الاخبار

كيف تبدو المقاربة الخليجية من التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان؟

ما هي مسارات الدعم الذي تقدمه دول مجلس التعاون الخليجي للبنان في هذه المرحلة؟

المسار السياسي من خلال الضغط لوقف العدوان الإسرائيلي، والتوصل لاتفاق يقضي بوقف إطلاق النار ورفض أي اعتداء على سيادة لبنان.

المسار الإنساني، من خلال إرسال المساعدات الإنسانية الإغاثية للسكان في لبنان وتخصيص عشرات الملايين لمساعدة الشعب والحكومة اللبنانية.

مع احتدام الصراع بين “إسرائيل” و”حزب الله” اللبناني، وتزايد المخاوف من خروج الأمور عن السيطرة، وانتقال الأطراف الإقليمية كاملة إلى مرحلة الحرب الشاملة، تتجه الأنظار إلى الموقف الخليجي، فدول مجلس التعاون على مقربة من بؤرة الصراع، ومن ضمن الأكثر تأثراً بتداعياته.

ومنذ البداية كانت دول الخليج ولا تزال ضد التصعيد والاعتداء على سيادة الدول، وفي المقدمة لبنان، وبذلت ولا تزال الكثير من الجهود لاحتواء التوتر، كما بذلت في السابق جهوداً للحفاظ على أمن واستقرار البلد العربي نفسه، ومنع انهياره سياسياً واقتصادياً.

ومع تكثيف “إسرائيل” من عملياتها العدوانية على الأراضي اللبنانية، وإطلاقها عملية عسكرية في جنوب البلاد، بادرت دول الخليج لتقدم العون اللازم للمنكوبين من سكان المناطق المتضررة جراء الهجمات الإسرائيلية المستمرة.

وفي ظل غياب الرؤية حول مآلات الحرب والتصعيد بين “حزب الله” و”إسرائيل”، يصبح الحديث مهماً حول المقاربة الخليجية للوضع في لبنان، وانعكاس التصعيد عليها، والأدوار التي تلعبها.

مواقف سياسية

سياسياً حذرت دول الخليج من تداعيات العدوان على لبنان، مؤكدة الوقوف إلى جانب الحكومة والشعب اللبناني في هذه المرحلة الحرجة، كما شددت على ضرورة تنفيذ القرار 1701 ومخرجات اتفاق الطائف.

مجلس التعاون الخليجي وفي اجتماعه الوزاري الاستثنائي (2 أكتوبر)، حذر من التصعيد المتزايد في المنطقة، وتداعياته الخطيرة على السلام والأمن الإقليميين والدوليين، مؤكداً أن تداعيات الحرب في غزة ولبنان لا تقتصر آثارها على المنطقة وحدها.

المجلس الوزاري الخليجي أكد على وقوف مجلس التعاون إلى جانب الشعب اللبناني بكافة مكوناته في هذه المرحلة الحرجة، داعياً إلى تكثيف الجهود الدولية والإقليمية لتقديم الدعم الإنساني العاجل للبنان للتخفيف من معاناة المدنيين، وحمايتهم من أي تداعيات خطيرة.

وفي 25 سبتمبر الماضي، أصدرت السعودية وقطر والإمارات والولايات المتحدة ودول أخرى بياناً مشتركاً دعت فيه إلى وقف فوري لإطلاق النار عبر الخط الفاصل للحدود الجنوبية للبنان، والمضي في تسوية دبلوماسية تجنب المنطقة خطر نشوب حرب إقليمية.

وتنخرط قطر تحديداً في نقاشات واسعة مع الشركاء الإقليميين والدوليين للوصول على صيغة يكمن أن تقود لتهدئة شاملة في لبنان وغزة على حدٍ سواء، كما شهدت عواصم الخليج نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً ذي صلة بالأوضاع اللبنانية، أبرزها كانت زيارة وزير خارجية إيران عباس عراقجي، للسعودية وقطر، ولقاءاته مع كبار المسؤولين هناك.

أدوار إنسانية

منذ اليوم الأول للعدوان، بادرت دول مجلس التعاون الخليجي لتقديم يد العون الإنساني للمنكوبين في لبنان، فأرسلت طائرات المساعدات، وبعضها أطلق جسراً إغاثياً للمتضررين هناك.

ففي يوم 8 أكتوبر، وصلت وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر إلى بيروت، معلنة من هناك إطلاق جسر جوي من الدوحة، مشيرةً إلى أنه سيتم إرسال 10 طائرات محملة بالمواد الطبية ومواد الإيواء والغذاء إلى لبنان خلال شهر أكتوبر الجاري.

كذلك، قدمت الإمارات مساعدات مباشرة للبنان فور التصعيد الإسرائيلي، ووجه الرئيس الشيخ محمد بن زايد في 30 سبتمبر، بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 100 مليون دولار للشعب اللبناني.

كما جمعت حملة “الإمارات معك يا لبنان” قرابة 250 طناً من المواد الإغاثية والغذائية والمستلزمات الأساسية للأطفال والنساء والرجال وكبار السن، لمواجهة الظروف الصعبة التي يواجهونها.

 الخليج ولبنان

ولطالما كانت لبنان ذات أهمية خاصة لدى دول مجلس التعاون الخليجي، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية، نظراً للكثير من المعطيات والروابط السياسية والاقتصادية والاجتماعية أيضاً.

وحتى قبل التصعيد الأخير، بذلت دول الخليج جهوداً لإنهاء حالة الجمود السياسية التي تشهدها لبنان، في ظل الفراغ الرئاسي ومخاطر الانهيار السياسي والاقتصادي التي ضاعفتها التطورات الخطيرة المتمثلة في العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية ومدن أخرى.

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي، أن هناك الكثير من التغيرات طرأت على المشهدين اللبناني والخليجي، ومن ثم الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وهو ما أدى لتغيير الكثير من المحددات التي وجهت السياسات الخليجية نحو لبنان.

واستعرض العقيلي في مقال نشرته صحيفة “إيلاف” السعودية يوم 12 أكتوبر، الدور الفعال الذي لعبته دول الخليج وتحديداً السعودية منذ السبعينيات وعلى مدى نصف قرن، بما في ذلك اتفاق الطائف في سبتمبر 1989، والدعم السياسي والاقتصادي السعودي والكويتي خلال الحرب الأهلية في لبنان، وسعيهما لإنهاء تلك الحرب، من خلال تقريب وجهات النظر بين الأطراف المحلية المتصارعة، والأطراف الخليجية المنخرطة في ذلك الصراع أيضاً.

ويرى المحلل السياسي أسعد بشارة، أن دول مجلس التعاون الخليجي تبذل أقصى ما يمكن من جهود دبلوماسية على الصعيد الدولي، لمنع تمدد الحرب، ولحماية الفلسطينيين واللبنانيين، بعد تداعيات 7 أكتوبر، “التي أدت إلى ما أدت إليه”، مؤكداً في تصريح مقتضب لـ”الخليج أونلاين”، أن “التأثير الحاصل للحرب في لبنان وفي فلسطين على هذه الدول (الخليجية) كبير”.

مع لبنان تاريخياً

وتاريخياً يرى المحامي اللبناني، مصطفى العويك، أن دول الخليج تنطلق في مقاربتها للملف اللبناني من منطق الدولة والشرعية، والحفاظ على السيادة الوطنية وتطبيق بنود الدستور.

ولفت في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن هناك الكثير من الأمثلة، أبرزها “مساهمات دول الخليج عامة والسعودية خاصة في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي امتدت خمسة عشر عاماً، وإقرارها لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب عام 1989، ومن ثم مساهمات هذه الدول وفي مقدمتهم قطر في توقيع اتفاق الدوحة عام 2006، الذي أوجد صيغة معينة للحكم في لبنان، تخفف من وهج الصراعات الداخلية على خلفية هجوم (حزب الله) على بيروت يومذاك”.

وأشار العويك الذي يرأس تحرير جريدة “لبنان عربي” الإلكترونية، إلى أن موقف دول الخليج “كان دائماً مع الشرعية اللبنانية، وكان دور دوله صمام الأمان، والإطفائي الذي يعمل على تبريد السخونة السياسية اللبنانية، بهدف الحفاظ على لبنان بحدوده الحالية، لأن الخليج يدرك أن أي تغيير في خريطة لبنان السياسية سينعكس سلباً على المنطقة برمتها”.

واستطرد قائلاً: “من هنا يأتي سعي دول الخليج الجدي والحقيقي للمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وهو ما تبلور في الاجتماع الاستثنائي لوزراء دول مجلس التعاون الخليجي يوم الأربعاء الماضي، حيث دعا المجتمعون إلى وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وحذروا من التداعيات الخطيرة للتصعيد الجاري في المنطقة، ونددوا بالتصعيد الجاري في الأراضي اللبنانية والفلسطينية، مؤكدين أنه يشكل تهديداً للسلم والأمن في العالم”.

وتحدث عن تأكيد المجلس الوزاري الخليجي على ضرورة “تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 واتفاق الطائف لاستعادة الأمن والاستقرار الدائم في هذا البلد، وضمان احترام سيادته داخل حدوده المعترف بها دولياً”.

ونوّه إلى الدور الإغاثي والإنساني أيضاً، والمتمثل في تقديم المساعدات الإنسانية والطبية، “تأكيداً على وقوف دول الخليج إلى جانب لبنان وشعبه”، وأشار إلى أن هذا “ديدن الخليج مع لبنان عبر التاريخ، فبأمواله ومساعداته عمّر لبنان أو جزء كبير منه”.

الأخ الأكبر

ويرى المحامي العويك أن دول الخليج لا تقف إطلاقاً على الحياد في الحرب الإسرائيلية على لبنان، “إنما تقوم بدور الأخ الأكبر، الذي يعمل على حماية شقيقه على مسارين”، حسب قوله، “الأول دبلوماسي يتمثل بالسعي المستمر لوقف العدوان بشكل فوري، والثاني إنساني إغاثي لتعزيز صمود اللبنانيين في أرضهم من خلال المساعدات التي ترسل بالأطنان إلى الحكومة اللبنانية”.

وأوضح أن موقف دول الخليج كان واضحاً فيما يخص تصعيد العنف في لبنان، لأنه يؤثر سلباً على كل دول المنطقة حسب قوله، مضيفاً: “بطبيعة الحال لن تسمح دول الخليج بحدوث اجتياح شامل للبنان، لأن ذلك يمثل تطوراً عسكرياً بالغ الخطورة لن تستطيع المنطقة تحمل تبعاته وليس فقط لبنان”.

ولفت العويك إلى أن ذلك سيكون شرارة ستولع الشرق الأوسط بأكمله، خاصة إذا دخلت إيران ومليشياتها في العراق واليمن وسوريا على الخط بشكل أساسي ومباشر، مبيناً أن “حدوث ذلك يعني دخول المنطقة في آتون حروب عسكرية لن تنتهي وستقوم بعدها معالم جغرافية جديدة وتزول أخرى”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى