الاخبار

ريادة عالمية في إدارة الموارد المائية.. ما سر تفوق الإمارات؟

ما سر تفوق الإمارات في إدارة المياه؟

الابتكار والتخطيط طويل المدى.

كيف تواجه الإمارات تحديات ندرة المياه؟

بالتقنيات الحديثة والشراكات الدولية.

تقود دولة الإمارات جهوداً متواصلة لتعزيز أمنها المائي من خلال تطوير سياسات واستراتيجيات مبتكرة تدمج بين الاستدامة والابتكار، وترتكز على الشراكات الدولية ونقل التكنولوجيا.

وتجسّد نتائج الدولة الإيجابية في مؤشرات المياه مدى فعالية هذا النهج، الذي يسعى لتحقيق التوازن بين أمن الموارد المائية والغذاء والطاقة والبيئة.

كما تعمل الإمارات على بناء نموذج فعّال يوازن بين احتياجات المياه والطاقة والبيئة والغذاء، ويعزز من كفاءة إدارة هذه الموارد الحيوية بصورة مترابطة ومستدامة.

استراتيجية الأمن المائي

وفي هذا الإطار، تواصل الإمارات جهودها لتطوير سياسات متقدمة تؤسس لأمن مائي طويل الأمد، في ظل استعدادها لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026 بالتعاون مع السنغال، والذي يهدف إلى تسريع تنفيذ الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالمياه.

وتُعد استراتيجية الأمن المائي 2036، التي أعدّتها وزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية، حجر الأساس في تحقيق هذه الرؤية، والتي تهدف إلى ضمان استمرارية توافر المياه في الظروف الطبيعية وحالات الطوارئ، بما يدعم استدامة المجتمع وازدهار الاقتصاد.

وتقوم الاستراتيجية على ثلاثة برامج رئيسية:

– إدارة الإمداد المائي، ويشمل التوسّع في تقنيات التحلية، مثل التحلية بالأغشية، والاعتماد على الطاقة المتجددة، وزيادة إعادة استخدام مياه الصرف، إلى جانب حصاد مياه الأمطار والمياه السطحية.

– إدارة الطلب على المياه، ويُركز على خفض الفاقد من الشبكات، وترشيد الاستهلاك الفردي، وتحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة، بما يقلل الضغط على الموارد الجوفية.

– إنتاج المياه في حالات الطوارئ، ويهدف إلى تعزيز الربط الشبكي وزيادة التخزين، لتوفير استجابة فعّالة في أوقات الأزمات.

ولمواءمة هذه الجهود مع أهداف استراتيجية الطاقة 2050 ومبادرة الحياد المناخي 2050، عملت الوزارة على تحديث مدخلات استراتيجية الأمن المائي بما يشمل توقعات الطلب وتقنيات التحلية.

وبحسب تصريح الوكيل المساعد لقطاع الكهرباء والمياه وطاقة المستقبل، المهندس أحمد الكعبي، لوكالة الانباء الإماراتية “وام”، في 1 يونيو الجاري، تبلغ السعة الإنتاجية الحالية لمحطات التحلية في الدولة نحو 8.4 ملايين متر مكعب يومياً، بإجمالي إنتاج سنوي يصل إلى 1.85 مليار متر مكعب.

كما يجري حالياً تنفيذ مشاريع محطات تحلية جديدة بتقنية التناضح العكسي في أبوظبي (المرفأ، الشويهات، السعديات، الحديريات)، ودبي (محطة حصيان)، والشارقة (توسعة محطة الحمرية)، بطاقة إنتاجية إضافية تبلغ نحو 2.55 مليون متر مكعب يومياً.

ومن المتوقع أن تسهم هذه المشاريع، عند اكتمالها بحلول نهاية 2027، في رفع السعة الإنتاجية لمحطات التحلية بنسبة 30%، مما يعزز مرونة منظومة المياه في الدولة ويُعزز من مكانتها العالمية في الإدارة المستدامة للموارد المائية.

نهج متكامل

ونجحت الإمارات في بناء بنية تحتية متطورة تعزز من قدرتها على مواجهة الندرة المائية، إذ تضم محفظتها أكثر من 140 محطة لتحلية المياه، تعتمد على تقنيات منخفضة الكربون ومصادر الطاقة المتجددة.

وتنسجم هذه المشاريع مع استراتيجية الأمن المائي 2036، التي تهدف إلى إعادة استخدام 95% من المياه المعالجة، وتوفير أكثر من 75% من مياه الشرب من التحلية بالتناضح العكسي.

ويرى خبير الاستراتيجيات والسياسات المائية وتغير المناخ، رمضان حمزة، أن تفوق الإمارات في إدارة الموارد المائية وريادتها العالمية في هذا المجال يعود إلى تبنيها نهجاً متكاملاً يجمع بين الابتكار، والتخطيط الاستراتيجي، والاستثمار في التقنيات الحديثة، والشراكات الدولية مضيفاً في حديثه مع “الخليج أونلاين”:

– المبادرات الوطنية كـ”الخريطة المائية” تضمنت إدارة السدود، ومنظومة مياه رقمية، وتشجيع الذكاء الاصطناعي لكشف التسربات والري الذكي.

– تبنت أيضاً الأبنية الخضراء، وتحلية المياه بالطاقة النظيفة، والزراعة المائية لتقليل الاستهلاك، مع دعم المزارعين لتبني ممارسات موفرة للمياه.

هذا النهج الشامل مكّن الإمارات من تحقيق معدلات مرتفعة في توفير مياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي، مما جعلها نموذجاً عالمياً يُحتذى به من حيث كفاءة استخدام المياه والحفاظ عليها.

– النموذج الإماراتي يُعد من النماذج الأكثر فعالية في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، حيث حققت الدولة نسبة تصل إلى 100% في توفير مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، وأكثر من 70% في الإدارة المتكاملة للموارد المائية.

– التجربة الإماراتية قابلة للتطبيق إلى حد كبير على الدول التي تواجه تحديات مناخية مماثلة، خاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة.

– يمكن تعميم نموذج الإمارات المائي المتكامل والتقنيات والشراكات، لكن تطبيقه يتطلب استثمارات ضخمة، قدرات مؤسسية، وإرادة سياسية قوية، مع تجنب فرض حلول موحدة.

– الشراكات الدولية تلعب دوراً محورياً في تعزيز قدرات الإمارات على إدارة مواردها المائية بمرونة وكفاءة، فالتعاون مع اليابان وسنغافورة، المعروفتين بتقنياتهما المتقدمة بإدارة المياه، يتيح للإمارات الاستفادة من خبراتهما وتطوير حلول تكنولوجية مشتركة لمواجهة تحديات ندرة المياه.

تعاون وشراكات دولية

وتواصل دولة الإمارات أداء دور ريادي في دعم منظومة الأمن المائي المستدام عالمياً، عبر حزمة من المبادرات والبرامج والمشاريع الطموحة التي تركز على الابتكار، والتكنولوجيا، والتعاون الدولي.

وفي إطار جهودها لترسيخ مكانة أبوظبي كمركز إقليمي للابتكار في مجالي المياه والطاقة المستدامة، نفذت دائرة الطاقة زيارة رسمية إلى كل من سنغافورة واليابان في 20 أبريل 2025، بهدف تعزيز التعاون الاستراتيجي وتبادل الخبرات حول أفضل الممارسات والتقنيات في إدارة الموارد المائية، واستكشاف حلول مبتكرة لمواجهة تحديات التغير المناخي.

وركزت الزيارة إلى سنغافورة – بحسب وكالة الأنباء الإماراتية “وام” – على الاطلاع على تجارب دولية متقدمة في إدارة مياه الأمطار والسيول باستخدام أنظمة ذكية وبنية تحتية متكيفة مع المناخ، إضافة إلى نماذج ناجحة في ترشيد استهلاك المياه وتخطيط الموارد المائية بطرق مستدامة، بما يعزز أمن المياه في أبوظبي ويدعم أهدافها الاستراتيجية.

أما في اليابان، فقد تضمنت الزيارة لقاءات مع وكالة المياه اليابانية ووزارة الأراضي والبنية التحتية، بالإضافة إلى زيارات ميدانية لشركات متخصصة في تقنيات المياه، والاطلاع على مشروعات كبرى مثل قناة التصريف الخارجية لمنطقة طوكيو الكبرى.

وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الإماراتية في 31 أكتوبر 2024، فإن الدولة تعمل على تعزيز الوعي بضرورة التصدي لندرة المياه بوصفها أزمة تؤثر على التنمية وسبل العيش واستقرار المجتمعات.

وفي سياق استعدادها لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026، واستمراراً لزخم استضافة COP28 واستباقاً لمؤتمر COP29 في باكو، تبرز الإمارات كمحور دولي يقود الحوار العالمي حول المياه، من خلال تقديم حلول واقعية وابتكارات قابلة للتطبيق في المناطق الأكثر تضرراً.

وأكد مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة والاستدامة، عبد الله بالعلاء، في أكتوبر الماضي، أن البيئة الصحراوية في الإمارات عمّقت علاقتها بالمياه ودفعتها للابتكار، وهو ما شكّل أساس التزامها العالمي بتوسيع الشراكات وتقديم حلول حقيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى