سفر جرحى غزة للعلاج.. أزمة متواصلة تعيق أحلام الآلاف

يسمح بسفر أعداد محدودة فقط عبر معبر رفح البري
في خيمة قرب منزله المدمر، ينتظر الجريح جهاد علي حقه في السفر للخارج عبر معبر رفح البري الذي فتح بشكل جزئي لإخراج الجرحى ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة “حماس” و”إسرائيل”.
بأحد الأيام المشؤومة، وفي ذروة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أصيب جهاد بشظايا قذيفة أثناء توجهه إلى منزله بعد يوم محاولته أخذ بعض الطعام والفراش من المنزل الموجود شرق مدينة خان يونس.
أصابت الشظايا جسد جهاد بشكل مباشر في ساقه ويديه، وأجريت له عمليات جراحية عاجلة في أحد المستشفيات الميدانية في قطاع غزة، لكن إصابته كانت تتطلب عمليات جراحية متخصصة في الخارج، خصوصاً أن قدمه كانت قد تعرضت لتدمير جزئي، ولم يتمكن الأطباء من تقديم العلاج اللازم في غزة.
مع زيادة تدهور إصابة جهاد، بدأ الأطباء في غزة بإرسال التقارير الطبية إلى المؤسسات الإنسانية الدولية، ومن بينها المستشفيات التي يمكن أن تستقبله في الخارج، خاصة في مصر أو الأردن، ليتلقى العلاج المطلوب، لكن كان هناك عائق يقف في طريقه وهو معبر رفح.
توالت الأيام، وحاولت عائلة جهاد مراراً الحصول على التصاريح اللازمة لعبوره معبر رفح، لكن الإجراءات كانت معقدة، والردود على طلباتهم متأخرة، بسبب حاجة الآلاف إلى العلاج في الخارج.
جهاد واحد من آلاف الجرحى الذين ينتظرون السماح لهم بالسفر للعلاج في الخارج، بعد تعذر علاجهم داخل قطاع غزة بسبب انهيار المنظومة الصحية، واقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي للمستشفيات وتدمير أجزاء كبيرة منها، وقتله لنخبة الأطباء.
وزارة الصحة في قطاع غزة أكدت أن 25 ألف مريض وجريح في القطاع بحاجة للعلاج في الخارج ولم يتمكنوا من السفر خلال العدوان الإسرائيلي الذي بدأ على القطاع في 7 أكتوبر الماضي.
وأعيد العمل بمعبر رفح في بداية فبراير الجاري، بموجب اتفاقية تشغيل المعابر المبرمة بين السلطة والاحتلال عام 2005، حيث تتواجد بعثة الرقابة الأوروبية في المعبر.
ونص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين حركة “حماس” والاحتلال بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية على السماح بسفر الجرحى والمرضى، بما في ذلك المدرجون عساكر في الأذرع العسكرية، بعد المرحلة الرابعة من عملية تسليم الأسرى.
انتظار وموت
جهاد يقول في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الوقت يمر ببطء، والإصابة في جسدي لا تحتمل التأخير، وفي كل مرة أراجع فيها الجهات المختصة يأتي الرد أن الموافقة تنتظر التوقيع من أجل الخروج والسفر”.
عاش جهاد أياماً عصيبة مليئة بالانتظار المستمر، ويستيقظ كل يوم على أمل جديد أن يتلقى الموافقة ويسافر من أجل إنقاذ قدمه من البتر.
لا يتوقف جهاد وعائلته عن التواصل مع منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة من أجل الإسراع في تقديم طلبه والسماح بسفره، ولكن ردهم يأتي بالتأكيد أن العدد المسموح له بالسفر عبر معبر رفح هو 50 مريضاً فقط.
إلى جانب جهاد، الحال أيضاً ليس أفضل للجريح حمزة أبو عودة الذي أصيب بشظايا صاروخ إسرائيلي بمختلف أنحاء جسده ويحتاج إلى تدخلات طبية متخصصة وعمليات جراحية نوعية.
يقول أبو عودة في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “صحيح أن معبر رفح فتح، ولكن عدد الجرحى الذين يخرجون منه محدود جداً مقارنة بالأعداد الموجودة في قطاع غزة، وكل يوم يتأخر فيه خروجنا من قطاع غزة يهدد حياتنا، خاصة في ظل عدم توفر إمكانيات لإجراء عمليات جراحية متخصصة في مستشفيات القطاع”.
يحتاج أبو عودة إلى تدخلات جراحية لإزالة شظايا تمركزت في أماكن خطيرة في صدره بالقرب من القلب، وأخرى في الأقدام، ويحتاج إخراجه إلى فريق طبي متخصص ولديه أجهزة طبية متطورة.
عائلته تراقب حالته الصحية التي تزداد سوءاً كل يوم، وحاولت التواصل مع الجهات الدولية في قطاع غزة، ولكن كل محاولاتهم كانت تصطدم بعوائق تتعلق بعدم قدرتهم على التدخل للسماح بسفره عبر معبر رفح بسبب العدد المحدود.
يمر الوقت على أبو عودة وعائلته ببطء، وفي كل يوم يشعر بآلامه تزداد، والأمل يتناقص، وسط عجز العائلة عن عمل أي شيء له للتخفيف من الآلام والإسراع في إنقاذ حياته المهددة في كل وقت.
كذلك، تنتظر الجريحة الطفلة مبتورة القدم، فاطمة النبهان، دورها في السفر للعلاج من أجل علاج الالتهابات التي ظهرت في مكان بتر قدمها.
تعاني فاطمة، التي قصف جيش الاحتلال منزل عائلتها خلال عدوانه على قطاع غزة، من آلام مستمرة في قدمها، وحاجتها إلى تركيب طرف اصطناعي من أجل إكمال حياتها.
لم تحصل النبهان (10 أعوام) بعد على حقها في السفر والعلاج في الخارج وتركيب طرف لها بسبب الإجراءات والتعقيدات التي يفرضها جيش الاحتلال.