الاخبار

قطر تتوسع بصناعة الأدوية.. استثمارات تحقق الاكتفاء وتنوع الاقتصاد

– أحدث استثمارات قطر في مجال صناعة الأدوية كان ضَخَّ 150 مليون دولار في شركة عالمية لمنتجات علاج الآلام.

– الهدف الأساسي من توطين صناعة الأدوية في قطر تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتوفير الأدوية بسرعة وكفاءة.

تسير قطر بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها الاقتصادية والاستثمارية عبر تنويع مصادر الدخل، وعدم الاكتفاء بكونها إحدى أكبر الدول المصدّرة للغاز الطبيعي المسال في العالم.

وفي هذا السياق، تبرز صناعة الأدوية كأحد القطاعات الواعدة التي تسعى الدوحة إلى التوسع فيها، سواء من خلال ضخ الاستثمارات في شركات عالمية متخصصة أو عبر دعم وتوطين الصناعة الدوائية محلياً.

 ويأتي هذا التوجه ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، التي تركز على تعزيز الابتكار، والاكتفاء الذاتي، واستقطاب الاستثمارات الاستراتيجية التي تساهم في دعم الاقتصاد الوطني على المدى البعيد.

ضخ استثمارات دوائية

وفي إطار ذلك كشفت تقارير حديثة أن جهاز قطر للاستثمار ضَخَّ 150 مليون دولار أمريكي في شركة (Latigo Biotherapeutics) الرائدة عالمياً في تقديم منتجات علاج الآلام، مما يعكس التوجه القطري المتزايد نحو الصناعات الطبية الحيوية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية الدوحة الطموحة لتنويع استثماراتها بعيداً عن القطاعات التقليدية، والتوجه نحو الصناعات الحيوية ذات المستقبل الواعد.

وتستهدف هذه الاستثمارات تمكين شركة (Latigo Biotherapeutics) من تسريع عمليات البحث والتطوير في مجال مثبطات (Nav1.8) الانتقائية لعلاج الألم، وهو ما يعكس الدور المحوري لرأس المال القطري في دعم الابتكار الطبي العالمي.

كما أن هذه الاستثمارات تفتح المجال أمام الشركة لتوسيع خط إنتاجها وإطلاق مجموعة جديدة من العلاجات الفعالة لمختلف الأمراض، ما يعزز مكانتها التنافسية على المستوى الدولي.

ولا تقتصر هذه الاستثمارات على تعزيز مكانة قطر في قطاع الأدوية فحسب، بل تسهم أيضاً في تحقيق رؤيتها الاستراتيجية الهادفة إلى تأسيس مصادر دخل جديدة تدعم الاقتصاد الوطني.

ويأتي هذا في سياق التوجه العام للدوحة نحو تقليل الاعتماد على الإيرادات التقليدية من الغاز الطبيعي، لا سيما مع توسعة مشروع حقل الشمال الذي سيرفع الإنتاج القطري من الغاز المسال إلى حوالي 142 مليون طن سنوياً.

وتؤكد صحيفة الشرق القطرية بتقرير نشرته في 22 مارس الجاري أن هذا التوجه القطري للاستثمار في صناعة الأدوية يتماشى مع استراتيجيتها الأوسع للاستثمار في القطاعات المستقبلية، بما في ذلك التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.

 ومع التوقعات بمستقبل زاهر لشركة (Latigo Biotherapeutics)، من المرجح أن تستمر قطر في ضخ المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، مما يعزز حضورها العالمي كمساهم رئيسي في تطوير العلاجات الطبية المبتكرة.

وتأتي هذه الخطوة ضمن سياسة استثمارية متكاملة تهدف إلى تحقيق عوائد مستدامة، وتعزيز مكانة قطر كمركز استثماري عالمي قادر على اقتناص الفرص الواعدة في الأسواق الناشئة والمتقدمة على حد سواء.

أهداف وتحديات

ويؤكد الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور، بأن دولة قطر تسعى إلى تعزيز استثماراتها في قطاع صناعة الأدوية، وذلك ضمن استراتيجيتها لتنويع الاقتصاد وتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال الحيوي.

ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن هذه الجهود تتجلى في دعم الصناعة المحلية وتطوير القدرات الوطنية لإنتاج الأدوية، مما يساهم في تعزيز الأمن الدوائي للبلاد.

ويبيّن الهور أن هناك عدة عوامل دافعة لتوسيع استثمارات قطر في قطاع صناعة الأدوية، أبرزها:

  • تحقيق الأمن الدوائي: تهدف قطر إلى ضمان توفر الأدوية محلياً لتلبية احتياجات السكان وتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والأزمات العالمية مثل جائحة “كوفيد-19”.
  • تنويع الاقتصاد الوطني: يعتبر الاستثمار في قطاع الأدوية جزءاً من جهود قطر لتنويع مصادر دخلها بعيداً عن الاعتماد على النفط والغاز، وتعزيز القطاعات الصناعية ذات القيمة المضافة.
  • الفرص الاستثمارية الواعدة: تشير الدراسات إلى توقعات بنمو سوق الأدوية في قطر بنسبة 165.2% بين عامي 2020 و2030، مما يوفر فرصاً جذابة للمستثمرين والجهات المعنية.

