الاخبار

ما مستقبل الوجود الروسي في سوريا بعد سقوط الأسد؟

ما أحدث المواقف الروسية تجاه الإدارة السورية الجديدة؟

صرح بوتين أن فصائل المعارضة التي أسقطت الأسد قد تغيرت داخلياً.

ماذا قال الشرع حول العلاقات والوجود الروسي في سوريا؟

أكد اهتمام دمشق ببناء علاقات استراتيجية مع روسيا على أساس سيادة سوريا واستقلال قرارها.

تشير كافة التقييمات الراهنة للوضع في سوريا إلى أن روسيا أكبر الخاسرين بعد إيران من سقوط نظام بشار الأسد، بعد أن امتلكت وجوداً على الأرض في هذا البلاد الاستراتيجي منذ أواخر العام 2015.

ومنذ أيام بدأت روسيا إخلاء ثكناتها في عدة مناطق سورية وخصوصاً مناطق الساحل غرب البلاد حيث تتمركز في قاعدة حميميم البحرية.

واليوم وبعد مرور نحو أسبوعين على سقوط الأسد، تتبادر الكثير من الأسئلة حول مستقبل الوجود الروسي في سوريا، وما إذا كانت موسكو قادرة على مد جسور الشراكة مجدداً مع سوريا الجديدة.

بوتين وسوريا الجديدة

يُجمع المراقبون لتطور الأحداث في سوريا، على أن عدم التدخل الروسي لمنع سقوط الأسد أمام جحافل المعارضة، كان من الأسباب الرئيسية لانهيار قواته في غضون 11 يوماً (27 نوفمبر – 8 ديسمبر).

هذا التحول الروسي تجاه الأسد، عبر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال المؤتمر الصحفي السنوي الذي عقده في موسكو (الخميس 19 ديسمبر) حيث قال: “فصائل المعارضة المسلحة التي أسقطت الأسد شهدت تغييرات داخلية” لافتاً أن “الدول الغربية باتت تتواصل معها، وهذا دليل على أنها لم تعد فصائل إرهابية” معتبراً أن “سقوط الأسد لا يمثل هزيمة لموسكو”.

كما أشار بوتين إلى أن “موسكو قدمت اقتراحات للقيادة السورية الجديدة بخصوص الإبقاء على القاعدتين العسكريتين في اللاذقية وحميميم، وإمكانية استخدامها لأغراض إنسانية” لافتاً إلى أن “النقاشات حول هذا الأمر مستمرة”.

ويبدو أن روسيا ستضع في الحسبان وجهة نظر دول الإقليم في موضوع سحب قواتها أو إبقائها، وحول هذا قال بوتين: “نحافظ على علاقات مع كل المجموعات التي تسيطر على الوضع هناك، ومع كل دول المنطقة، وغالبية الدول الإقليمية يؤكدون لنا أنهم مهتمون ببقاء قواعدنا العسكرية في سوريا”.

وأضاف أن “روسيا تنظر في وجود قواعدها في سوريا أو الانسحا،ب لكن قبل ذلك يجب النظر كيف ستتطور العلاقات مع القوى السياسية التي تسيطر الآن وستسيطر على الوضع في سوريا مستقبلاً، حيث أن بقاءنا سيعتمد على توافق المصالح مع السلطات الجديدة هناك”.

وفي (17 ديسمبر) أقر البرلمان الروسي قانوناً يسمح بتعليق حظر التنظيمات التي تصنفها موسكو على أنها إرهابية، ما يعني تمهيد الطريق لتطبيع العلاقات مع هيئة تحرير الشام التي يرأسها أحمد الشرع.

وجهة نظر سورية

ولم تخض فصائل المعارضة خلال معركة “ردع العدوان”، التي انطلقت في 27 نوفمبر الماضي، أي مواجهات مع القوات الروسية التي كانت منتشرة في قرابة 21 ثكنة وقاعدة، و93 نقطة عسكرية.

ومنذ سقوط الأسد في 8 ديسمبر الجاري، كان هناك عدة تصريحات منها للشرع قائد عملية “ردع العدوان” والقائد الفعلي للمرحلة الانتقالية في سوريا أكد فيها رغبة دمشق في إقامة علاقات طيبة مع موسكو.

ففي (14 ديسمبر) قال الشرع في تصريحات لتلفزيون سوريا إن “الإدارة السورية الجديدة أعطت روسيا فرصة، لإعادة النظر في علاقتها مع الشعب السوري”.

ويوم الخميس (19 ديسمبر) قال الشرع في حوار مع قناة “بي بي سي” البريطانية، “إن سوريا وروسيا تتمتعان بعلاقات استراتيجية قديمة” مؤكداً “اهتمام دمشق ببناء علاقات استراتيجية مع روسيا على أساس سيادة سوريا واستقلال قرارها”.

الشرع قال في هذا الصدد إنه بإمكان الروس البقاء في سوريا مبدئياً مؤكداً أنه لا يمكن أن تنفك سوريا سريعاً عن موسكو وأنه ليس هناك استعجال في هذا الملف، مؤكداً وجود قنوات اتصال بين البلدين، لكنه أشار إلى وجود “اتفاقيات جائرة جرت بين النظام السابق وروسيا ينبغي إلغاءها”.

