كيف تتحوّل الأموال المشبوهة لثروات شرعية في بنوك العالم؟
إدخال الأموال غير المشروعة للمنظومة الدولية يتم عبر عمليات: “التنسيب” و”التصفيف” و”الدمج”.
حجم الأموال غير المشروعة التي تدخل المنظومة المالية العالمية سنوياً تتراوح بين 300 و400 مليار دولار.
أموال العصابات وتجارة المخدرات وثروات الحكومات المنهوبة وعمليات الاحتيال، كل هذه الأموال غير الشرعية التي توازي نحو 8% من حجم التجارة الدولية، تتدفق إلى الأنظمة المالية العالمية بكل سهولة رغم إجراءات وقيود تفرضها الحكومات والمنظمات الدولية لكشفها وتجميدها ومنعها من التنقل.
ولكن كيف تدخل هذه الأموال النظام المالي العالمي دون أن تُكتشف؟ الفضل هنا يعود للسنافر والضحايا والأصداف.
هذه المصطلحات الثلاثة هي وصف دقيق لطرق تحويل الأموال القذرة إلى ثروات نظامية حصل عليها أصحابها بطرق شرعية.
ثلاث خطوات
وقبل الحديث بشكل أكثر تفصيلاً عن المهمة المرتبطة بكل مصطلح خلال عمليات غسل الأموال القذرة، يجب تسليط الضوء على خطوات إدخال الأموال في المنظومة المالية الدولية، ويتم ذلك من خلال 3 إجراءات.
أولاً “التنسيب”، وعبر هذه الخطوة تُدخل الأموال في النظام المالي، عادةً عن طريق تقسيمها إلى عديد من الودائع والاستثمارات المختلفة، وثانياً “التصفيف”، ومن خلالها تُخلط الأموال لخلق مسافة بينها وبين الجناة، وثالثاً “الدمج”، وهي الخطوة الأخيرة، وتتمثل بإعادة الأموال بعد ذلك إلى الجناة كدخل مشروع أو نقود نظيفة.
السنافر
ولتنفيذ هذه العمليات غالباً ما يستخدم المحتالون السنافر والبغال والأصداف لدمج أموالهم في النظام المالي الدولي.
ولتوضيح ذلك، فإن مهمة “السنفور” في عمليات شرعنة الأموال القذرة تتمثل في إيداع مبالغ كبيرة من المال في بنوك مختلفة باستخدام معاملات صغيرة (تقسيم المبالغ على أكثر من جزء).
ومن خلال إيداع مبالغ صغيرة من المال لا يخضع “السنافر” لمؤشرات الرقابة المحلية والدولية على مصادر الأموال، وبعد ذلك تُحوّل هذه الأموال عبر سلسلة حسابات مختلفة قبل أن تعود متفرقة إلى مالكها الأول.
الضحايا
أما “الضحايا” فهم أفراد يوظفهم أصحاب الأموال القذرة للمساعدة في تنفيذ مخططاتهم، وقد يكونون في المخطط، أو قد يجندون دون علمهم.
وعادةً ما يتم الاتصال بالأشخاص الذين يجنّدون، وغالباً لا يكون لديهم أي معرفة بالخطة، وقد يتم إغراؤهم من خلال الوعد بوظائف مغرية.
وغالباً ما يستهدف المجرمون الأشخاص الذين لا توجد أي رقابة مالية عليهم، وليس لديهم أي سجل إجرامي، أو الضعفاء مالياً.
وتتمثل إحدى مسؤوليات “الضحية” في فتح حسابات مصرفية وإيداع الأموال فيها، ويبدأ غاسلو الأموال بعد ذلك بإجراء التحويلات البرقية واستخدام تبادل العملات لنقل الأموال حول النظام المالي؛ لتجنب مزيد من الكشف.
ويمكن إطلاق لقب “الضحية” على هؤلاء الأشخاص، لأنه في حال انكشاف الجريمة يكونون من أوائل من تقع عليهم المسؤولية الجزائية.
الأصداف
أما “الأصداف” فهي الشركات الوهمية، وهي شركات مسجلة رسمياً بالدولة، وتدفع ضرائب بشكل نظامي، لكن ليس لديها أي نشاط تجاري أو عمليات مادية أو أصول أو موظفين، ويتم استغلال هذه الشركات من خلال إيداع وتحويل الأموال من حساباتها المختلفة دون أن يكون هناك أي رقابة عليها.
وبعيداً عن هذه الأساليب السابقة، قد يلجأ أصحاب الأموال غير المشروعة لإخفاء أموالهم خلال الاستثمار بالسلع المحمولة مثل الأحجار الكريمة والذهب، والتي يمكن نقلها بسهولة من منطقة إلى أخرى حول العالم.
وكذلك الاستثمار في الأصول القيّمة وبيعها بحذر مثل العقارات، أو اللجوء إلى تزوير صفقات ترتبط بهذه الأموال، أو لعب القمار.
طرق رقمية أخرى
وفي العصر الرقمي ظهرت طرق جديدة لعمليات شرعنة الأموال القذرة؛ ومنها استخدام خدمات الدفع المجهولة عبر الإنترنت، والتحويلات من شخص إلى شخص باستخدام الهواتف المحمولة، إضافة إلى استخدام العملات الرقمية المشفرة، والمزادات والمبيعات عبر الإنترنت ومواقع المقامرة والألعاب الافتراضية.
وقدر صندوق النقد الدولي، في إحصائية أصدرها في مارس 2024، حجم الأموال التي يتم غسلها سنوياً بنحو 1.5 تريليون دولار.