لوّح بـ”فاتورة التحرير”.. وزير أمريكي يُشعل غضب الكويتيين

أكد كويتيون أن الكويت دفعت تكايف الحرب بمساعدة العديد من الدول.
طالب كويتيون من حكومتهم عدم السكوت عن ما أثاره وزير التجارة الأمريكي.
أثار حديث وزير التجارة الأمريكي، هوارد لاتنيك، موجة من الغضب والاستياء في الكويت، بعدما زعم أن الولايات المتحدة أنفقت 100 مليار دولار لتحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1991.
وفي الوقت ذاته انتقد لاتنيك خلال لقاء في بودكاست “All in” الجمعة (21 مارس الجاري) ارتفاع الرسوم الجمركية الكويتية على المنتجات الأمريكية.
حديث الوزير الأمريكي تسبب بغضب كويتي شديد على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصف الكويتيون تصريحات لاتنيك بأنها “غير دقيقة ومستفزة”، مستعرضين التكلفة المدونة في التقارير الرسمية والدول التي ساعدت في تسديدها.
وأكد ناشطون ومحللون كويتيون عبر منصات التواصل الاجتماعي على أن الكويت، إلى جانب دول أخرى مثل السعودية والإمارات واليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية، ساهمت بشكل كبير في تغطية التكاليف، حيث بلغت هذه المساهمات نحو 53 مليار دولار.
علاوة على ذلك، لفت الكثيرون إلى أن الكويت تكبدت خسائر مباشرة ضخمة بسبب الغزو، مع تدمير واسع للبنية التحتية.
وأكدوا أن تلك الأضرار تسببت في خسائر نفطية يومية بلغت حوالي 120 مليون دولار، في حين بلغت تكاليف إعادة إعمار القطاع النفطي وحده حوالي 80 مليار دولار.
وطالب العديد من الشخصيات العامة الكويتية الحكومة الأمريكية بتصحيح تصريحات الوزير لاتنيك، معتبرين إياها “تجاهلاً للتضحيات والخسائر الكبيرة التي تحملتها الكويت خلال الغزو وبعد التحرير”.
إدعاء كاذب!
من بين أبرز الردود الكويتية، كان انتقاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د. عبدالله الشايجي تصريحات هوارد لاتنيك، مؤكداً أنه ادعى زوراً بأن أمريكا أنفقت 100 مليار دولار لتحرير الكويت.
وأشار الشايجي إلى أن الوزير الأمريكي، يروّج لمعلومات مغلوطة عن الكويت، واصفاً كلامه بـ”الساذج والمسطح”، خاصة أن الكويت من أقل دول العالم في الرسوم الجمركية (5%)، في مقابل قيام ترامب نفسه برفع الرسوم الجمركية على دول عدة مثل الصين وكندا.
وأوضح الشايجي أن الكويت ودولاً أخرى مثل السعودية والإمارات واليابان وكوريا الجنوبية ساهمت مالياً في تغطية نفقات حرب الخليج (عاصفة الصحراء) بمبلغ 54 مليار دولار.
وأكد أن أمريكا استفادت مالياً بشكل كبير من الحرب من خلال بيع الأسلحة وتجربتها مثل صواريخ باتريوت ودبابات أبراهمز وطائرات F-18 بمليارات الدولارات.
ودعا الشايجي إلى التعامل بحذر مع الإدارة الأمريكية الحالية، وعقد شراكات اقتصادية واستثمارية مع الشركات الأمريكية لتعزيز صورة الكويت في واشنطن، مؤكداً أن الإدارة الأمريكية تفهم جيداً لغة الأعمال والاستثمار.
بدوره علق السفير الكويتي جمال النصافي حول ما ذكره الوزير الأمريكي بالضريبة الكويتية قائلاً إن دولة الكويت تطبّق ضريبة جمركية موحدة بنسبة 5%، تُفرض على جميع الدول دون استثناء، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضاف أن هناك العديد من السلع المعفاة من هذه الضريبة بموجب القوانين الوطنية أو الاتفاقيات الاقتصادية المبرمة. وتُعدّ الكويت من أقل دول العالم من حيث نسبة الضريبة الجمركية.
من جهتها اعتبرت د. جنان بوشهري أن تصريحات وزير التجارة الأميركي ليست عفوية، بل تعكس توجهاً أميركياً ظهر سابقاً في تصريحات ترامب عام 2011، ما يضع الكويت ضمن حسابات واشنطن في حروبها التجارية.
وشددت على أن الحكومة مطالبة بقراءة الواقع المحلي بجدية، وتعزيز الوحدة الوطنية، لأن تجاهل المتغيرات الدولية لم يعد خياراً، والتساهل لم يعد موقفاً مناسباً.
المحلل السياسي عبد العزيز العنجري وصف تصريحات وزير التجارة الأمريكي بأنها تصعيدية وخطيرة، تستهدف الكويت بشكل مباشر بادعاءات غير دقيقة حول تكلفة حرب التحرير والرسوم الجمركية.
وأشار إلى أن دول الخليج، وفي مقدمتها الكويت، تحملت معظم تكاليف الحرب، وأن استخدام هذه المزاعم قد يمهد لإجراءات اقتصادية ضد الكويت.
ودعا العنجري حكومة بلاده لقراءة هذا التحول بوعي ومراجعة سياساتها قبل مواجهة ضغوط أميركية متصاعدة.
من خلال التعبير عن رأيهم في مواقع التواصل الاجتماعي رأى كويتيون أن ما جاء به الوزير الكويتي لا يعدون عن كونه نوعاً من “الابتزاز الاقتصادي” تنتهجه إدارة ترامب لنيل مكاسب على حساب الكويت.
ضرورة أن يكون للحكومة الكويتية موقفاً واضحاً وحازماً مما صرّح به الوزير الأمريكي، كان من بين أبرز ما أكد عليه كويتيون في تعليقاتهم، عادين أن مثل هذه التصريحات لا يمكن السكوت عنها دون ردّ رسمي.
غزو الكويت
في الثاني من أغسطس عام 1990، اجتاح الجيش العراقي بأمر من الرئيس الأسبق صدام حسين أراضي الكويت، في خطوة مفاجئة أدت إلى واحدة من أكبر الأزمات العسكرية في تاريخ المنطقة.
الغزو جاء بعد اتهامات عراقية للكويت بسرقة النفط والتآمر، وسط توتر متصاعد على خلفية النزاع النفطي والديون العراقية بعد الحرب مع إيران (1980 – 1988).
الرد الدولي لم يتأخر، حيث شكّلت الولايات المتحدة تحالفاً عسكرياً واسعاً ضم 38 دولة، وتحت غطاء قرارات مجلس الأمن، أطلقت واشنطن عملية “عاصفة الصحراء” الجوية في 17 يناير 1991، أعقبها هجوم بري يوم 24 فبراير من نفس العام.
وبعد 100 ساعة من العمليات البرية، أُعلن تحرير الكويت في 27 فبراير، وانتهت الحرب رسمياً في أبريل من نفس العام.
ألحقت الحرب خسائر باهظة بشرية ومادية لكل من دولتي الكويت والعراق، فقدت الكويت مئات القتلى والمفقودين، مع دمار كبير أبرزه إشعال 752 بئراً نفطياً، وخسائر قدرت بـ92 مليار دولار.
أما العراق فقد نزف عشرات الآلاف من القتلى، مع دمار للبنية العسكرية والمدنية، وحصار اقتصادي شامل استمر 12 عاماً، أدى إلى وفاة أكثر من مليون طفل.
التقديرات تشير إلى أن إجمالي الخسائر المادية للحرب تجاوزت 620 مليار دولار، مع تحميل العراق مسؤولية التعويض عبر اقتطاع 5% من عائداته النفطية لعقود طويلة.
وعلى الرغم من أن التحرير تحقق، فإن تداعيات الحرب تركت جراحاً عميقة في المنطقة، وما تزال آثارها تُلقي بظلالها حتى اليوم.