واقع جديد

الباحث الروسي ديميتري بريجع يرى أنه “تم فرض واقع جديد على السياسة الروسية بعد سقوط نظام بشار الأسد، والذي شكل سقوطه بهذه الطريقة، مفاجأة كبيرة لموسكو وطهران أيضاً”.

وقال بريجع في تصريحات لـ”الخليج أونلاين”: “روسيا استثمرت في سوريا وحاولت تطبيق الحل السياسي وإعادة العلاقات بين أنقرة ونظام بشار الأسد إلا أنها فشلت”.

كما يشير إلى أن “موسكو حاولت قدر الإمكان إيجاد حل للأزمة السورية” مؤكداً أنه لولا مساندة روسيا وإيران للنظام السوري في 2015 لما صمد كل هذا الوقت”.

ولفت إلى أن “هناك تحول كبير في الساحة السياسية السورية، وتوجه لإضعاف للدور الإيراني” مضيفاً: “ما نراه اليوم في السياسة الجديدة لسوريا لن يكون هناك دور لإيران، لكن سيكون هناك دور لروسيا وتركيا والولايات المتحدة، وربما لإسرائيل من الناحية العسكرية في الجولان ومناطق أخرى”.

كما يرى بريجع أن “العلاقات المرتقبة بين روسيا والنظام الجديد في سوريا، ستعتمد بشكل أساسي على مصالح موسكو الاستراتيجية في المنطقة” لافتاً غلى أنه من المهم إدراك أن “سوريا ليست مجرد حليف تقليدي لروسيا، بل تمثل نقطة ارتكاز لسياسات موسكو الإقليمية، سواءً من الناحية الجيوسياسية والاقتصادية”.

وأضاف: “الاتفاقيات السابقة لا سيما المتعلقة بالقاعدة العسكرية في طرطوس وحميميم، ستظل حجر الزاوية في العلاقة، روسيا تعتبر هذه القواعد أدوات لضمان نفوذها العسكري في شرق المتوسط، وهذا ما نعده خطا أحمر في استراتيجيات الدفاعية”.

وأشار إلى أن “روسيا تظهر دائماً قدراً عالياً في التكيف مع التغيرات السياسية، طالما أن مصالحها الأساسية محفوظة”، مضيفاً: “إذا أظهر النظام الجديد مرونة تجاه الاتفاقيات الروسية، فمن المتوقع أن تحافظ موسكو على دعمها للنظام الجديد في سوريا”.

وجود استراتيجي

وتعتبر روسيا وجودها في سوريا جزء من استراتيجيتها الأوسط، للتأثير في الشرق الأوسط، وفقاً للباحث بريجع، لافتاً إلى أن خسارتها للموانئ في الساحل السوري قد يؤثر على دورها في القارة الأفريقية.

وقال في هذا الصدد:

  •  موسكو ستركز في المستقبل على تعزيز دورها الاقتصادي، بما في ذلك إعادة الإعمار، واستثمار الموارد الطبيعية، خصوصا مع استمرار وجودها كلاعب في سوريا.

  • أعتقد أن العلاقات بين موسكو ودمشق ستبقى قائمة على المصالح المشتركة، مع استعداد روسيا لدعم أي نظام يحافظ على مصالحها الاستراتيجية على المدى البعيد.

  • لم تدعم روسيا خلال الأيام الماضية النظام السوري، باستثناء بعض الضربات في إدلب، سوريا استثمرت في الفرقة الخامسة التي يقودها اللواء سهيل الحسن، وحاولت أن تصنع نخبة عسكرية ولكن النتيجة فشلت.

تحول في الخطاب

ويبدو أن السياسة الروسية ستكون مختلفةً تماماً تجاه سوريا خلال الفترة المقبلة، وفقاً لبرجيع والذي أضاف في حديثه لـ”الخليج أونلاين”:

  • هناك تحول في المصطلحات المستخدمة في الإعلام الروسي وخطاب الجهات الرسمية الروسية، سابقاً كانت تحضر مصطلحات المتطرفين والإرهابيين، الآن يجري الحديث عن الفصائل المسلحة والحكومة السورية الجديدة وهيئة تحرير الشام.

  • الإعلام الروسي بدأ يتحدث عن مشاكل سوريا، كالسجون والمعتقلين وغيره، وهذا كان غير موجود سابقاً، وهذا دليل على تحوّل كبير في السياسة الروسية.

  • من الواضح أن أحمد الشرع بدأ يستعمل استراتيجية دبلوماسية مختلفة، لما فيه مصلحة الحكومة السورية الجديدة، لذلك هو يعتمد على أساليب معينة، حتى في تصريحاته الأخيرة.

  •  لكن لا ننسى أن الحكومة المؤقتة حالياً جاءت ليس وفق الدستور والقوانين السورية، بل هي سلطة أمر واقع، وخلال الأشهر القادمة ستتضح الصورة أكثر.

  • روسيا تعمل قدر الإمكان مع الفصائل المسلحة كما أيضاً تعمل مع الأطراف السياسية في منصة موسكو، بالرغم من أن هذه الأطراف لا يوجد لها تأثير كبير على أرض الواقع، وبالتالي موسكو حريصة على أن يكون هناك حوار سوري سوري مستقبلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى