ما رسائل “حماس” من مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليات؟

حرصت “حماس” على أن تكون عملية تسليم الأسرى دراماتيكية وغير متوقعة، لاسيما بعد 15 شهراً من الحرب.
بالباس العسكري وابتسامات عريضة ويلوحن بأيديهن بإشارة النصر، هكذا أفرجت فصائل المقاومة الفلسطينية عن أربع مجندات إسرائيليات، في مشهد سريالي أصاب الداخل الإسرائيلي بصدمة ظهرت معالمها في وسائل الإعلام العبرية.
حيث حرصت حركة “حماس” الفلسطينية على أن تكون عملية تسليم الأسرى دراماتيكية وغير متوقعة، لاسيما بعد 15 شهراً من الحرب التي تعرضت لها غزة، حيث ظهرن وهن بكامل صحتهم وسلامتهم النفسية والجسدية.
وقدمت الأسيرات الأربع، كارينا أرئيف، ودانييلا جلبوع، ونعمة ليفي، وليري إلباج، رسائل شكر لكتائب “القسام” الذراع العسكرية لـ”حماس” على حمايتهن ورعايتهن خلال أشهر الأسر، قبل أن يتسلمهن لفريق الصليب الأحمر الدولي.
كما منحت “القسام” هدايا رمزية لهن وهو ذات الإجراء الذي قاموا به خلال الإفراج عن الأسيرات الثلاث يوم 19 يناير الجاري، في المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
رسالة “حماس”
مشهد التسليم قالت عنه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أنه رسالة من “حماس” بأنها “لا تزال مسؤولة عن غزة”.
في حين قال المتحدث باسم الحركة عبداللطيف القانوع، إن “تفاصيل تسليم المقاومة للأسيرات المجندات تحكي إبداع مقاومة وترسّخ نموذج عِزَّة وكبرياء”.
وبينما قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي إن عودة المجندات الأسيرات جزء لا يتجزأ من انتصار “إسرائيل”، ذهب موقع “والا” العبري إلى التأكيد على أن “مشاهد عملية تبادل الأسيرات الأربع من غزة هي عرض صادم”.
ونقل الموقع عن مصدر عسكري إسرائيلي قوله: “حركة “حماس اختارت عناصر نخبة القسام للظهور إلى جانب الأسيرات وهم يحملون سلاح تافور الخاص بنخبة الجيش تم الاستيلاء عليه يوم 7 أكتوبر 2023” (تاريخ تنفذ حماس لعملية طوفان الأقصى).
بدوره قال موقع “إكسبرس”، العبري إن “ظهور 4 عناصر من كتائب القسام بجانب الأسيرات المجندات، وهم يحملون سلاح تافور الخاص بنخبة الجيش، بمثابة إهانة للجيش الإسرائيلي”.
مشاهد بليغة
يرى الباحث والمحلل السياسي حسام شاكر، أن مشاهد تسليم الأسرى تُعبر عن واقع المقاومة الفلسطينية على الأرض عموماً وفي مدينة غزة خصوصاً، التي يركز عليها ضغط الاحتلال في الشهور الماضية بشكل كبير جداً.
وأضاف في تصريح لـ”الخليج أونلاين”:
-
المقاومة الفلسطينية تفاجئ الاحتلال، وجمهورها في فلسطين وخارجها بهذا الاقتدار الميداني، على مستوى الشكل وعلى مستوى الكثافة العددية للمقاتلين، وعلى مستوى الانضباط والتراتبية القيادية.
-
هذا المشاهد تطرح سؤالاً بسيطاً في الأوساط الإسرائيلية مفاده: “ماذا كان يفعل جيش الاحتلال في غزة منذ أكثر من 15 شهراً من الحرب الضارية”، وهي الرسالة الأكثر إيلاماً للاحتلال وداعميه وجمهوره.
-
هذا السؤال يحيرهم كثيراً، خاصةً بغد كثافة المقاومين الذين ظهروا، بخلاف الذين لم يظهروا، وقدراتهم التسلُّحية واللوجستية الواضحة.
