شراكة اقتصادية متنامية… آفاق جديدة للاستثمارات بين عُمان ومصر
حجم الاستثمارات العمانية في مصر بلغ نحو 550 مليون دولار في عشرات المشاريع
تعكس العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عمان ومصر نموذجاً مهماً من التعاون العربي المشترك، ومع استمرار التنسيق بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون الاستثماري، يمكن للبلدين تحقيق المزيد من التكامل الذي ينعكس إيجاباً على الشعبين المصري والعماني.
وبينما توفر السلطنة فرصاً استثمارية كبيرة في قطاعات متعددة مثل السياحة، والصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة، تشهد مصر طفرة اقتصادية من خلال مشاريع قومية ضخمة مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مما يوفر فرصاً جذابة للمستثمرين العمانيين للاستفادة من السوق المصرية المتنوعة.
وتعد العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان نموذجاً متميزاً للتعاون الثنائي القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، حيث تمتد هذه العلاقات إلى عقود من التنسيق في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية.
تعزيز الاستثمارات
في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، انعقدت في العاصمة العُمانية مسقط (6 يناير 2025) مباحثات بين وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُماني قيس بن محمد اليوسف ووزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي.
وفق وكالة الأنباء العُمانية، جرى خلال المقابلة، “استعراض سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات التجارة والاستثمار، وأهمية تفعيل دور مجلس رجال الأعمال العُماني المصري ليكون منصة رئيسة لدعم العلاقات الاقتصادية”.
وبينما ناقش الوزيران سبل تنمية التبادل التجاري بين البلدين من خلال تنويع المنتجات المتبادلة، بما يفتح آفاقاً أوسع أمام القطاعات الاقتصادية المختلفة، تطرقا إلى “تعزيز الاستثمارات المشتركة وتشجيع مؤسسات القطاع الخاص في البلدين على اكتشاف الفرص الاستثمارية الواعدة”.
كما بحثا “التركيز على تعزيز التكامل في مجال اللوجستيات، بما يشمل تطوير الممرات البحرية بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية الشقيقة، وتقديم الحوافز والتسهيلات اللازمة”.
وسبق أن قال وزير العمل المصري محمد جبران (20 نوفمبر 2024)، أن بلاده تتطلع دائماً إلى مزيد من التعاون مع سلطنة عمان في كافة المجالات، وزيادة حجم الاستثمارات، ودعمها في مسيرتها التنموية.
الاستثمارات مليار دولار
في أغسطس 2024، أعلن سفير سلطنة عمان في القاهرة عبد الله بن ناصر الرحبي أن حجم الاستثمارات المشتركة بين مصر وعمان وصل إلى نحو مليار دولار سنوياً.
وأضاف السفير العماني أن العلاقات بين البلدين تنمو في كافة المجالات، بتحقيق نقلة نوعية، وسط مساعي لتعظيم الدبلوماسية الاقتصادية، مؤكداً استعداد عمان لدعم الاستثمار عن طريق المسارات الرسمية مع الحكومة المصرية بشكل مباشر.
وفق الأرقام الرسمية المتوفرة حتى مايو 2023، فإن الاستثمارات العمانية في مصر تبلغ نحو 550 مليون دولار في عدد 110 مشروعات في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات والإنشاءات والتمويل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وفي المقابل تصل الاستثمارات المصرية في عمان نحو 860 مليون دولار في عدد 142 مشروعاً في مجالات إنشاء الطرق والبنية التحتية والصرف الصحي والاستثمار العقاري والسياحي.
صندوق الاستثمارات
وفي خطوة تهدف للإسهام في زيادة حجم الاستثمارات بين سلطنة عُمان ومصر، وتسهيل الإجراءات التي تحتاجها عملية الاستثمار، اتخذت قيادة البلدين قراراً بدراسة إنشاء صندوق استثماري مشترك.
وسيعمل الصندوق الذي جاءت الموافقة على دراسة تشكيله خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عُمان، وعقده مباحثات مع السلطان هيثم بن طارق، 28 يونيو 2022.
وسيعنى الصندوق بالاستثمار في المشاريع ذات الجدوى في قطاعات حيوية متنوعة بين السلطنة ومصر، وهو ما يزيد حجم التعاون والتبادل التجاري بين البلدين، الذي بلغ أكثر من 293 مليون دولار بنهاية يونيو 2021، وفقاً لبيانات رسمية.
فرص كبيرة متاحة
يؤكد المدير العام للجمعية العمانية للأوراق المالية، أيمن بن أحمد الشنفري، أن فرص الاستثمار المتبادل وتطويرها بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية متاحة بشكل كبير ويمكن تعزيزها بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.
ويرى أن ذلك ممكن أن يتحقق لعدة أسباب منها قوة العلاقات الثنائية بين سلطنة عُمان ومصر، لما يملكه البلدان من “علاقات تاريخية وطيدة تمتد لآلاف السنين، قائمة على الأخوة والاحترام المتبادل والتنسيق المستمر في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية”.
ويشير لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن البلدان شهدا تطوراً ملحوظاً في مختلف المجالات، مما يعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون المشترك.
ويلفت إلى أن قطاع الطاقة المتجددة يعد “من أبرز المجالات الواعدة للتعاون بين البلدين، حيث تسعى عُمان ومصر إلى تعزيز استثماراتهما في هذا القطاع الحيوي لمواكبة التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة”.
أما القطاع الثاني فيتمثل في الصناعات الدوائية، حيث يُتوقع تعزيز التعاون في مجال الصناعات الدوائية، بما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية احتياجات الأسواق المحلية والإقليمية، مما يعزز الأمن الدوائي في البلدين، بحسب الشنفري.
ويمثل القطاع الثالث الصناعات الغذائية، الذي قال إنه “نظراً لأهمية الأمن الغذائي، يُتوقع زيادة الاستثمارات المشتركة في قطاع الصناعات الغذائية لتلبية الطلب المتزايد في كلا البلدين، مع التركيز على تبادل الخبرات وتطوير الصناعات الغذائية التصديرية”.
ويأتي الاستزراع السمكي في قائمة تلك القطاعات، لافتاً إلى توقيع بروتوكول تعاون في مجال الثروة السمكية بين الشركة المصرية للصيد ومعداته والشركة العُمانية “سما الدقم الدولية”، مما يعكس الاهتمام المشترك بتطوير هذا القطاع الحيوي وتعزيز الأمن الغذائي البحري.
ويؤكد أن البلدان كانا قد اتفقا على إنشاء صندوق استثماري مشترك بقيمة 100 مليون دولار، متوقعاً إمكانية البدء في تنفيذ هذه المشروعات خلال الربع الأخير من العام الجاري، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاستثماري بين البلدين.
وهناك أسباب ذات اهمية تسهل من عملية تعزيز التبادل الاستثماري بين البلدين، حسب الشنفري، ومنها الموقع الاستراتيجي للبلدين لوجود مصر بموقع متميز يربط بين آسيا وإفريقيا، مما يجعلها بوابة للأسواق الإفريقية والأوروبية، وفي المقابل، تُعد سلطنة عُمان نقطة اتصال استراتيجية تربط بين آسيا والشرق الأوسط، مما يسهل حركة التجارة والاستثمار.
كما أن الاستقرار السياسي في كلا البلدين “عاملاً مشجعاً لجذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الاقتصادي. كما توفر السياسات الاقتصادية في البلدين بيئة محفزة للاستثمار”.
عُمان.. أرض الاستثمارات
في مارس من العام الماضي، كشفت وسائل إعلام مصرية وعُمانية، عن تحالف مصري مكون من 5 شركات تطوير عقاري، يدرس مشروع إنشاء مدينة متكاملة باستثمارات مليار دولار في سلطنة عمان.
ونقلت عن رئيس شركة الشمس للمقاولات شمس الدين يوسف، قوله إنه بالإضافة إلى شركته، ستشارك في تحالف إنشاء مشروع عقاري مصري في سلطنة عمان عدة شركات مصرية.
وأوضح أن الشركات هي “الإسكندرية للاستثمار والتنمية العمرانية، وشركة التسويق العقاري ريل مارك، والشركة الاستشارية لإدارة مشروعات التشييد”، وشركة مقاولات لم يذكر اسمها متخصصة في مشروعات البنية التحتية.
وبيّن أن التحالف يجري مناقشات حالياً مع الحكومة العمانية لتحديد الجدول الزمني، والقيمة الاستثمارية النهائية للمشروع العقاري المصري، مضيفاً أن المشروع يأتي ضمن خطة الشركات المصرية للتوسع الخارجي، وزيادة حجم أعمالها من خلال تنفيذ مشروعات عقارية في الدول العربية”.
وكانت الحكومة العمانية قد طرحت المشروع على شركة الإسكندرية للاستثمارات والتنمية العمرانية التي ستقود التحالف من أجل الاستفادة من خبرات شركات التطوير العقاري، والمقاولات والاستشارات الهندسية المصرية.
وتعتبر سلطنة عمان واحدة من الدول الأكثر جاذبية للاستثمار في المنطقة، حيث توفر العديد من الفرص الواعدة في مختلف القطاعات، كما تحرص الحكومة على تحسين بيئة الأعمال، وتسهيل إجراءات الاستثمار في البلاد.، كما يُعدّ الاستثمار في العقارات من أفضل الاستثمارات في السلطنة، حيث يوجد العديد من الفرص المربحة في هذا القطاع.
وفي ضوء رؤية عمان 2040 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، توفر السلطنة فرصاً استثمارية كبيرة في قطاعات متعددة مثل السياحة، والصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة.