“دافوس الصحراء”.. الرياض تجمع قادة العالم لرسم مستقبل الاستثمار
النسخة الثامنة من “دافوس الصحراء” جمعت أكثر من 7000 مشارك و600 متحدث عالمي لتسليط الضوء على:
– أبرز التحديات العالمية والفرص الاستثمارية المتاحة
– تمكين المرأة في الاقتصاد العالمي
– مناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي والاستدامة وتأثيرهما على الاقتصاد العالمي وتطبيقات الطاقة المتجددة
– لفت انتباه العالم إلى الاستثمارات في إفريقيا وتعزيزها
“مبادرة مستقبل الاستثمار” أو “دافوس الصحراء” في نسختها الثامنة لعام 2024، التي تنعقد في الرياض من 29 إلى 31 أكتوبر الجاري، تعد من أبرز الفعاليات الاستثمارية على مستوى العالم.
وتجمع المبادرة بين القادة والزعماء في مجالات الاقتصاد والسياسة والأعمال لمناقشة أبرز التحديات والفرص الاستثمارية التي يواجهها العالم اليوم.
قضايا مهمة
وتأتي هذه النسخة تحت شعار “أفق لا متناهٍ.. الاستثمار اليوم لصياغة الغد”، مما يعكس التزام السعودية بتعزيز مكانتها كمركز عالمي للاستثمار ووجهة للمبادرات المستقبلية التي تدعم الاستدامة والابتكار.
وتتطلع المبادرة هذا العام إلى تعزيز الاستثمار كمحرك للتنمية المستدامة، حيث تركز النسخة الثامنة على عدة محاور رئيسية تشمل الاستقرار الاقتصادي، والتنمية العادلة، والتكنولوجيا والابتكار، والصحة العامة، والاستدامة البيئية، إضافة إلى تمكين المرأة في المناصب القيادية وتعزيز دورها في المجتمع الاقتصادي.
ومن القضايا التي ناقشتها بعمق هي التغير المناخي وسبل مواجهة تأثيراته السلبية على الاقتصادات العالمية، بالإضافة إلى دور الذكاء الاصطناعي في تغيير مستقبل العمل والاقتصاد.
مشاركة واسعة وأفق بعيد
وكان من المتوقع أن يجذب المؤتمر أكثر من 5000 مشارك و500 متحدث، حسب الموقع الإلكتروني للمبادرة.
ولكن رئيس مجلس إدارة مؤسسة “مبادرة مستقبل الاستثمار”، ياسر الرميان، قال في الجلسة الافتتاحية، إن هذه النسخة الثامنة تجمع أكثر من 7000 مشارك و600 متحدث عالمي لتسليط الضوء على أبرز التحديات العالمية والفرص الاستثمارية المتاحة.
ويتم خلال المبادرة تنظيم 200 جلسة تغطي مختلف القضايا الراهنة، حيث شملت الحوارات قادة حكوميين ومستثمرين ورجال أعمال من جميع أنحاء العالم.
وكانت النقاشات في المؤتمر مدعومة بالبيانات والتحليلات، مما يضمن أن تكون جميع الاستراتيجيات المقترحة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
وحول أهمية القمة، قال ريتشارد أتياس، الرئيس التنفيذي لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية (واس): “أفق لا متناهٍ ليس مجرد شعار، بل هو دعوة لتوسيع رؤيتنا الجماعية واحتضان آفاق المستقبل غير المحدود”.
وأضاف أتياس، أنه “يجسد هذا الشعار التزامنا بقيادة المحادثات التي تؤدي إلى مستقبل أفضل للبشرية”.
وأكد أتياس أن المبادرة هذا العام أتاحت الفرصة لتبادل الأفكار وبناء الشراكات الاستراتيجية التي من شأنها تحقيق تأثيرات إيجابية على المستويات العالمية.
ما الذي يميز هذه النسخة؟
تتميز النسخة الثامنة من مبادرة مستقبل الاستثمار لعام 2024 بعدة جوانب فهي تطرح شعاراً جديداً وطموحاً (أفق لا متناهٍ.. الاستثمار اليوم لصياغة الغد)، يعكس التزاماً بتوسيع آفاق الاستثمار ليكون محفزاً للنمو العالمي، مركّزًا على حلول شاملة ومستدامة.
كما أن هناك عدد كبير وغير مسبوق بأي نسخة سابقة من المشاركين فيها حيث وصل إلى 7000 مشارك و600 متحدث من حوالي 90 دولة، مما يجعلها واحدة من أكبر الفعاليات الاستثمارية العالمية، ويعزز مكانة السعودية كمركز استثماري دولي.
والمبادرة هذا العام ركزت بشكل خاص على قضايا الذكاء الاصطناعي والاستدامة، وتأثيرهما على الاقتصاد العالمي وتطبيقات الطاقة المتجددة.