-
قدرتهم على إدارة عملية معقدة تحتاج إلى تراتبية قيادية، ومتابعات واحتياطات، بالإضافة إلى المركبات التي ظهرت في الميدان وكأنها لم تمس مطلقاً، وكأننا نشهد المركبات ذاتها التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023.
-
كل ذلك يعني أن الحرب الإسرائيلية لم تنجح في تحقيق أهدافها، وأن الوضع الميداني في غزة تحت سيطرة المقاومة.
-
هذه المشاهد تؤكد أن الشارع الغزي ملتف ومحتفي بالمقاومة، رغم كل محاولات الضغط على الحاضنة الشعبية.
-
المؤكد أن المقاومة تظهر اليوم أنها صانعة الحدث الفلسطيني، وأنها قادرة على أن تفرض شروطها وأنها أدارت المفاوضات ثم أدارت الإجراءات الميدانية باقتدار، وهذه رسائل في تقديري وصلت عنوانها.
-
هذه المشاهد تعني أن فكرة استئصال المقاومة الفلسطينية غير واقعية غير ممكنة، وأن واقع الالتحام الشعبي معها قادر على أن ينتج أجيالاً متلاحقة على مستوى القيادة والصفوف المتعددة في بناء المقاومة وهياكلها.
-
مشاهد الاحتفال بوصول الأسرى تشكل عقدة للاحتلال، كما أنها تكشف هشاشة الحالة المعنوية لديه، لأنه لا يريد أن يرى أي مظاهر للشعب الفلسطيني.
-
الاحتلال الإسرائيلي ينكر وجود الشعب الفلسطيني في أعماقه، ويخشى كثيراً من المظاهر التي تعبر عن وجود شعب له القضية وروح جماعية وحالة شعبية نابضة ومتأججة عن نحو الذي يتضح كثيراً في صفقات التبادل ونحوها.
إنعاش الروح الفلسطينية
وفي مقابل حالة التذمر والإحباط في الداخل الإسرائيلي، تظهر مشاهد تسليم واستلام الأسرى حالة الفرحة العارمة في الأوساط الفلسطينية، نظراً لما يمثله ملف الأسرى من أهمية بالغة في وجدان الشعب الفلسطيني.
وفي هذا الصدد قال المحلل المتخصص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، إنه بعد عام وثلاثة شهور من المشاهد القاسية والمجازر والتدمير والحرب، تأتي هذه الصور لتنعش روح شعبنا الفلسطيني، مشيراً في تصريح لـ”الخليج أونلاين”:
-
قضية الأسرى تحديداً تحظى بإجماع كل الفلسطينيين، ولا يختلف عليها لا معارضين ولا مؤيدين ولا غزة ولا الضفة.
-
مشهد الإفراج عن الأسرى يفرح ويعتز به كل فلسطيني، لكن هذا لا ينسينا الواقع الصعب والتحديات أمام هؤلاء الأسرى وأمام الشعب الفلسطيني وقطاع غزة.
-
آمل أن تكون هذه بداية لانفراجة في كل الأحوال الفلسطينية، وبداية النهاية لهذه الحرب وأن يعود الشعب الفلسطيني لاحتضان آسراه وإعادة ما هدمه الاحتلال وهذه الحرب.
-
حرصت “حماس” على إظهار مشاهد خلال عملية تبادل الأسرى، تظهر قوتها ووجودها وأنها منظمة ولا تزال تسيطر على قطاع غزة.
-
هذه المشاهد أثارت بكل تأكيد ردود فعل في “إسرائيل”، وانتقادات لجيش الاحتلال والمستوى السياسي لحكومة بنيامين نتنياهو.
-
رغم كل ما كان يقوله الجيش الإسرائيلي، لا تزال الأمور في غزة غير محسومة، ولا تزال “حماس” قادرة على السيطرة، والإفراج عن الأسرى، وقادرة على تنظيم احتفالات من هذا النوع.
-
بكل هذا تأكيد سينعكس على المرحلة القادمة، وأيضاً سينعكس على معنويات الناس والشارع ونظرته للحرب، لكن كل هذه المشاعر لا تنسينا أن هناك تحديات كبيرة، وهناك واقع جداً صعب في القطاع والضفة الغربية.