كيف تضررت دول الخليج من “مخدرات” نظام الأسد؟
“نظام الأسد كان له تأثير سلبي جداً على الدول الخليجية خاصة، والدول العربية بشكل عام، من خلال تحالفه مع إيران التي ساهمت في تدمير العراق واليمن ولبنان، إضافة إلى محاربة الشعب السوري”.
شكل مخدر “الكبتاغون”، الذي كسب منه نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد مليارات الدولارات، كابوساً كبيراً لمنطقة الخليج بسبب الكميات المهولة التي كانت تصل إلى أراضيها.
وعمد النظام السوري السابق إلى إنتاج “الكبتاغون” وتصديره لتغطية العجز المالي لديه وتمويل مليشياته لقمع السوريين، خلال السنوات الـ14 الماضية.
واضطرت دول الخليج في سبيل التصدي لدخول المخدرات إلى أراضيها لحظر واردات البضائع، لا سيما الخضراوات والفواكه من سوريا ولبنان عام 2021.
وفي حينها وجهت أطراف لبنانية اتهامات لـ “حزب الله” حليف الأسد بتهريب المخدرات من داخل سوريا إلى داخل لبنان، وتهريبها لاحقاً عبر خضراوات وفواكه إلى دول الخليج.
أدلة
وعقب الإطاحة بنظام الأسد أظهرت مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صناديق مليئة بـ”الكبتاغون” في مستودع مقر عسكري يقع بالقرب من العاصمة السورية دمشق، قيل إن ماهر شقيق بشار الأسد كان يديره.
وتمثل هذه المقاطع أدلة قاطعة على إنتاج نظام الأسد المخلوع للمخدرات وتصديرها، خلال السنوات الماضية، لمنطقة الخليج، حيث قدر “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية” المتابع لتجارة المخدرات في العالم العربي أن نظام الأسد حصل على متوسط 2.4 مليار دولار سنوياً من هذه التجارة بين عامي 2020 و2022، علماً أن حجم السوق العالمي يبلغ 5.7 مليارات دولار.
وعقب إصدار الولايات المتحدة “قانون مكافحة كبتاغون الأسد” عام 2023، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 6 أشخاص، بينهم اثنان من أبناء أعمام الأسد، على خلفية لعبهم دوراً في إنتاج هذا المخدر وتصديره.
لكن اليوم وبعد رحيل نظام الأسد، يأمل السوريون أن يغلق هذا الملف الأخطر عليهم، الذي يعد أكبر آفة تهدد مستقبل دولتهم التي يأملون أن تتجاوز أكبر مرحلة مأساوية عاشتها سوريا.
يقول الصحفي والكاتب السوري محمد توفيق: إن “نظام الأسد كان يقوم بتجارة الكبتاغون بالتواطؤ مع مليشيات وشبكة من تجار المخدرات لاستخدمها ورقة سياسية في تعامله مع الدول العربية والخليجية تحديداً المتضررة من هذه السموم”.
كما يؤكد في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن “هذه القضية قلق معظم دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، بسبب الضرر الذي يصيبها من هذه التجارة التي كان مصدرها معروفاً”.
ويشير إلى أن “دول الخليج بسبب عجزها عن مكافحة الكميات المهولة التي كانت تصل إلى أراضيها لجأت إلى محاولة احتضان نظام الأسد حينها، إلا أن الأخير تنصل من الوعود التي قدمت له بعد تصالحها معه، حيث تعهد لهم بتقديم قوائم مفصلة بالمنتجين والمصدرين للمخدرات ولطرق التهريب”، ثم صرح قائلاً: “إن من أتوا بالإرهاب إلى سوريا هم من أتوا بالمخدرات”.
كما يؤكد في هذا الصدد أنه في الماضي كانت “العملية صعبة ومعقدة، وأن وقف تدفق اقتصاد السموم والكبتاغون يحتاج إلى خطة بديلة تكون فعالة”، إلا أنه يرى أن الفرصة حالياً “مناسبة لدعم الحكومة القادمة في سبيل محاربة هذه الآفة، خصوصاً أن من كان يتصدرها هم قادة النظام السابق، وفي مقدمتهم ماهر الأسد”.
تأثير سلبي
وفي 1 مايو الماضي، وقبيل القمة العربية في البحرين، ناقش لقاء بين وزراء خارجية العراق والأردن والسعودية ومصر مع النظام السوري السابق، في العاصمة الأردنية عمان، مكافحة المخدرات وتحديد مصادر إنتاجها من سوريا.
وذكر تقرير لوكالة “رويترز”، في 10 مايو من ذات العام، أن الدول العربية التي كسرت عزلة الأسد تريده أن يكبح تجارة المخدرات مقابل علاقات أوثق، وأن القادة العرب وضعوا ذلك في مقابل إعادة الاندماج، رغم نفي النظام المتكرر ضلوعه بهذه التجارة.
وأدى انتشار تهريب “الكبتاغون” إلى تهديد استقرار منطقة الشرق الأوسط، حيث تنتشر الشبكات العابرة للحدود، لا سيما أن تقارير صحفية أمريكية أشارت، خلال الأشهر الماضية، إلى احتمال تورط جهات مدعومة من إيران في تسهيل تجارة المخدرات، ما وضع دول الخليج حينها أمام تحديات كبرى.
يقول الشيخ مضر حماد الأسعد رئيس المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية ورئيس الرابطة السورية لحقوق اللاجئين، في تصريح خاص لـ”الخليج أونلاين”: “في السنوات الأخيرة أصبحت سوريا هي المكان الأساسي والرئيسي في صناعة وتجارة المخدرات، إلى الأردن والسعودية والإمارت وقطر، وكذلك مصر والعراق والكويت”.
ويضيف الأسعد: “لذلك كان لنظام الأسد تأثير سلبي جداً على الدول الخليجية خاصة، والدول العربية بشكل عام، من خلال تحالفه مع إيران التي ساهمت في تدمير العراق واليمن ولبنان، إضافة إلى محاربة الشعب السوري”.
كما يشير إلى أن “دول الخليج تضررت كثيراً من نظام الأسد منذ عهد حافظ الأسد، من خلال الضغط الأمني والعسكري والشعارات الكاذبة التي كان يطلقها؛ كتحرير القدس وفلسطين، وكذلك الصمود والتصدي في وجه إسرائيل والولايات المتحدة”.
وذكر أيضاً “أن نظام الأسد البائد أرسل كثيراً من العصابات الإرهابية إلى دول الخليج العربي والأردن وبقية الدول العربية، وكانت سجون حافظ الأسد مليئة بالشباب العرب من دول الخليج والأردن والفلسطينيين ومن بقية الدول العربية، وعندما جاء بشار الأسد استكمل مسيرة والده”.
ولفت الشيخ مضر إلى أن “بشار الأسد أصحبت علاقاته قوية جداً مع إيران وملالي قم، وأصبح الجناح العسكري لهم في بلاد الشام والمنطقة العربية، وكانت لديه خلايا إرهابية في الكويت، وقد كشف عنها سابقاً”.
كما اتهم النظام السوري السابق “بتنفيذ عمليات إرهابية في بعض الدول العربية، إضافة لإرساله المرتزقة والسيارات المفخخة وتنفيذ العمليات الإرهابية في العراق، مما تسبب في مقتل مقتل الآلاف من أبناء الشعب العراقي، ونشر الفتن والدسائس بين السنة والشيعة”.