سياحة قطر.. إرث المونديال يسرّع الوصول إلى مستهدفات 2030

– تضاعف عدد زوّار قطر بأكثر من مرتين ونصف خلال السنوات الخمس الماضية
– الخبير السياحي القدوة: قطر تحصد ثمار الترويج السياحي لكأس العالم وقطاع الطيران حجر الأساس
– الخبير الاقتصادي الخاطر: زخم الفعاليات والبنية التحتية وراء ارتفاع عدد زوار قطر في 2024
تواصل قطر تحقيق رؤيتها السياحية بخطى ثابتة، مستفيدة من الإرث الغني الذي خلفه تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم في العام 2022، والذي شكّل حافزا رئيسيا لنمو أعداد الزوار خلال العامين الماضيين وخاصة 2024.
وتسعى قطر إلى جذب 6 ملايين زائر دولي بحلول عام 2030، وقد اقتربت من هذا الهدف قبل ست سنوات من موعده، إذ بلغ إجمالي عدد السياح في عام 2024 نحو 5.1 ملايين زائر، محققة نموا بنسبة 25% مقارنة بالعام السابق.
وفي قراءة مقارنة أخرى، تضاعف عدد زوار قطر خلال السنوات الخمس الماضية بأكثر من مرتين ونصف، حيث بلغ عددهم في العام 2019 – أي قبل تنظيم بطولة كأس العالم – نحو 2.1 مليون زائر، في حين تجاوز العدد 5 ملايين زائر في العام الماضي، وفق بيانات رسمية.
ويتميز القطاع السياحي في قطر بتوفر العديد من المقومات الجاذبة، التي تؤهله لاستقطاب المزيد من الزوار في السنوات المقبلة، حيث تحتضن الدولة أسواقا تراثية ومتاحف عالمية المستوى، إلى جانب شبكة نقل عام متقدمة، وفنادق ومنتجعات فاخرة، ومراكز تسوق راقية، كما يعزز من جاذبية قطر السياحية وجود مطار دولي حديث، بالإضافة إلى الناقل الوطني الذي يربط الدوحة بأكثر من 170 وجهة حول العالم.
السياح الخليجيين
ويولي القطاع السياحي في قطر اهتماما خاصا بالزوار الخليجيين، لما يتمتع به السائح الخليجي من مزايا أبرزها التقارب الثقافي مع المجتمع القطري، إلى جانب القدرة الشرائية العالية.
وتأكيدا على هذا التوجه، أظهرت بيانات رسمية صادرة عن هيئة السياحة في قطر أن عام 2024 شهد ارتفاعا ملحوظا في أعداد الزوار من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث شكّل مواطنو الخليج ما نسبته 41% من إجمالي الزوار.
وحققت دولة قطر قفزة نوعية في قطاع الضيافة، حيث تجاوز عدد الغرف والشقق الفندقية 40 ألف وحد، مقسمة عدة فئات إذ تستحوذ الفنادق من فئة الخمس نجوم على الحصة الأكبر منها بنسبة 40%، تليها الفنادق من فئة الأربع نجوم بنسبة 27%، ثم الشقق الفندقية التي تمثل أيضا 27%، أما الفنادق من الفئات بين نجمة واحدة وثلاث نجوم، فتشكل 6% من إجمالي السوق الفندقي في الدولة.
الحملة الترويجية الضخمة
أيمن القدوة، الخبير في القطاع السياحي، يرى أن نمو عدد الزوار إلى قطر خلال عام 2024 يعود إلى عوامل تراكمية، تتصدرها الحملة الترويجية الضخمة التي رافقت استضافة مونديال 2022، والتي اعتبرها القدوة “أكبر حملة تسويقية في تاريخ دولة قطر في قطاع السياحة”.
ويوضح الخبير الاقتصادي، في حديثه لـ “الخليج أونلاين”، أن السياحة في قطر مرت بثلاث مراحل رئيسية: مرحلة ما قبل كأس العالم، ومرحلة أثناء البطولة، ومرحلة ما بعد البطولة، مشيرا إلى أن قطر بدأت بجني ثمار المرحلة الثالثة، إذ سجلت 4 ملايين زائر في عام 2023، و5 ملايين في 2024، بعد أن كان العدد قبل جائحة كرورنا نحو 2.1 مليون فقط.
ويضيف أن كأس العالم شكل منصة عالمية لتسويق قطر، فالحملة لم تكن فقط حول كرة القدم، بل كانت عرضا شاملا لقدرات الدولة وبنيتها السياحية، موضحا أن هذا النمو جاء نتيجة تخطيط استراتيجي طويل الأمد بدأ منذ فوز قطر بحق تنظيم البطولة عام 2010.
وفيما يخص التوقعات المستقبلية، يشير القدوة إلى أن مستهدفات رؤية قطر الوطنية 2030 تتضمن الوصول إلى 6 ملايين زائر سنويا، وهو رقم من المتوقع تحقيقه قبل حلول ذلك العام، ربما في 2025 أو 2026، بحسب وتيرة النمو الحالية.
وشدد على أن نجاح القطاع السياحي لا يبنى فقط على الفعاليات، بل على وجود بنية تحتية متينة، وفي مقدمتها مطار حمد الدولي، الذي شهد توسعة كبيرة لرفع طاقته الاستيعابية إلى 65 مليون مسافر سنويا، إلى جانب الدور المحوري الذي تلعبه الخطوط الجوية القطرية، بوصفها ناقلا وطنيا ذا طابع عالمي، وشريكا في تحالفات دولية كبرى مثل “One World”.
واختتم القدوة حديثه بالقول أن هذه “التركيبة السحرية” من مطار عالمي، وخطوط طيران دولية، وتسهيلات دخول، هي ما يميز تجربة السياحة في قطر، ويجعل من الدولة وجهة مفضلة على مدار العام.
من جانبه، يعزو الدكتور عبدالله الخاطر الخبير الاقتصادي الارتفاع الملحوظ في عدد زوار قطر خلال عام 2024 إلى زخم الفعاليات الكبرى التي استضافتها الدولة، إلى جانب ما تتمتع به من بنية تحتية متطورة، متوقعا استمرار هذا النمو في ظل الاستعدادات المتواصلة لاستضافة بطولات رياضية وأحداث دولية نوعية.
وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، يوضح الخاطر أن مؤشرات القطاع السياحي تسير في منحى تصاعدي، لا سيما مع اقتراب فعاليات بارزة مثل سباق “الفورمولا 1” وكأس العرب، ما يعزز فرص الحفاظ على وتيرة النمو الحالية وربما تجاوزها في المستقبل القريب.
ويشير إلى أن إرث كأس العالم 2022 لعب دورا محوريا في تعزيز مكانة قطر على خارطة السياحة العالمية، وجعل منها وجهة مفضلة لزوار من مختلف دول العالم، خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي، التي شهدت ارتفاعا ملحوظا في عدد القادمين منها.
ويضيف: “النجاحات التي حققتها قطر لم تقتصر على الجانب العمراني أو الخدمات اللوجستية، بل امتدت إلى دورها السياسي الفاعل في ملفات إقليمية ودولية، ما رسّخ صورتها كقوة ناعمة مؤثرة، وعزز من جاذبيتها كوجهة تجمع بين الحداثة والدبلوماسية الناعمة”.
وتوقع الخاطر أن يتجاوز عدد زوار قطر ستة ملايين خلال السنوات القليلة المقبلة، مستندا إلى الزخم المستمر في تنظيم البطولات الرياضية الكبرى مثل التنس والفورمولا، إلى جانب المؤتمرات الدولية في مجالات الطاقة والاستدامة.
واختتم بالقول: “جميع هذه الجهود تعكس رؤية استراتيجية واضحة لدى صناع القرار، وتؤهل قطر لتتصدر قائمة الوجهات العالمية في مجالي السياحة والضيافة”.