غزة تحت النار.. زخم الإبادة يمتد من الشمال إلى قلب المدينة
تزداد المخاوف من تكرار سيناريو شمال القطاع، وما حدث في جباليا، وتدمير مستشفى كمال عدوان المنشأة الطبية الرئيسية الوحيدة هناك، في قلب مدينة غزة.
بعد أكثر من ثلاثة أشهر على عملية جيش الاحتلال الإسرائيلي في شمال قطاع غزة، واقتحامه لمستشفى كمال عدوان في جباليا واعتقاله مديره، الطبيب حسام أبو صفية، وعدد من الجرحى والمرضى، انتقل التصعيد العسكري والإبادة الجماعية بوتيرة أكثر عنفاً إلى مدينة غزة.
ارتكب جيش الاحتلال خلال الأيام الماضية عشرات المجازر في المدينة، وقصف المنازل على رؤوس ساكنيها، مع زيادة الحصار المشدد عليها؛ ما تسبب في تفاقم الأوضاع الإنسانية، وارتفاع عدد الشهداء.
أكثر الاستهدافات الإسرائيلية في مدينة غزة كانت ضد مناطق مأهولة بالسكان، وأدت إلى تدمير أحياء بأكملها وتهجير آلاف العائلات إلى مراكز إيواء مزدحمة، تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، في ظل فصل الشتاء والبرد.
وتزداد المخاوف من تكرار سيناريو شمال القطاع، وما حدث في جباليا، وتدمير مستشفى كمال عدوان المنشأة الطبية الرئيسية الوحيدة هناك، في قلب مدينة غزة.
وفي الخامس من أكتوبر الماضي، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوماً على محافظات شمال قطاع غزة، حيث دفع بتعزيزات عسكرية الأيام الماضية بهدف توسيع نطاقها واستكمال خطة التهجير العرقي لمن بقي من الفلسطينيين هناك.
ومنذ بدء العملية، أجبر الاحتلال عشرات الآلاف من أهالي محافظة الشمال على النزوح تحت وطأة النيران والقتل، حيث وصل عدد المتبقين الرافضين لفكرة النزوح إلى 70 ألفاً من أصل 450 ألف نسمة كانوا يقطنون فيها.
مجازر بالجملة
ومع انتقال زخم الاستهداف إلى مدينة غزة، حدثت أبرز المجازر الجديدة، وفقاً لما رصده مراسل “الخليج أونلاين”، بحق عائلة الغولة في حي الشجاعية شرق المدينة؛ ما تسبب في استشهاد 11 مدنياً بينهم 7 أطفال، إضافة إلى تسجيل عدد من الشهداء بقصف مربع أبو الأمين بحي الشيخ رضوان شمال المدينة.
وقصف الاحتلال مربعاً سكنياً كاملاً بالقرب من المحكمة الشرعية وسط مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد 5 مدنيين وإصابة 10 آخرين، وإحداث دمار هائل في المنازل والبنية التحية في تلك المنطقة المستهدفة.
كذلك، استهدف الاحتلال مدرسة المأمونية غرب المدينة، إضافة إلى تجمع للمواطنين في شارع النخيل شرق غزة، ما تسبب في استشهاد 4 مدنيين، إضافة إلى قصف سكان في محيط ملعب فلسطين غرب المدينة.
شمل القصف الإسرائيلي مقر جهاز الدفاع المدني في حي الدرج وسط مدينة غزة أسفر عن استشهاد فلسطينيين هما أحد عناصره ونجله، وإصابة سائق إطفاء بجروح خطيرة.
وأكد بيان الجهاز، الاثنين (6 يناير)، أن الفلسطيني نجيب ناجي سكر كان يحضر الطعام لطفله الوحيد محمد، أثناء القصف الإسرائيلي للمقر والذي تسبب في مقتلهما.
وقال: “يأتي هذا الاستهداف الإسرائيلي الغاشم ليؤكد للعالم أن الاحتلال مستمر في قتل مقدمي الخدمة الإنسانية، وأنه لن يتوانى عن استهداف آخرين”.
وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أكدت أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خلال الـ24 ساعة الماضية، 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 49 شهيداً و75 إصابة.
وأكدت الوزارة في تصريح مكتوب لها وصل “الخليج أونلاين” نسخة منه، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45,854 شهيد و 109.139 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023.
وأوضحت الوزارة أنه لا زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول اليهم.
يروي ناجون من الغارات الأخيرة قصصاً مأساوية عن الدمار والخراب الذي لحق بمدينتهم، والدماء التي سالت في الشوارع.
يقول محمد بركات، وهو أحد سكان مدينة غزة، الذي فقد أفراداً من عائلته: “القصف اشتد خلال الأيام الماضية، والاحتلال ارتكب مجزرة بحق عائلتنا، حيث استهدف مربعاً سكنياً كاملاً عند المحكمة الشرعية وسط مدينة غزة”.
وأضاف بركات في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الاحتلال يتعمد إبادة عائلات كاملة من خلال قصفه المنازل بصواريخ ثقيلة تسبب دماراً هائلاً، وتقتل جميع المتواجدين فيها بالشظايا، أو حرقاً”.
وأوضح أن “القصف لا يتوقف طيلة اليوم وفي ساعات متأخرة من الليل، وهو ما يعطي مؤشرات على أن الاحتلال ينوي تكرار سيناريو جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا في مدينة غزة خلال الفترة القادمة”.
وأشار إلى أن الاحتلال ارتكب مجزرة بحق عائلته، ما أدى إلى استشهاد خمسة منهم، خلال قصف منزلهم وهم بداخله، فيما أُصيب آخرون، وتدمر المنزل بشكل كامل.
في حي الشجاعية، نجا محمد جندية وعائلته من قصف إسرائيلي استهدف المنزل الذي نزحوا إليها بعد تدمير منزلهم.
وقال جندية في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الاحتلال كثف من قصفه الجوي والمدفعي على أحياء مختلفة من مدينة غزة، وهذا يشبه ما حدث في شمال القطاع، حيث ارتكب عدداً كبيراً من المجازر قبل دخوله لجباليا وبيت حانون وبيت لاهيا”.
ويتخوف جندية الذي نزح إلى الوسط، من هجوم إسرائيلي على مدينة غزة، وارتكاب مجازر بشعة، وترحيل السكان إلى جنوب القطاع، كما حدث مع مئات الآلاف في بداية العدوان.