الاخبار

قطاع الاستشارات في الخليج.. محرك النمو والتحول الاقتصادي

– من المتوقع زيادة إيرادات قطاع الاستشارات في دول الخليج إلى 4   مليارات دولار في 2024

– نمو القطاع في دول الخليج أسرع أربع أضعاف من بقية دول العالم

– حققت صناعة الاستشارات عالمياً نمواً بنسبة 3% في العام 2023

في العقد الأخير، أصبحت دول الخليج مركزاً رئيسياً لقطاع الاستشارات، حيث شهدت طفرة غير مسبوقة في الطلب على الخدمات الاستشارية، مدفوعة بمشاريع التحول الاقتصادي الكبرى وخطط التنويع بعيداً عن الاعتماد على النفط.

ووفقاً لتقارير حديثة، بلغ حجم سوق الاستشارات في دول مجلس التعاون الخليجي نحو 3.87 مليار دولار في عام 2023، مع توقعات بزيادة الإيرادات إلى 4 مليارات دولار في عام 2024.

ويعكس هذا النمو الكبير التوسع السريع في مشاريع البنية التحتية، والتكنولوجيا، والتحولات التنظيمية التي تتبناها حكومات المنطقة.

مرونة عالية ونمو سريع

وقطاع الاستشارات في دول الخليج يتمتع بمرونة عالية وسرعة في النمو مقارنة بالأسواق العالمية الأخرى.

وعلى الصعيد العالمي، حققت صناعة الاستشارات نمواً بنسبة 3% فقط في عام 2023، ليصل حجمها إلى 250 مليار دولار.

بينما كان النمو في الخليج أسرع بأربعة أضعاف، حيث بلغت نسبة النمو في المنطقة 13%، وفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة Source Global Research للأبحاث والاستشارات.

السعودية تتصدر هذا النمو، حيث ارتفع سوق الاستشارات في المملكة بنسبة 17.5% في عام 2022، لتصل إيراداته إلى 2.1 مليار دولار.

ويعود هذا النمو إلى المشاريع الطموحة مثل رؤية السعودية 2030، التي تتطلب دعماً كبيراً من الشركات الاستشارية العالمية لصياغة وتنفيذ خطط تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.

أما في الإمارات، فقد نمت سوق الاستشارات بنسبة 14.3%، لتصل إيراداتها إلى 841 مليون دولار في العام الماضي، مدفوعة بمشاريع التحول الرقمي والبنية التحتية​، وفق تقرير Source Global Research.

وتلعب شركات الاستشارات العالمية دوراً أساسياً في دعم حكومات دول الخليج لتحقيق أهدافها الاقتصادية الطموحة.

وتعتمد هذه الدول بشكل كبير على الخبرة الاستشارية العالمية لتوجيه استثماراتها الضخمة خاصة في المشاريع العملاقة مثل مدينة نيوم في السعودية، التي تبلغ قيمتها 1.5 تريليون دولار، ومشاريع البنية التحتية في الإمارات مثل نخلة جميرا.

وإلى جانب المشاريع الكبيرة، يساعد المستشارون الحكومات على صياغة استراتيجيات مستدامة في مجالات التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، بما يضمن تحقيق النمو المستدام بعيداً عن النفط​، حسب تقرير نشرته وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية الأمريكية الثلاثاء 22 أكتوبر الجاري.

من جهة أخرى، توفر شركات الاستشارات الخبرة اللازمة لتنفيذ مشاريع التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات في المنطقة، حسب التقرير نفسه.

الخليج

شركات استشارات دولية

وتستقطب دول الخليج بعضاً من أكبر شركات الاستشارات العالمية التي تساعد في تنفيذ مشاريعها الطموحة. من بين هذه الشركات:

ماكينزي آند كو: التي تعتبر واحدة من أكبر الشركات الاستشارية العالمية، حيث توظف أكثر من 1000 مستشار في الشرق الأوسط، وهو عدد مرتفع مقارنة بسنوات ما قبل جائحة كوفيد-19.

وتلعب ماكينزي دوراً رئيسياً في تقديم الاستشارات لمشاريع مثل رؤية السعودية 2030 والتحول الرقمي في الإمارات.

بوسطن كونسلتينغ غروب: تستفيد بوسطن كونسلتينغ من شراكات قوية مع كيانات حكومية مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي تبلغ قيمته 925 مليار دولار، وتعد من أبرز الشركات التي تعمل في مجالات الاستثمار والهيكلة المالية.

ديلويت وبرايس ووترهاوس كوبرز: تقدمان خدمات استشارية متخصصة في مجالات مثل التحول الرقمي، والأمن السيبراني، وإدارة الأصول، وتشهدان طلباً متزايداً في السعودية والإمارات​ وقطر.

انفو

سوق مستدام

وفي نظرته إلى النمو الكبير في هذا القطاع، يرى الخبير الاقتصادي منير سيف الدين، أن “شركات الاستشارات الدولية ترى أن الخليج سيظل سوقاً مستداماً على المدى الطويل”.

ويضيف سيف الدين في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن “الاعتماد المتزايد للحكومات على الخبرات الخارجية في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية سيضمن استمرار الطلب على خدمات الاستشارات”.

وبالإضافة إلى ذلك، تُعد الأجور العالية في المنطقة، مع الإعفاءات الضريبية، من العوامل الجاذبة للمستشارين العالميين، حيث يمكن أن يصل الراتب الشهري لمستشار مبتدئ في الرياض إلى 10 آلاف دولار شهرياً، وهو أعلى من متوسط الأجر في الولايات المتحدة​، وفق المحلل الاقتصادي.

ويشير إلى أن قطاع الاستشارات في الخليج سيستمر في النمو في السنوات القادمة، مدفوعاً بالاستثمارات الحكومية الكبيرة في مجالات مثل التحول الرقمي، والأمن السيبراني، والطاقة المتجددة.

وينوه إلى أنه في ظل سعي الحكومات الخليجية إلى تقليل الاعتماد على النفط، فإن ذلك يتطلب استراتيجيات اقتصادية مبتكرة لتنويع مصادر الدخل، وتلعب شركات الاستشارات دوراً مهماً في صياغة هذه الاستراتيجيات، ما يضمن استمرار الطلب على خدماتها.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن “قطاع الاستشارات في دول الخليج ركيزة أساسية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية الطموحة في المنطقة، ومع استمرار تنفيذ المشاريع التحويلية الكبرى، ستبقى شركات الاستشارات العالمية جزءاً لا يتجزأ من هذا التحول، مما يعزز مكانة المنطقة كوجهة رئيسية للاستثمارات والخبرات العالمية”.

ويشير إلى أنه رغم التحديات الإقليمية والدولية، تظل الفرص المستقبلية في قطاع الاستشارات واعدة، خاصة مع توجه الحكومات نحو التنويع الاقتصادي وتعزيز القدرات التكنولوجية.

وحسب تقرير “بلومبيرغ” المنشور في 22 أكتوبر الجاري، أكد مسؤولون تنفيذيون لشركات استشارات دولية، أن الكيانات الحكومية في الخليج ما زالت تواصل تنفيذ خططها الاستثمارية، مع تحذيرات من أن أي تصعيد إضافي قد يؤثر على بيئة الأعمال في المستقبل.

وتعتبر منطقة الخليج من أسرع المناطق نمواً اقتصادياً في العالم، بفضل استثمارات ضخمة في البنية التحتية والمشاريع التنموية.

ووضعت دول مثل السعودية وقطر والإمارات خططاً طموحة مثل “رؤية السعودية 2030″، والتي تتطلب التعاون مع خبراء استشاريين عالميين لتوجيه هذه المشاريع وتحقيق أهدافها التنموية.

وتستمر صناديق الثروة السيادية في الخليج بتحقيق تأثير كبير على الاقتصادين المحلي والعالمي، ففي عام 2023، بلغت قيمة الأصول تحت الإدارة للصناديق أكثر من 4.1 تريليونات دولار، مع قيادة السعودية والإمارات لهذا النمو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى