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، على أن يقدم ذويه الأوراق الثبوتية اللازمة لذلك إلى الإدارة المختصة، على أن يتم صرف راتب للأسير من تاريخ أسره، بحسب المادة السابعة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى