الاخبار

سجن إمام أوغلو.. صراع جديد يعيد تشكيل مشهد تركيا السياسي

المحلل السياسي محمود عثمان: 

  • إقصاء إمام أوغلو يعيد ترتيب المعارضة التركية.
  • ستواجه المعارضة صراعاً داخلياً على زعامة حزب الشعب الجمهوري والترشح للرئاسة.
  • هذه الخطوة قد تعزز فرص العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة.

في تطور سياسي حاد، شهدت تركيا صباح الأربعاء (19 مارس الجاري) “عاصفة سياسية” بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، إلى جانب أكثر من 100 شخصية، بينهم رؤساء بلديات وصحفيون، بتهم تتعلق بالفساد وتقديم دعم لمنظمة إرهابية.

وأغلقت السلطات شوارع رئيسية في مدينة إسطنبول، وفرضت قيوداً على المظاهرات، وطرأت اضطرابات اقتصادية أدت إلى تراجع قياسي في الليرة التركية وتوقف التداول في بورصة إسطنبول.

إلى جانب إمام أوغلو، العضو في حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، شملت الاعتقالات 106 أشخاص آخرين، من بينهم رؤساء بلديات فرعية وصحفيون.

كل ذلك جرى على خلفية قضيتين، الأولى تتعلق باتهامات بالفساد وتشكيل منظمة إجرامية، حيث صدر قرار باعتقال 100 شخص، بمن فيهم إمام أوغلو.

أما القضية الثانية، فتركز على “مساعدة منظمة إرهابية”، وشملت 7 أشخاص، كان أيضاً من بينهم رئيس البلدية.

تسلسل الحدث وتطوراته

  • مع الساعات الأولى من الفجر، داهمت قوات الأمن منزل إمام أوغلو في منطقة ساريير وقامت باعتقاله.

  • ظهر إمام أوغلو في مقطع مصور على منصة “إكس”، وعلق بأن “إرادة الشعب تتعرض للانقلاب”.

  • جرى اقتياده إلى مركز صحي لإجراء الفحص الطبي، ثم نُقل إلى مركز إدارة الأمن في الفاتح.

  • قررت ولاية إسطنبول تعليق المظاهرات والتجمعات لمدة 4 أيام.

  • أُغلقت شوارع رئيسية ومحطات مترو في المنطقة لمنع الاحتجاجات.

  • دعا أوزغور أوزيل، زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه إمام أوغلو، إلى تظاهرات أمام مقرات الحزب في مختلف أنحاء تركيا.

  • نشر إمام أوغلو بياناً ثانياً عبر “إكس”، أكد فيه أن “الأمة سترد بقوة على من ينتهك حقوق الشعب”.

  • تراجعت الليرة التركية إلى 40 ليرة للدولار بعد ساعات من الاعتقال، قبل أن تعود إلى حوالي 38 ليرة.

  • أوقفت بورصة إسطنبول التداول مؤقتاً بعد انخفاض مؤشرها الرئيسي بنسبة 6.87%.

أسباب وملابسات الاعتقال

القضية الأولى:

  • تتعلق بجرائم الرشوة والتلاعب بالمناقصات، وتتهمه النيابة بقيادة منظمة إجرامية.

  • التحقيق توسع بعد تسريبات حول مخالفات مالية في الحزب المعارض.

  • جاء الاعتقال بعد إلغاء جامعة إسطنبول شهادة إمام أوغلو الجامعية بسبب مزاعم التزوير، مما قد يمنعه قانونياً من الترشح للرئاسة.

  • سبق لإمام أوغلو تقديم طلب ترشحه للرئاسة عن حزب الشعب الجمهوري، الذي قرر عقد انتخابات داخلية في 23 مارس.

القضية الثانية:

  • “مساعدة منظمة إرهابية” تتعلق باتفاق انتخابي بين حزب “الشعب الجمهوري” وحزب “ديم” الكردي، والذي اعتبرته السلطات محاولة لتعزيز نفوذ حزب العمال الكردستاني “بي كي كي” في المدن التركية.

تسبب الحادث بردود فعل لدى الأوساط السياسية، حيث وصف زعيم حزب الشعب الجمهوري، الاعتقال بأنه “محاولة انقلاب سياسي” ضد منافس محتمل لأردوغان.

أما منصور يواش، رئيس بلدية أنقرة، فقد أكد أن ما يحدث “غير مقبول” بحق رئيس بلدية منتخب، فيما قال دولت بهتشلي، وهو حليف الرئيس رجب طيب أردوغان)، إن “القضاء مستقل”، رافضاً اعتبار القضية انقلاباً سياسياً. 

في سياق متصل، نظم موظفون ومحامون وأعضاء من حزب “الشعب الجمهوري” المعارض في تركيا، احتجاجاً بعد اعتقال إمام أوغلو، وهتفوا بعبارات داعمة له وطالبوا بالإفراج عنه، كما خرجت احتجاجات أخرى ليلية في عدة مناطق.

من جانبها أكدت دائرة الاتصالات التركية، أنها ستواصل الدفاع عن الرئيس رجب طيب أردوغان ضد ما وصفته بـ”حملة التشهير غير العقلانية” التي أعقبت اعتقال رئيس بلدية إسطنبول.

وأوضح رئيس الدائرة، فخر الدين ألطون، أن قيادات المعارضة تحاول تقويض نزاهة التحقيقات بدوافع سياسية، مشيراً إلى أن بعض الأطراف توجه اتهامات للرئيس دون الاطلاع على تفاصيل القضية.

وشدد ألطون على ضرورة احترام قرارات القضاء المستقل، داعياً المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الأخبار المضللة والاعتماد على التصريحات الرسمية كمصدر موثوق.

ضربة شديدة لأحزاب المعارضة

بحسب ما يرى مراقبون فإن اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، كان متوقعاً في ظل تصاعد التوترات، حيث يواجه اتهامات بتزوير شهادته الجامعية والفساد والإساءة للقضاء.

في هذا الخصوص يؤكد المحلل السياسي محمود عثمان، الذي تحدث لـ”الخليج أونلاين” أن الاعتقال جاء نتيجة تصاعد الاستقطاب السياسي في تركيا، حيث يواجه حزب العدالة والتنمية قوى معارضة، أبرزها حزب الشعب الجمهوري وجمعية رجال الأعمال الأتراك (توسياد) الداعمة لإمام أوغلو.

يشير عثمان إلى أن الاعتقال ليس مجرد إجراء قانوني، بل يعكس مواجهة طويلة بين الحكومة والمعارضة التقليدية، التي كانت تسيطر على الدولة لعقود قبل أن يفقد نفوذها أمام صعود المحافظين.

وبعد ترسيخ العدالة والتنمية مكانته في السلطة، أصبح قادراً على ملاحقة خصومه قانونياً، خاصة في قضايا الفساد والاختلاس، بحسب عثمان، الذي يلفت إلى ما كشفته التحقيقات حول شبهات بتحويل أموال إلى جهات محظورة، إلى جانب شراكات بين بلديات المعارضة وأحزاب كردية متهمة بتمويل الإرهاب.

سياسياً، يرى عثمان أن إقصاء إمام أوغلو يعيد ترتيب المعارضة التركية، التي ستواجه صراعاً داخلياً على زعامة حزب الشعب الجمهوري والترشح للرئاسة.

ويضيف أن هذه الخطوة قد تعزز فرص العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، خاصة مع عزوف الناخبين بسبب الأزمة الاقتصادية، واحتمالات ترشيح وزير الخارجية هاكان فيدان بدلاً من أردوغان، مما يسهل احتفاظ الحزب بالسلطة.

ويخلص عثمان إلى أن اعتقال إمام أوغلو قلب المشهد السياسي التركي، حيث انشغلت المعارضة بنفسها، بينما نجحت الحكومة في إخراج أبرز منافسيها من السباق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى