ماذا حققت “المشاريع الخضراء” في السعودية؟
صندوق الاستثمارات العامة حدد متطلبات الإنفاق الرأسمالي الخاص بالمشاريع الخضراء المؤهلة بقيمة 19.4 مليار دولار.
حتى شهر يونيو الماضي، جرى تخصيص 5.2 مليارات دولار من إجمالي تلك النفقات المحددة.
تواصل السعودية مسيرتها نحو التحول إلى اقتصاد مستدام ومتوافق مع البيئة من خلال سلسلة من المشاريع الخضراء الطموحة، التي تأتي في إطار “رؤية 2030”.
أحدث ما كشفت عنه المملكة في في سياق جهود التحول نحو الاقتصاد الأخضر، ما جاء في تقرير لصندوق الاستثمارات العامة السعودي (صندوق الثروة السيادي)، حيث حدد متطلبات الإنفاق الرأسمالي الخاص بالمشاريع الخضراء المؤهلة بقيمة 19.4 مليار دولار.
وأوضح الصندوق في تقريره الذي صدر أخيراً، أنه حتى شهر يونيو الماضي، جرى تخصيص 5.2 مليارات دولار من إجمالي تلك النفقات المحددة.
وحول هذه المخصصات قال الصندوق:
-
ستصب في صالح الإنفاق في مشاريع الطاقة المتجددة والمباني الخضراء وإدارة المياه المستدامة.
-
ستضاف قريباً مشاريع خضراء مؤهلة جديدة إلى سجل التمويل الأخضر لدى الصندوق.
-
المشاريع المرتقبة تشمل مجموعة واسعة من المبادرات في مجال الطاقة المتجددة، والإدارة المستدامة للمياه، والمباني الخضراء، والوقاية من التلوث، وكفاءة الطاقة، والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية الحية والأراضي، والنقل النظيف.
مبادرات طموحة
جميع المشاريع الخضراء المؤهلة تساهم في تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ومن المتوقع أن تقدم فوائد بيئية كبيرة.
وكان صندوق الاستثمارات العامة السعودي أصدر في أكتوبر 2022، أول سندات خضراء في تاريخ الصناديق السيادية العالمية.
كما تبدي المملكة اهتماماً مستمراً في سياق جهودها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، ويلاحظ ذلك من خلال دعم وتبني المشاريع التي تدعم هذا التوجه، بُغية تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي لاقتصاد البلاد.
وتهدف هذه المشاريع إلى تعزيز التنمية المستدامة، تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وحماية البيئة من التغيرات المناخية.
وعلى مدار السنوات الماضي تبنت المملكة العديد من المشاريع الخضراء من أبرزها:
– مبادرة السعودية الخضراء
-
أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مارس 2021، وتضم 77 برنامجاً مختلفاً لدفع عجلة النمو المستدام، باستثمارات تتجاوز قيمتها 700 مليار ريال سعودي (186 مليار دولار).
-
تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة.
-
تساهم في تحسين جودة الهواء، ومكافحة التصحر، وتعزيز التنوع البيولوجي.
-
تسعى إلى تحويل مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية إلى مناطق خضراء تساهم في خفض درجات الحرارة وصولاً إلى الحياد الصفري.
– المدينة الذكية الخضراء “نيوم”
-
مشروع نيوم يُعد نموذجاً للمدن المستقبلية المستدامة.
-
يعتمد بشكل كامل على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
-
يهدف إلى أن يكون مجتمعاً خالياً من الانبعاثات الكربونية ومرتكزاً على أحدث تقنيات الاستدامة في جميع مجالاته.
– الطاقة المتجددة
-
مشروع محطة سكاكا للطاقة الشمسية ويهدف إلى تحقيق هدف توليد 50% من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
-
تطوير محطات طاقة الرياح مثل مشروع دومة الجندل، الذي يعد أول مشروع كبير للطاقة الريحية في المملكة.
– مشروع الهيدروجين الأخضر
-
تعمل المملكة على بناء واحدة من أكبر المنشآت لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم في نيوم.
-
ستبلغ تكلفتها 500 مليار دولار.
-
تضمّ المحطة التي بلغت قيمتها 8.4 مليارات دولار، طاقة الرياح والطاقة الشمسية لإنتاج ما يصل إلى 600 طن من الهيدروجين الأخضر في اليوم، بحلول أواخر عام 2026.
– برنامج الاقتصاد الدائري للكربون
-
يقوم البرنامج على مبدأ تقليل الانبعاثات الكربونية وإعادة تدويرها واستخدامها من جديد.
-
البرنامج يهدف إلى تحقيق اقتصاد مستدام مع الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية.
تقدم ملموس
المشاريع الخضراء العديدة التي تبنتها السعودية حققت فيها نسب إنجاز عالية، وما زالت بعضها تحت التنفيذ، لكنها جعلت المملكة من الدول الرائدة في استثمارات الطاقة النظيفة، حيث أثبتت نجاحاً في تقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للطاقة.
كما ارتفعت مكانة المملكة في مؤشر الأداء البيئي العالمي نتيجة لمبادراتها البيئية الطموحة، وفي هذا الشأن قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض، في أبريل الماضي، إن “إنتاج الكهرباء في المملكة يقدم بأقل تكلفة وبأسعار تنافسية”.
وأشار إلى أن بلاده تركز على إدارة نظم الطاقة بصورة اقتصادية وتحويلها إلى قيمة نقدية ومفيدة للبيئة بما يتوافق مع مفاهيم التغير المناخي، مؤكداً أن الحكومة لديها عدد من البرامج والمشروعات، وهي ملتزمة بتحقيق أمن واستدامة الطاقة.
الكاتبة كنانة دحلان، وعبر مقال في صحيفة “عكاظ” أشادت فيه بالإنجازات المتحققة بمجال مشاريع الطاقة الخضراء، أكدت إن “الأفكار والممارساتِ والتجارب التي تُثري الاستدامة البيئية تحتاج إلى مزيد من الجهود الجماعية”.
وأمام المبادرات العديدة التي تبنتها المملكة في هذا الشأن، تقول كنانة إنّ الأمر يستدعي توحيد الجهود تجاه القضايا البيئية وتكاملها من خلال التعاون بين الجهات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة “لغرس ثقافة الإصحاح البيئي؛ وحماية النظم البيئية في الوعي الجَمعي”.
بدوره يقول الكاتب وليد الزامل في مقال بصحيفة “مكة” حمل عنوان “نحلم ونحقق للمدن السعودية”، إن بناء مدن المستقبل “نافذة تستشرف بها المملكة العربية السعودية دورها الريادي في المنطقة لتطل نحو آفاق تخدم شعوب العالم”.
يستعرض الزامل عدة مبادرات كبيرة وهامة تنفذها السعودية في هذا الخصوص منها “الشرق الأوسط الأخضر، والطاقة النظيفة، وإدارة النفايات، والحفاظ على الحياة الفطرية، وتحفيز البحث العلمي ومبادرات الذكاء الاصطناعي والابتكار”.
ويشير الزامل إلى خصوصية مشروع نيوم وأهمية، مؤكداً أنه يستغل المواقع الاستراتيجية في السعودية ليخلق بيئات عمرانية تقدم تجربة معيشية جديدة تتماهى مع الطبيعة.
وعليه يشدد الكاتب على ضرورة استغلال هذه النهضة التي تتبناها “رؤية 2030” بما يصب في صالح رفاهية المجتمع، مبيناً “تقع على إدارات المدن مسؤولية تسخير هذه المشاريع والمبادرات العمرانية الطموحة ضمن خطة استراتيجية محلية للمدن وصولاً لتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية”.