وهذا التركيز جاء في ظل توقعات اقتصادية دولية بأن يساهم الذكاء الاصطناعي بما يقرب من 20 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول 2030.
وبحلول عام 2027، سيصبح دور الذكاء الاصطناعي كمحرك اقتصادي معياراً للقوة الوطنية، بحسب تعبير محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي ياسر الرميان.
وتتميز المبادرة هذا العام بإعلان افتتاح مقرات إقليمية جديدة لشركات دولية في الرياض مثل غولدمان ساكس، مما يعزز دور المدينة كمركز إقليمي للاستثمار.
وبلغ عدد الشركات الدولية التي تتخذ من الرياض مقراً لها الآن 540 شركة، وفق وكالة الأنباء السعودية (واس).
وفي نقطة مهمة أيضاً تميزت بها نسخة هذا العام هي التركيز على التعاون الدولي والأسواق الناشئة، وتسليط الضوء على فرص الاستثمار في أفريقيا، وإمكانات التنمية في الأسواق الناشئة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي وتوسيع الاستثمارات في تلك المناطق.
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، خلال افتتاح المبادرة، إنه “من المتوقع أن تصل استثمارات القطاع الخاص السعودي في أفريقيا إلى 25 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة”.
وأضاف الجدعان، أن “شراكة السعودية مع أفريقيا ليست قوية فقط بل تنمو بشكل متسارع، فيما تتجاوز جهود المملكة تجاه أفريقيا حدودها”.
وأشار إلى أنه على رأس تلك الجهود تأتي قضية استدامة الديون وهي أحد التحديات التي تواجه الدول الأفريقية والتي تحتاج إلى تعاون دولي جاد وعاجل لمساعدة تلك الدول في معالجة ديونها السيادية.
وذكر الجدعان أن النمو العالمي غير متوازن بين بلدان العالم بسبب الديون.
الوزير السعودي أكد أن المملكة قطعت شوطاً في علاج تلك المشكلة الأفريقية عبر مبادرتي تعليق خدمة الديون والإطار المشترك لمجموعة العشرين التي أُطلقت خلال رئاسة المملكة للمجموعة، وأسهمت بصورة مباشرة في دعم عدد من الدول مثل تشاد وزامبيا وغانا وإثيوبيا.
وضمن مميزات المبادرة في نسختها الحالية أنها تأتي كمنصة لمناقشة العديد من القضايا العالمية، بما في ذلك التحديات الاقتصادية والاستراتيجية التي تواجه العالم، وتعمل كجسر للتعاون بين المستثمرين العالميين وقادة الأعمال، وفق تقرير لصحيفة الشرق الأوسط السعودية.
كما هدفت المبادرة في نسختها الحالية لتعزيز دور المرأة في الاقتصاد العالمي.
وناقشت جلسات المبادرة موضوعات منها قيادة المرأة للثورة الصناعية الخامسة، وكيف يمكن للمرأة في قطاع التمويل أن تقود النمو الاقتصادي العالمي.
وشارك في هذه الجلسات عدد من المتحدثين أبرزهم، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، وخالد بن عبد العزيز الفالح وزير الاستثمار.
وقال الوزير الجدعان، في جلسة خلال اليوم الثاني للمبادرة، إن 45% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة تقودها المرأة.
وأضاف أن “تمكين المرأة ارتفع من 17% في بداية رؤية 2030 إلى نحو 35% بالوقت الحالي، وكان المستهدف في 2030 أن يكون بحدود 30%، والآن يمكن أن نقول إنه قد يصل إلى 40% بحلول 2030”.
مخرجات المبادرة
رئيس مجلس ادارة مؤسسة “مبادرة مستقبل الاستثمار”، قال إن المبادرة خلقت صفقات خلال السنوات السبع الماضية بـ125 مليار دولار وأصبحت قوة للعمل والتقدم.
ومن المتوقع أن تسفر النسخة الثامنة عن إطلاق استثمارات جديدة بقيمة تصل إلى 28 مليار دولار في مشاريع مبتكرة ومتطورة.
وتهدف هذه الاستثمارات إلى بناء بنية تحتية تدعم الاستدامة وتحد من الانبعاثات الكربونية، كما تسعى إلى تقديم حلول في مجالات التكنولوجيا والصحة والطاقة المتجددة.
كما عملت المبادرة على تعزيز التعاون العالمي من خلال جمعها قادة من مختلف القطاعات للتعاون في معالجة القضايا المعاصرة، بما في ذلك التغير المناخي، وأهمية الاستثمار في الابتكار الرقمي لتحقيق تنمية شاملة.
وعملت على دعم وتعزيز دول المرأة في المناصب القيادية والاقتصادية، وأبرزت دور القارة الأفريقية وعززت توجيه الاستثمارات الدولية نحوها.
إضافة إلى أنها تسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي التي كانت عنصراً أساسياً من المشاركين بالنسخة الثامنة.