غزة تجوع.. و”إسرائيل” تبيع الوهم باسم المساعدات

قطاع غزة بحاجة يومياً إلى 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود، أي ما مجموعه 44 ألف شاحنة كان يجب أن تدخل خلال 80 يوماً
بعد إفراج حركة “حماس” الفلسطينية عن الأسير الأمريكي عيدان إلكسندر، كان من المفترض أن تبدأ مرحلة جديدة من الانفراجة الإنسانية لسكان قطاع غزة، الذين يعيشون في ظروف غير مسبوقة من الجوع والانهيار الشامل، جراء الحصار الخانق المتواصل منذ أشهر.
هذا الإفراج الذي مثل خطوة إنسانية كان يفترض أن يقابل بخطوة مماثلة من الجانب الإسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بفتح المعابر وإدخال المساعدات العاجلة، إلا أن الاحتلال تنصل من التزاماته وذهب نحو خيار التضليل والمماطلة.
وعلى الرغم من إعلان ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن نيته إدخال المساعدات إلى القطاع، استناداً إلى توصيات من قيادة الجيش بهدف “توسيع العملية العسكرية”، إلا أن هذا الإعلان ظل حبراً على ورق.
مماطلة إسرائيلية
فبعد مرور أكثر من أسبوع على هذا الإعلان، لم يتم إدخال أي كميات كافية من المساعدات الإنسانية، لا على مستوى الغذاء ولا الدواء ولا حتى الوقود، وهي احتياجات باتت تمثل شريان الحياة الوحيد لأكثر من 2.4 مليون إنسان محاصر داخل غزة.
وأمام تلك المماطلة الإسرائيلية حذر توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية، من أن نحو 14 ألف رضيع في غزة يواجهون خطر الموت خلال الساعات الـ48 المقبلة، إذا لم يُسمح بدخول مساعدات إنسانية إضافية إلى القطاع المحاصر.
كما قال فليتشر إن خمس شاحنات مساعدات فقط دخلت غزة (الإثنين 19 مايو)، واصفاً هذا الرقم بأنه “نقطة في بحر” بعد حصار استمر 11 أسبوعاً فرضته “إسرائيل”.
وأوضح أن تلك الشاحنات لم تصل بعد إلى المجتمعات الأشد حاجة، حيث تتفاقم الأزمة الإنسانية، مشيراً إلى أن الأمهات غير قادرات على إطعام أطفالهن بسبب تفشي سوء التغذية.
عدد محدود
المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أكد أن الاحتلال الإسرائيلي يروج للسماح بدخول 9 شاحنات مكملات غذائية للأطفال من أصل 44 ألف شاحنة مساعدات من المفترض إدخالها خلال 80 يوماً من حصار غزة.
وقال المكتب في تصريح مكتوب وصل “الخليج أونلاين” نسخة منه: “في ظل الحصار المحكم والمجاعة المتفاقمة منذ أكثر من 80 يوماً، نؤكد وبكل وضوح أن أي مساعدات حقيقية لم تدخل إلى قطاع غزة”.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي يغلق جميع المعابر بشكل كامل، ويمنع إدخال ولو حبة قمح واحدة منذ قرابة ثلاثة أشهر، في سياسة تجويع ممنهجة تستهدف 2.4 مليون إنسان أعزل.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي “يدعي أنه سيسمح بإدخال 9 شاحنات فقط، محملة بمكملات غذائية محدودة للأطفال، وهي لا تمثل سوى قطرة في بحر الاحتياجات العاجلة، ولا تلامس الحد الأدنى من متطلبات الحياة”.
وبين أيضاً أن قطاع غزة بحاجة يومياً إلى 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود، أي ما مجموعه 44 ألف شاحنة كان يجب أن تدخل خلال 80 يوماً، فيما يروج الاحتلال أنه سيدخل 0.02% من الرقم المعلن، “لتكشف هذه المقارنة حجم الكارثة والنية الإجرامية الكامنة وراء إغلاق المعابر وتجويع السكان”.
وحمّل الاحتلال والمجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الإنسانية المتواصلة، وطالب بتحرك عالمي دولي فوري لفتح المعابر دون قيد أو شرط، وإدخال الاحتياجات الإنسانية بالكامل، قبل فوات الأوان.
أوضاع كارثية
رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، د. صلاح عبد العاطي، وصف إدخال سلطات الاحتلال الإسرائيلي عدداً محدوداً جداً من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بعد أكثر من 80 يوماً من الحصار بـ”الخطوة الهزيلة” مضيفاً لـ”الخليج أونلاين”:
-
هذه الخطوة الهزيلة التي جرى تسويقها على أنها “استجابة إنسانية لإنقاذ أهل غزة من الجوع”، ليست سوى محاولة مفضوحة لتضليل الرأي العام الدولي وتجميل صورة الاحتلال الذي يواصل فيه ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.
-
إدخال هذا العدد الرمزي من الشاحنات لا يمكن تفسيره إلا ضمن سياق الاستهتار الفاضح بحياة المدنيين، والتوظيف السياسي للمساعدات الإنسانية.
-
قدوم أفراد الشركات الأمنية الأمريكية رغم رفض الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وكل مكونات المجتمع الفلسطيني للخطة الأمريكية الإسرائيلية، تهدف لتوظيف المساعدات في إجراء تغيير ديمغرافي واستبدال وكالة الغوث الأممية.
-
محاولات الاحتلال تمرير هذه الخطوة بوصفها “انفراجة إنسانية” أمر خطير، وعلى المجتمع الدولي رفض هذا النمط من الخداع الإنساني والسياسي.
-
على المجتمع الدولي رفض التعاطي مع المخططات الإسرائيلية والأمريكية لعسكرة المساعدات، والتأكيد على أن إدخالها إلى غزة هو حق وواجب قانوني وأخلاقي لا يجوز إخضاعه للمساومة أو الابتزاز.
-
على الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية رفض التماهي مع هذه الخطوات الشكلية، والتحرك العاجل لضمان دخول المساعدات الكافية وفتح ممرات إنسانية آمنة ودائمة بعيداً عن تحكم الاحتلال.