الاخبار

زيارة عون إلى الرياض.. رسالة دعم سعودي لتعافي لبنان

عون بحث في السعودية دعم الجيش وإسناد الحكومة اللبنانية، ودعم الاقتصاد وفتح أسواق المملكة أمام البضائع اللبنانية.

تعول الرئاسة والحكومة اللبنانيتين كثيراً على المملكة العربية السعودية، وترى في عودة العلاقات مع الرياض، أساساً لتحسين وضع لبنان السياسي والاقتصادي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد.

وانطلاقاً من هذه الاستراتيجية، جاءت الزيارة الأولى خارجياً للرئيس اللبناني جوزيف عون إلى الرياض، برفقة وزير الخارجية يوسف رجي، ولقاءه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قصر اليمامة.

النقاش بين الجانبين، تطرق للكثير من المواضيع، لكنه ركّز على دعم لبنان سياسياً لتمكين الدولة من بسط سيادتها على كامل التراب اللبناني، ومالياً، لإنعاش الاقتصاد اللبناني، وإعادة العلاقات التجارية بين البلدين إلى سابق عهدها.

آمال كبيرة حملها الرئيس عون إلى الرياض، ويبدو أنه عاد محملاً بالتزام سعودي بتقديم العون اللازم في مختلف المجالات، فكيف ستنعكس الزيارة على المشهد السياسي والاقتصادي اللبناني في المرحلة المقبلة؟.

وجهة أولى

منذ انتخابه رئيساً للبنان، في 9 يناير الماضي، أعلن عون أن الرياض ستكون وجهته الأولى، نظراً للمكانة التي تمثلها المملكة لدى اللبنانيين، ودورها في إسناد بلاده في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها.

وفي مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط”، أواخر فبراير الماضي، قال عون إن العلاقات بين السعودية ولبنان تاريخية، كما أن المملكة، حسب وصفه، صارت إطلاله للمنطقة والعالم أجمع، وأنها صارت منصة للسلام العالمي.

وأضاف عون أنه يأمل أن يتم تصويب العلاقة بين لبنان والسعودية، وإزالة كل العوائق التي كانت في الماضي القريب، حتى يتم بناء علاقات اقتصادية وطبيعية، ويستأنف السعوديون زيارة لبنان، وبالمثل اللبنانيين يتمكنوا من زيارة المملكة.

الرئيس اللبناني، أشار أيضاً في الحوار إلى دور السعودية المحوري في إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان والذي استمر أكثر من عامين، لافتاً إلى أن بلاده طلبت من الرياض احتياجات الجيش اللبناني، مؤكداً – قبل الزيارة – أنه سيطلب إعادة تفعيل المساعدات العسكرية التي كانت تقدمها المملكة للجيش.

أجندة اللقاء

وفي قصر اليمامة بالرياض، استقبل الأمير محمد بن سلمان الرئيس اللبناني الجديد، وبحث معه العلاقات الثنائية، ودعم لبنان، وتنسيق المواقف تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

وبحسب البيان المشترك الصادر في ختام زيارة عون إلى السعودية، فقد أكد الجانبان على أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، والقرارات الدولية ذات الصلة، وبسط الدولة سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.

كما أكد الجانبان في البيان على الدور الوطني للجيش اللبناني، وأهمية دعمه، وضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية، في حين نقلت صحيفة “المونيتور” عن مصادر قولها إن الرئيس عون سيطلب من السعودية تقديم منحة بقيمة 3 مليارات دولار للجيش اللبناني.

واتفقت القيادتين السعودية واللبنانية، على بدء دراسة المعوقات التي تواجه استئناف التصدير من لبنان إلى السعودية، والإجراءات اللازمة للسماح للمواطنين السعوديين بالسفر إلى لبنان.

وشدد الجانبان على ضرورة تعافي الاقتصاد اللبناني وتجاوزه لأزمته الحالية، والبدء في الإصلاحات المطلوبة دولياً وفق مبادئ الشفافية وتطبيق القوانين الملزمة.

وكانت السعودية قررت في أبريل من العام 2021، منع دخول الخضراوات والفواكه من لبنان إلى المملكة، بعد إحباط تهريب أكثر من مليوني قرص مخدر مخبأة داخل شحنات الفواكه اللبنانية.

وفي منتصف العام 2024، أصدرت السعودية تعليمات لمواطنيها بعدم السفر إلى لبنان، ومغادرته لمن هم متواجدين هناك، وذلك في ذروة تغول “حزب الله” اللبناني على المشهد في البلاد آنذاك، في حين تنتعش الآمال حالياً بإمكانية إلغاء كل تلك الإجراءات.

تحولات إيجابية في العلاقات

وأظهرت السعودية انفتاحاً ملحوظاً على لبنان، بعد التحولات التي عصفت بالمنطقة خلال الأشهر الماضية، والضربات الموجهة التي تعرض لها “حزب الله” اللبناني، ونجاح جهود إنهاء الفراغ الرئاسي، وتشكيل الحكومة.

ووفق لموقع “مونت كارلو” الدولية، فإن زيارة عون تعكس دفئاً واضحاً في العلاقات السعودية اللبنانية، بعد سنوات من الجمود، وسط توقعات بأن تكون له زيارة لاحقة لتوقيع اتفاقيات تهدف لتعزيز التعاون بين البلدين.

وتأمل السعودية وبقية المحيط العربي، في أن تنجح القيادة اللبنانية الحالية في النأي بنفسها عن سياسة المحاور، التي دفعت لبنان بعيداً عن محيطها العربي طيلة السنوات الماضية.

الصحفي والمحلل السياسي اللبناني مصطفى العويك، يرى أن زيارة عون “تكتسب أهمية قصوى، خاصة أن لبنان بدأ مرحلة التعافي من عدوى المحور الإيراني وأخذ يستعيد هويته العربية الأصيلة، وهو عضو مؤسس في الجامعة العربية”.

 

وأضاف في حديث لـ”الخليج أونلاين”: “المملكة اليوم هي رائدة القوى الإقليمية الفاعلة في المنطقة، تقدم رؤيا نموذجية في الداخل، وتتصدى لقضايا العالم وتستضيف قمماً على مستوى العالم، ومن الطبيعي والمنطقي أن يكون لبنان مواكباً لهذه المتغيرات والتطورات وأن يكون كما كان دائماً في قلب اهتمامات المملكة وعقلها”.

وتابع: “ولأنها تدرك أهمية دوره وموقعه الاستراتيجي ساهمت في إنهاء الشغور الرئاسي، وبانطلاق عهد الرئيس جوزيف عون، وحكومة الرئيس نواف سلاف”.

 

ويتطلع لبنان اليوم أن تفتح المملكة قنوات دعمها إليه، من خلال إعادة تفعيل المساعدات والأسلحة للجيش اللبناني ليقوم بمهامه المطلوبة منه دستورياً ويحتكر حمل السلاح، وفق العويك.

وأوضح أن “لبنان يتطلع للمساعدة السعودية في إعادة إعمار ما هدمته الحرب، وعبر المشاريع الاستثمارية والسياحية، لما لذلك من انعكاسات إيجابية على الاقتصاد اللبناني الداخلي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى