الاخبار

زيارة أمير قطر إلى الهند.. تعزيز للشراكة وآفاق تعاون واعدة

هذه ثاني زيارة لأمير قطر إلى الهند بعد أن كان قد زارها في مارس 2015، والتي كانت قد أعطت دفعة قوية للعلاقات بين البلدين

تتجلى روابط الصداقة الطويلة الأمد بين قطر والهند بانخراطهما البارز في السياسة والاقتصاد والثقافة منذ أن بدأت علاقاتهما الدبلوماسية قبل أكثر من 50 عاماً، وانطلاقاً من الرغبة الأكيدة لدى الطرفين لدفع هذه العلاقات والارتقاء بها نحو مراحل متقدمة تلبي طموحات البلدين والشعبين الصديقين.

ويبدو أن قطر تدرك منذ سنوات أهمية النمو الاقتصادي المتسارع للهند، وضرورة وجود علاقات استراتيجية معها تسهم في تطوير العلاقة الموجودة بين الجانبين تاريخياً، وتعزز سبل التعاون بمجالات أوسع، فضلاً عن الدور المتزايد الذي يضطلع به الطرفين على الساحتين الإقليمية والدولية.

وتدفع زيارة أمير قطر إلى الهند العلاقات بين الدولتين إلى مزيد من التقدم مع ارتفاع أعداد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تنظم التعاون بينهما في المجالات الدفاعية والسياسية والعمالية والاستثمارية وفي مجال البنية التحتية والتعليم.

زيارة مهمة

في ثاني زيارة له منذ توليه الحكم، بدأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الاثنين 17 فبراير، بزيارة إلى الهند يلتقي خلالها الرئيسة دروبادي مورمو، ورئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وفق بيانٍ سابق للخارجية القطرية، يبحث الجانبان سبل توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وهذه ثاني زيارة لأمير قطر إلى الهند بعد أن كان قد زارها في مارس 2015، وهي الزيارة التي أعطت وقتها دفعة قوية للعلاقات بين البلدين، وأسهمت في إرساء مرحلة جديدة للعلاقات، حيث تضمنت حينها مباحثات وصفتها الدوحة بـ”المثمرة”، أعقبها التوقيع على عدد من الاتفاقيات.

وكان الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قد قام بثلاث زيارات رسمية إلى الهند، في الأعوام 1999 و2005 و2012، وتم خلالها مناقشة جملة من القضايا تضمنت التجارة والطاقة والبنية التحتية والدفاع واستكشاف الفرص الاستثمارية المتوافرة في كلا البلدين.

وفي المقابل قام ناريندرا مودي رئيس الوزراء الهندي بزيارة رسمية إلى قطر، في يونيو 2016، ثم زيارة أخرى في فبراير من العام الماضي 2024.

استكمالاً للعلاقات

يؤكد سفير قطر لدى نيودلهي محمد بن حسن الجابر، أن زيارة أمير بلاده للهند تأتي “استكمالاً لمسار العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين”، كما أنها “تكتسب أهمية كبيرة، في ضوء الالتزام المشترك بتطوير آفاق التنسيق وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين”.

وشدد في حديث لـ”تلفزيون قطر” الرسمي على أن الزيارة “فرصة مهمة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون التجاري والاستثماري في القطاعات الحيوية، مثل: الطاقة، والتكنولوجيا، والصناعة، إضافة إلى بحث سبل مواجهة التحديات العالمية كالمناخ والغذاء وغيرها من المواضيع التي توليها دولة قطر أهمية كبرى”.

ويقول إن بلاده والهند تربطهما علاقات اقتصادية متطورة، شهدت نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أن الهند ثاني أكبر شريك تجاري لقطر.

وتحدث عن وجود ما يقارب 20 ألف شركة هندية تعمل داخل قطر، ما يعكس “قدرة قطر الاستثنائية على جذب الاستثمارات الأجنبية، علاوة على أن الدولة تضم جالية هندية كبيرة يصل عددها إلى نحو 800 ألف نسمة، مما يعزز الروابط الاجتماعية والاقتصادية بين البلدين”.

وفي المقابل يقدر “جهاز قطر للاستثمار” استثماراته في الهند بنحو 4 مليارات دولار في مجالات متعددة، وهي مرشحة للنمو بشكل كبير بعد هذه الزيارة، وفق السفير القطري.

اتفاقيات ورسائل تقارب 

ومع انتظار توقيع البلدين خلال هذه الزيارة عدداً من الاتفاقيات، ستضاف لاتفاقيات مماثلة كان أبرزها ما أعلنته شركة “قطر للطاقة”، في فبراير 2024، بتوقيع اتفاقية مع شركة “بترونت” لتوريد 7.5 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال إلى الهند لمدة 20 عاماً.

وبحسب ما ذكرت الشركة في موقعها الإلكتروني حينه، فإنه سيتم بموجب الاتفاقية “توريد الشحنات المتفق عليها من قطر إلى عدد من محطات الاستقبال في الهند على متن ناقلات الغاز الطبيعي المسال التابعة لأسطول قطر للطاقة، بدءاً من مايو 2028”.

وأرسلت قطر رسالة تقارب وتوسيع علاقات مع الهند حين أفرجت، في فبراير من العام الماضي 2024، عن ثمانية جنود هنود سابقين حكم عليهم، وفق تقارير إعلامية، بالإعدام بتهمة التجسس لمصلحة “إسرائيل”.

وفيما لم تقدم نيودلهي أو الدوحة تفاصيل عن الهنود الثمانية أو جرائمهم، ذكرت وسائل إعلام هندية حينها أن المفرج عنهم وبينهم ضباط بحرية سابقون رفيعو المستوى، اعتقلوا في أغسطس 2022، وحكم عليهم بالإعدام بتهمة التجسس للاحتلال، قبل أن تسلمهم قطر للهند.

الاقتصاد سر التقارب

ولا يمكن النظر إلى هذه العلاقات الآخذة بالتطور بين الجانبين دون النظر إلى التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما، خصوصاً أن قطر هي أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، والهند قوة اقتصادية صاعدة بسرعة.

ويتمتع كل من قطر والهند بعلاقات اقتصادية متينة ومبنية على ركائز أساسية تتمثل في التجارة والطاقة والاستثمار المتبادل.

وتعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري لقطر، حيث بلغت التجارة بين البلدين 18.7 مليار دولار من عام 2022 إلى 2023.

وتشمل الصادرات الرئيسية من قطر إلى الهند الغاز وغاز البترول المسال والكيماويات والبتروكيماويات والبلاستيك ومصنوعات الألمنيوم، وتعد الهند من بين أكبر ثلاث وجهات تصدير لقطر، وهي أيضاً من بين أكبر ثلاثة مصادر لواردات الدولة الخليجية.

ويشكل الغاز الطبيعي المسال جزءاً أساسياً من حجم التجارة المتبادلة، وتمثل قطر مورد الغاز الأول للهند، فقد وصل حجم استيرادها إلى نحو 50% من طلبها.

وفي يونيو 2024، انعقد في نيودلهي الاجتماع الافتتاحي لمجموعة العمل المشتركة للاستثمار بين قطر والهند، وركز على تطوير العلاقات الاستثمارية بين البلدين وتقويتها.

تعاون عسكري

وتحرص قطر باستمرار على تعزيز إمكانات قواتها المسلحة وتوسيع شراكاتها العسكرية مع دول عدة، تعد الهند إحداها، بما يضمن لها توفير أكبر قدرة ممكنة للدفاع عن حدود البلد وضمان استقراره.

وتعتبر الهند من القوى العالمية الصاعدة التي فرضت تأثيرها على نحو متسارع في المسرح العالمي، حيث طورت خلال السنوات الماضية، قدراتها العسكرية بوتيرة متسارعة، ما يجعل من اللقاءات العسكرية والتمرينات المشتركة واحدة من نقاط تعزيز العلاقات بين البلدين.

وعززت قطر، خلال السنوات الماضية، قدراتها العسكرية من خلال إجراء مناورات مشتركة مع عدد من الدول، وتوقيع اتفاقيات دفاعية، وإبرام صفقات تسليحية، وإجراء مباحثات متواصلة لتعزيز التعاون الدفاعي والعسكري مع الدول الشقيقة والصديقة لها، ومن بينها الهند.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى