غزة تحت القصف مجدداً.. ما القادم في جولة التصعيد الحالية؟

بدأ الاحتلال جولة التصعيد الأخيرة عبر استهداف قيادات العمل الحكومي في غزة ومن بينهم رئيس متابعة العمل الحكومي عصام الدعاليس
عادت “إسرائيل” مجدداً إلى عدوانها على قطاع غزة، عبر شن ضربات جوية مركزة استهدفت منازل المدنيين ومواقع حكومية مختلفة، ما أسفر حتى لحظة إعداد هذا التقرير عن استشهاد وإصابة قرابة ألف فلسطيني بينهم قيادات بارزة في حركة “حماس”.
وبدأ الاحتلال جولة التصعيد الأخيرة عبر استهداف قيادات العمل الحكومي في غزة، ومن بينهم رئيس متابعة العمل الحكومي عصام الدعاليس، ووكيل وزارة العدل أحمد الحتة، ووكيل وزارة الداخلية محمود أبو وطفة، إضافة إلى مدير عام جهاز الأمن الداخلي بهجت أبو سلطان.
وسبق هذا العدوان خروقات كبيرة من قِبَل جيش الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، حيث تصاعدت التهديدات من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزراء آخرين، مؤكدين رفضهم الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، والتمسك بخيار العودة إلى القتال.
نزوح جماعي
إلى جانب عمليات الاغتيال، وجه جيش الاحتلال إنذارات للفلسطينيين في مناطق مختلفة، مطالبًا بإخلائها فوراً، مثل بلدة بيت حانون شمال القطاع، وخربة خزاعة وعبسان الكبيرة والجديدة في خان يونس جنوباً، تمهيداً لشن هجمات عنيفة واعتبارها مناطق قتال خطيرة.
ورصد مراسل “الخليج أونلاين” موجة نزوح جماعية من المناطق الشرقية للقطاع باتجاه الغرب، حيث لجأ السكان إلى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، بالإضافة إلى الخيام المنتشرة في منطقة المواصي الساحلية.
وعقب ساعات من استئناف القتال عقد نتنياهو جلسة لمجلس الوزراء المصغر لتقييم الموقف في غزة، فيما أفادت هيئة البث العبرية، بأن القصف الإسرائيلي سيتصاعد حال عدم إحراز تقدم في محادثات تبادل الأسرى، مضيفة أن “وفد التفاوض الإسرائيلي سيغادر الدوحة في أعقاب استئناف الحرب”.
من جهته، صرح مكتب نتنياهو في بيان له أنه ووزير الجيش الإسرائيلي “يؤكدان ضرورة التحرك العسكري بقوة ضد حماس، بعد رفضها المتكرر لإطلاق سراح المحتجزين، ورفضها جميع المقترحات التي قدمها مبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف والوسطاء”.
كما صرح وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش قائلاً: “كما وعدنا وشرحنا، عاد الجيش الليلة إلى تنفيذ هجمات مكثفة ضد غزة بهدف تدمير حماس، واستعادة جميع المحتجزين، والقضاء على التهديد الذي يمثله القطاع على مواطني إسرائيل، هذا إجراء مدروس تم التخطيط له خلال الأسابيع الماضية، وسيكون مختلفًا تمامًا عما تم حتى الآن”.
التحركات العسكرية
هيئة البث الإسرائيلية أشارت إلى أن أجهزة الأمن رصدت خلال الأسبوعين الماضيين تحركات مكثفة لعناصر “حماس” داخل قطاع غزة استعداداً لمواجهة جديدة.
وشملت هذه التحركات تجنيد مئات العناصر، وتوزيع الأسلحة، وإعادة بناء منظومة القيادة، والانتشار في مواقع جديدة، إضافة إلى استعدادات غير مسبوقة قد تشير إلى نية شن هجوم أو تنفيذ عمليات توغل.
ووفقاً للتقديرات الإسرائيلية، فإن حركة “حماس” تمتلك حالياً نحو 25 ألف مقاتل، بينما يقدر عدد مقاتلي حركة “الجهاد الإسلامي” بنحو 5 آلاف.
وفي هذا الصدد يتوقع الكاتب والمحلل السياسي أحمد موسى، أن تتصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي خلال الساعات القادمة، حيث ستستهدف الغارات الجوية والمدفعية مواقع استراتيجية في قطاع غزة، دون اللجوء إلى عملية اجتياح بري.
ويضيف موسى في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “كان هذا التصعيد متوقعاً، لكنه لن يستمر طويلاً، فالوسطاء سيعملون خلال الأيام المقبلة على طرح مقترحات جديدة لاحتواء الموقف وإنهاء القتال”.
كما يرى أن “الاحتلال سيحاول الضغط على حماس عبر تكثيف الغارات الجوية، وإجبار آلاف السكان على النزوح لتحقيق مكاسب تفاوضية، كما سيواصل استهداف قيادات الفصائل، وتدمير الأنفاق والمخازن العسكرية، مما قد يدفع المقاومة إلى تصعيد ردودها”.
ويشير إلى أن “نتنياهو لديه اعتقاد دائم أن الضغط العسكري على قطاع غزة والمدنيين عبر استهدافهم سيشكل ورقة ضد حركة حماس، من أجل إجبارها على تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات”.
جرائم حرب
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أكد أن العدوان الإسرائيلي أدى إلى إبادة عائلات بأكملها، حيث وصل بعض الشهداء إلى المستشفيات، بينما لم تتمكن طواقم الإسعاف من الوصول إلى آخرين بسبب الدمار الهائل وانعدام الوقود.
وأضاف المكتب في تصريح مكتوب وصل “الخليج أونلاين” نسخة منه: “هذه المجازر الوحشية تثبت أن الاحتلال لا يعرف سوى لغة القتل والتدمير، ويواصل ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، ضاربًا عرض الحائط بالقوانين والأعراف الدولية”.
كما أشار البيان إلى أن قطاع غزة يواجه حصاراً خانقاً، حيث أغلقت المعابر بالكامل، مما فاقم الأزمة الإنسانية، وترك أكثر من 2.4 مليون فلسطيني يعانون نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والمياه وحليب الأطفال والمستلزمات الأساسية.