1

وفي الوقت نفسه، يشير الهور إلى وجود مجموعة من التحديات التي تواجه توطين صناعة الأدوية في قطر، والتي تتجلى في:

  1. نقص الخبرات الفنية المتخصصة: تواجه قطر تحدياً في توفر الكوادر البشرية المؤهلة في مجال الصناعات الدوائية. وللتغلب على ذلك، يمكن التركيز على تطوير برامج تعليمية وتدريبية متخصصة، بالإضافة إلى استقطاب الخبرات العالمية.
  2. الاعتماد الكبير على الاستيراد: يتم حالياً تصنيع 1% فقط من الأدوية المستهلكة في قطر، مما يستدعي تعزيز القدرات الإنتاجية المحلية لتقليل هذا الاعتماد.
  3. التحديات التنظيمية والتشريعية: تتطلب صناعة الأدوية بنية تنظيمية قوية لضمان جودة المنتجات وسلامتها. وبذلك يمكن لقطر تعزيز الأطر القانونية والرقابية لدعم نمو هذا القطاع.

ويؤكد الهور على أهمية توسيع الشراكات مع شركات عالمية لتعزيز قطاع الصناعات الدوائية في قطر، وذلك لنقل التكنولوجيا والمعرفة، وتسريع عملية التوطين، وتعزيز التنافسية العالمية.

وفي هذا السياق، يشير الهور إلى استثمار قطر في شركات دوائية عالمية، مثل استحواذ جهاز قطر للاستثمار على حصة في شركة (Schott Pharma) الألمانية بقيمة 200 مليون يورو، مما يعكس التزامها بتعزيز حضورها في هذا القطاع الحيوي.

ويخلص الهور إلى أن قطر تسعى من خلال هذه الجهود إلى بناء قطاع صناعات دوائية متكامل يسهم في تحقيق رؤيتها الوطنية للتنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي.

زيادة الاستثمارات الصيدلانية

ويبرز اهتمام قطر المتزايد بالاستثمار في القطاع الصيدلاني على المستويين المحلي والدولي من خلال تأسيس الدوحة العديد من المنشآت في هذا المجال ودخلت في شراكات مع مؤسسات دولية بارزة، مما جعلها لاعباً رئيسياً في صناعة الأدوية.

وقدّر نشره موقع (LA Biotech)  في يناير الماضي، أن استثمارات قطر قطاع الصحة والصناعة الصيدلانية بنحو 11.8 مليار دولار أمريكي، مع تركيزها على شركات في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية.

كما استثمرت قطر 396 مليون ريال (نحو 109 مليون دولار) في 11 مصنعاً محلياً للأدوية، مع زيادة ملحوظة في الاستثمارات المحلية بمقدار 95 مليون ريال (26 مليون دولار) خلال السنوات الخمس الماضية.

وتوقع التقرير الذي نشرته صحيفة الشرق القطرية في 13 يناير الماضي، نمواً كبيراً في القطاع الدوائي القطري مدفوعاً بتوسع الطبقة الوسطى وارتفاع معدل الشيخوخة، ويُتوقع نمو سوق الأدوية بنسبة 165.2% بين 2020 و2030، مع ازدهار صناعة الأدوية بعد جائحة كورونا.

وتهدف قطر أيضاً إلى جذب المستثمرين الأجانب، من خلال بيئة تنافسية وبنية تحتية متطورة، حيث تتصدر دول الخليج في الإنفاق على الرعاية الصحية.

توطين صناعة الأدوية

وفي إطار جهودها المستمرة لتنويع الاقتصاد وتعزيز الأمن الدوائي، أعلنت شركة “القطرية للصناعات الدوائية” عن خطط طموحة لإنتاج 140 نوعاً من الأدوية خلال عام 2025، في خطوة تعكس التوجه الاستراتيجي للدولة نحو توطين الصناعة الدوائية وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

ووفقاً لما صرح به الرئيس التنفيذي للشركة، منصور سلطان النعيمي، في أكتوبر الماضي، فإن الهدف الأساسي من هذا التوسع هو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية في قطر، حيث تعتمد البلاد حالياً بشكل كبير على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من المنتجات الصيدلانية.

وأضاف النعيمي في تصريح للراية القطرية، أن توطين الصناعة الدوائية سيساهم في تقليل فترات الانتظار الناتجة عن عمليات الاستيراد والشحن، مما يضمن توافر الأدوية بشكل أسرع وأكثر كفاءة في السوق المحلية.

وأشار النعيمي إلى أن جائحة كورونا كانت عاملاً مؤثراً في تأخير تنفيذ المشروع لمدة عامين، إلى جانب تأثيرها على التكاليف، إلا أنها كشفت عن الحاجة الملحّة لتطوير صناعة محلية قادرة على تلبية الطلب الداخلي في حالات الطوارئ الصحية.

وأضاف أن التجربة عززت من التوجه نحو الاستثمار في هذا القطاع الحيوي استعداداً لمواجهة أي أزمات صحية مستقبلية.

ومن المرجّح أن تنمو صناعة الأدوية في قطر خلال السنوات القادمة، مدفوعة بالمناخ الاستثماري الجاذب، والبنية التحتية الطبية المتطورة، فضلاً عن التركيز على البحث والتطوير، وفقاً لدراسة أصدرتها وكالة ترويج الاستثمار في قطر في يوليو 2023.

من جانبه أكَّدَ المدير التنفيذي للقطرية للصناعات الدوائيَّة، الدكتورُ مهجع الأمين، أنَّه يجري العمل على خُطة طموحة؛ لتسجيل المنتجات الدوائية في وزارة الصحة العامة خلال الفترة الحاليةِ.

 وأشارَ في تصريحه للراية، في أكتوبر الماضي، إلى وجود خطط توسعيَّة تتضمن تصنيع منتجات دوائية جديدة لا يتم إنتاجها محلياً، وأوضحَ أنَّ أحد المصانع يستعد لتصنيع 80 منتجاً دوائياً جديداً لتلبية الاحتياجات المحلية، ثم التصدير إلى الأسواق الخارجيَّة.

ويرى خبراء أن هذا النمو قد يجعل من قطر لاعباً رئيسياً في السوق الدوائي الإقليمي، بما يعزز مكانتها كمركز صناعي في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى