الاخبار

كيف تعاملت الإمارات مع دعوى السودان أمام محكمة العدل الدولية؟

محكمة العدل الدولية تحدد يوم 5 مايو الجاري موعداً لإصدار القرار بخصوص الدعوى السودانية المرفوعة ضد الإمارات.

منعطف جديد في الأزمة بين دولة الإمارات والحكومة السودانية، مع بدء محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى القضائية التي رفعتها الخرطوم ضد أبوظبي.

الدعوى السودانية تتضمن اتهامات للإمارات بالتواطؤ في جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات “الدعم السريع” غرب دارفور، وهو ما نفته أبوظبي مراراً، واعتبرته بلا أساس قانوني.

والمعركة القانونية التي تخوضها الإمارات مع السودان ابتداءً من الـ10 من أبريل الماضي، أمام محكمة العدل الدولية، تمثل ذروة الخلاف بين الجانبين، بعد أن ساءت علاقاتهما منذ أبريل 2023.

ومن غير الواضح طبيعة القرار الذي ستتخذه محكمة العدل الدولية بخصوص الدعوى السودانية ضد الإمارات، علماً بأنها حددت 5 من مايو الحالي موعداً لإصدار القرار، فكيف أدارت أبوظبي هذه المعركة، ولصالح من سيكون القرار؟.

ذروة الصراع

في أواخر مارس الماضي، أكدت محكمة العدل الدولية أنها ستنظر في الدعوى المرفوعة من السودان ضد الإمارات بخصوص جرائم حرب شهدتها ولاية غرب دارفور.

وبدأت المحكمة في 10 أبريل الماضي، جلساتها بخصوص القضية، حيث انخرط فريقا الادعاء والدفاع في مواجهة قانونية شرسة، استنفر كل طرف فيها كل أوراقه، في محاولة لاستمالة رأي المحكمة.

وتضمنت دعوى السودان، اتهام الإمارات بالتواطؤ في جرائم إبادة جماعية بحق قبيلة السماليت غرب دارفور، من خلال تقديم الدعم المالي والسياسي والعسكري لقوات الدعم السريع، التي يُزعم أنها نفذت هجمات وحشية ضد تلك القبيلة.

وطالبت السودان من قضاة محكمة العدل، إصدار أوامر وقائية طارئة للإمارات، لمنع أعمال الإبادة الجماعية بحق المساليت، علماً بأن الولايات المتحدة صنفت في يناير الماضي الهجمات على القبيلة على أنها “إبادة جماعية”.

موعد القرار

ويوم الثلاثاء (29 أبريل)، قالت المحكمة إنها ستصدر قرارها بخصوص الدعوى يوم الاثنين 5 مايو، عقب استماع المحكمة مطلع أبريل الماضي للتهم الموجهة من السودان للإمارات.

ومن غير المعروف ما إذا كانت المحكمة ستقرر المضي في الدعوى يوم 5 مايو، خصوصاً أن الإمارات رغم توقيعها على معاهدة منع الإبادة الجماعية، إلا أنها أبدت تحفظاً على الصلاحية القضائية للمحكمة بالفصل في النزاعات.

ووفق خبراء قانونيون، فإن قضية السودان قد تتعثر بسبب مسائل الاختصاص القضائي، والتحفظ الذي أدخلته الإمارات أثناء توقيعها على الاتفاقية، في حين يدور السجال حالياً حول التفسيرات القانونية لذلك.

ويحاول السودان من خلال المطالبة بإجراءات وقائية تصدرها محكمة العدل، لتجنب انتظار صدور الحكم النهائي؛ وضمان عدم تصعيد الصراع حتى حينه.

ولا تزال الإمارات تبدي تحفظاً على الصلاحية القضائية للمحكمة بالفصل في النزاعات، خصوصاً المادة التاسعة من نظام المحكمة، وهو ما يعني احتمال رفض المحكمة للقضية في النهاية بسبب عدم الاختصاص.

وقال خبير القانون الدولي مايكل بيكر، بمقال نشره في وقت سابق، موقع “اوبينيو جوريس”، إنه “بما أن الإمارات أبدت تحفظاً على المادة التاسعة عند انضمامها في 2005 إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، يحتمل أن تخلص محكمة العدل الدولية إلى عدم اختصاصها في النظر في هذا النزاع”.

تفنيد الإماراتي

وفندت الإمارات ما ورد في الدعوى القضائية السودانية أمام محكمة العدل، ووصفتها بأنها “افتراءات زائفة”، وأن فكرة أن أبوظبي هي التي تؤجج الصراع في السودان “بعيدة عن الواقع”.

وترفض الإمارات ذلك مؤكدة على لسان ريم كتيت، نائبة مساعد الوزير للشؤون السياسية بوزارة الخارجية، خلال جلسات المحاكمة إن مزاعم السودان “غير قانونية ولا مشروعة، وما هي إلا خدعة علاقات عامة مغرضة”.

ونفت ممثلة الإمارات، تزويد أي من طرفي الحرب في السودان بالأسلحة، مؤكدة أنه لا يوجد أي أساس قانوني لاختصاصها في هذا السياق، وقالت: “نتمسك بموقفنا بعدم اختصاص المحكمة مع احترامنا للقانون الدولي”.

المستشار الدبلوماسي لدولة الإمارات أنور قرقاش تحدث خلال انعقاد محكمة العدل حول دعوى السودان، عن “محاولة واهية لاستغلال محكمة العدل”، مشيراً إلى أن الاتهامات السودانية “تأتي ضمن مخطط مكشوف لتشتيت الانتباه عن نتائج الحرب”.

قرقاش أشار في مقال نشرته شبكة “سي إن إن عربية” الأمريكية، إلى أن الإمارات تعاملت مع الدعوى المرفوعة ضدها في محكمة العدل الدولية، وفق الأصول المهنية القانونية، رغم أنها “على يقين بأن هذه الادعاءات بلا أي سند”.

ويرى الكاتب السوداني إدريس آيات، إن الإمارات “ستدفع باتجاه التشكيك في اختصاص محكمة العدل الدولية، للنظر في القضية بحجة أن النزاع ليس بين دولتين، بل هو صراع داخلي سوداني، والإمارات ليست طرفاً رسمياً فيه”.

وأضاف في مقال نشره موقع “ساحة التحرير” السوداني، إلى أن الإمارات قد تلجأ لإثبات غياب الأدلة القاطعة التي تربطها بشكل مباشر بعمليات الإبادة الجماعية، مستفيدةً من غياب إدانة رسمية لها من قبل مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، فضلاً عن اللجوء إلى الضغط الدبلوماسي لإغلاق القضية سياسياً.

تقرير الخبراء

ومؤخراً أصدر فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن حول السودان، تقريراً رأت فيه الإمارات تأكيداً على براءتها من ادعاءات السودان، حول دعم أحد طرفي الصراع.

ومن وجهة نظر الإمارات، فقد سلط تقرير الخبراء الضوء على “الانتهاكات واسعة النطاق التي ارتكبها كلا الطرفين المتحاربين ضد الشعب السوداني، بما يشمل الغارات الجوية العشوائية، والهجمات على المدنيين، والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، إلى جانب استخدام منع وصول المساعدات الإنسانية كسلاح”.

وبالرغم من ذلك، اتهمت الإمارات في رسالة رسمية موجهة إلى مجلس الأمن، الأربعاء (30 أبريل)، مبعوث السودان لدى مجلس الأمن، باستغلال تقرير الخبراء بشكل مغلوط، لدعم ما أسمته بعثة أبوظبي “الحملة التضليلية للقوات المسلحة السودانية”.

بعثة الإمارات قالت إن ممثل السودان “يسيء استخدام المحافل الدولية منذ العام الماضي في نشر معلومات مضللة ضد الإمارات بناءً على توجيهات من القوات المسلحة السودانية، أحد الأطراف المتحاربة في الحرب الأهلية في السودان”.

وأشارت الرسالة الإماراتية لمجلس الأمن، إلى قيام مبعوث السودان بنشر تقارير سرية مقدمة إلى اللجنة، لافتة إلى أن هذا يهدد نزاهة عمليات وآليات رصد العقوبات ومجلس الأمن، بالإضافة إلى نشر أجزاء من التقرير أخرجت من سياقها.

ونقل موقع “العين الإخبارية” الإماراتية عن الكاتب والمحلل السياسي عبدالعزيز المعمري، قوله إن تقرير الخبراء، يوضح للجميع الدور الإنساني للإمارات في السودان، وأنها ليست طرفاً في أي صراع قائم هناك.

الدور الإنساني

تركز الإمارات على إبراز دورها الإنساني في السودان، مع التأكيد الدائم على ضرورة جنوح طرفي الحرب إلى السلام عبر الحوار وإيقاف الحرب، والجلوس على طاولة واحدة.

وقالت بعثة الإمارات في رسالتها لمجلس الأمن، إنه منذ بدء الحرب في السودان، تعهدت بتقديم أكثر من 600 مليون دولار مساعدات إنسانية، وأرسلت 162 رحلة إغاثة، ونقلت أكثر من 12 ألف طن من المواد الغذائية والطبية ومواد الإغاثة.

ووفق موقع “العين الإخبارية”، فإن إجمالي المساعدات الإماراتية المقدمة للسودان على مدار الـ10 سنوات الماضية، تجاوز 3.5 مليار دولار.

ونقل الموقع عن الكاتب والمحلل السياسي السوداني محمد المختار محمد، قوله إن “الدور الإماراتي الداعم للأمن وإحلال السلام وإنهاء الحرب في السودان، وتخفيف وطأة المأساة الإنسانية في البلاد، لا يحتاج لدلائل وبراهين من مجلس الأمن الدولي، فتقريرها بمثابة تأكيد للمؤكد”.

الخبير في شؤون أفريقيا إسماعيل الشيخ سيديا، قال إنه “لا يمكن أن تكون الإمارات شماعة لفشل النخبة السياسية السودانية في التوافق على عقد اجتماعي وسياسي للملمة البيت الداخلي السوداني”، بحسب الموقع ذاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى