مؤشر الأداء البيئي.. بوابة إلى اقتصاد سعودي أكثر استدامة

المؤشر الوطني للأداء البيئي يقيس التقدم في خمسة نطاقات رئيسة:
الحياة الفطرية، والغطاء النباتي، وإدارة النفايات الصلبة، وتلوث الهواء والتربة والمياه، وخدمات الأرصاد.
يؤكد تدشين السعودية لـ”المؤشر الوطني للأداء البيئي” التزام المملكة باستراتيجية بيئية متكاملة قائمة على علوم البيانات والمعايير الدولية.
ومع الإنجازات التي تحققت على صعيد التشجير والطاقة المتجددة وحماية التنوع الحيوي، ترسّخ المملكة مكانتها بصفتها محفّزاً رئيسياً للعمل المناخي في المنطقة، ومتقدمةً بثبات نحو مستهدفات رؤية 2030 واستدامة مستقبل الأجيال.
“المؤشر الوطني للأداء البيئي” الذي يعدّ أحد مشاريع السعودية الداعمة للبيئة، دشنه وزير البيئة والمياه والزراعة عبد الرحمن الفضلي، في 20 أبريل الماضي.
أداة استراتيجية
المؤشر الوطني للأداء البيئي، يعدّ أداة استراتيجية لرصد حالة البيئة وصناعة قرارات دقيقة مبنية على البيانات.
صُمّم المؤشر بالتكامل مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والجهات الوطنية المختصة لضمان جودة البيانات ومصداقيتها.
ويمثل هذا المؤشر الخطوة الأبرز في مسار الحوكمة البيئية الوطنية لما له أهمية كبيرة تتجسد في:
-
قياس التقدم في خمسة نطاقات رئيسة: الحياة الفطرية، والغطاء النباتي، وإدارة النفايات الصلبة، وتلوث الهواء والتربة والمياه، وخدمات الأرصاد.
-
يوفّر نظام إنذار مبكر يلتقط التوجهات البيئية السلبية والإيجابية، ويسمح باتخاذ إجراءات تصحيحية قبل تفاقم الأزمات.
-
يعزّز الشفافية والمساءلة من خلال نشر مؤشرات الأداء دورياً أمام صناع القرار والجمهور.
-
يدعم أهداف الاستدامة الواردة في رؤية المملكة 2030، لا سيما المتعلقة بجودة الحياة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
-
يمكّن من تحديد المجالات ذات الأولوية للتدخل البيئي، مثل التقليل من انبعاثات الكربون وحماية التنوع الحيوي.
مبادرات وبرامج
في إطار رؤية 2030 أثبتت السعودية نجاحاً كبيراً في القطاع البيئي، مستغلة قدراتها المالية وطاقاتها المختلفة لتدشين برامج مختلفة تضمن الاستدامة البيئية وتعمل على تحقيق طفرات واسعة في المجال.
وكان من أبرز النجاحات التي تحققت في المملكة خلال سنوات قليلة:
-
أطلاق مبادرة “السعودية الخضراء” في مارس 2021 وزُرعت أكثر من 115 مليون شجرة واستُصلحت 118 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، مع هدف 10 مليارات شجرة واستصلاح 40 مليون هكتار وخفض 278 مليون طن من الانبعاثات بحلول 2030.
-
تدشين محطة سدير للطاقة الشمسية بقدرة 1.5 غيغاواط وتساهم بتقليل نحو 2.9 مليون طن من انبعاثات CO₂ سنوياً.
-
إطلاق مشروع “الرياض الخضراء” بزراعة أكثر من 7.5 مليون شجرة في أنحاء العاصمة.
-
تشغيل محطة رأس الخير الهجينة لتحلية المياه وإنتاج الطاقة بقدرة إجمالية 2.400 ميغاواط كأكبر محطة من نوعها عالمياً، مع خفض كبير في البصمة الكربونية.
حماية البيئة
الكاتبة السعودية د. لمياء البراهيم أكدت أن رؤية السعودية 2030 أولت أهمية بالغة لحماية البيئة ومواجهة تغيّرات المناخ، من خلال تطوير بدائل الطاقة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، والحد من التبعات البيئية للصناعة.
وشددت البراهيم في مقال بصحيفة “اليوم” حمل عنوان “استدامة الاستراتيجية الخضراء”، على ضرورة وجود منظومة حكومية متخصصة تُعنى بالحفاظ على البيئة، لافتة إلى تحذيرات الأمم المتحدة من أن الطبيعة تمر بحالة طوارئ بيئية.
ودعت إلى اتخاذ خطوات عاجلة للحد من الاحتباس الحراري دون 1.5 درجة مئوية، وتقليص انبعاثات الغازات المسببة له بنسبة 50% بحلول عام 2030، بالإضافة إلى تقليل التعرض لتلوث الهواء إلى مستويات آمنة، وتقنين تدفق النفايات البلاستيكية إلى الأنظمة البيئية المائية.
بدوره أشاد الكاتب السعودي مشعل الحارثي بجهود حكومة المملكة في التصدي للقضايا البيئية منذ وقت مبكر، مؤكداً أنها سخّرت إمكانات كبيرة للحد من التلوث وتحقيق التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن المملكة أقرت نظام البيئة ولوائحه التنفيذية، وأطلقت الاستراتيجية الوطنية للبيئة التي تتضمن أكثر من 65 مبادرة باستثمارات تفوق 55 مليار ريال (14.6 مليار دولار)، إلى جانب جهود التوعية البيئية، وتشجيع البحث والتطوير في تحويل النفايات إلى طاقة، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص.
ولفت الحارثي في مقال بصحيفة “الجزيرة” إلى أن هذه الجهود أسهمت بتقدم المملكة في مؤشر الأداء البيئي العالمي، وتحقيق نسبة 100% في مؤشر إدارة النفايات الصلبة لعام 2024، بحسب المركز الخليجي للإحصاء.
تأثير التحسن البيئي على الاقتصاد
المؤشر الوطني للأداء البيئي، لا يقتصر نشاطه على مجال البيئة بل تتعدى فائدته لتشمل تحسين الواقع الاقتصادي.
ذلك ما يؤكده الكاتب السعودي نادر المطيري في مقال بصحيفة “الوئام” أكد فيه أن ممارسات الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) باتت عاملاً محورياً في الاقتصاد الحديث، مبيناً أن الطلب المتزايد من المستثمرين على الإفصاح عن هذه العوامل يعكس تحولاً في معايير اتخاذ القرار الاستثماري.
وأوضح المطيري أن 90% من المستثمرين يعتبرون الإفصاح عن “ESG” ضرورياً لتقييم المخاطر والفرص طويلة الأجل، مع توقعات بوصول استثمارات “ESG” إلى 50 تريليون دولار بحلول عام 2025.
كما يشير إلى أن المستهلكين أيضاً أصبحوا أكثر ميلاً لدعم الشركات التي تتبنى قيم الاستدامة، ما ينعكس على رضا العملاء وزيادة الحصة السوقية.
ولفت إلى أن دراسات أظهرت أن الأداء القوي في “ESG” يرتبط بتحقيق استقرار مالي وعوائد أفضل، بل وقد يرفع الأرباح التشغيلية بنسبة تصل إلى 60%، وفق قوله.
وبين أن “ESG” لم تعد خياراً، بل ضرورة للشركات المدرجة، تماشياً مع رؤية السعودية 2030 التي تضع النمو المستدام في صلب برامجها، خصوصاً في تطوير القطاع المالي.
وتطرق المطيري إلى أن ما تحقق حتى الآن في سوق المال والجهات ذات العلاقة يعد خطوة مهمة نحو مستقبل مالي أكثر استدامة، داعياً إلى مزيد من الإفصاح والتكامل مع معايير “ESG” لتعزيز مكانة المملكة في الاقتصاد العالمي المستدام.