«خيام غزة» لا تصمد في وجه الريح مع استمرار النزوح
وليد عبدالرحمن (غزة)
غزة قصة حزينة للجميع.. وهناك مليونا قصة حزينة، مشاهدة غزة في الأخبار أمر، ولكن الاستماع إلى معاناة أهلها أمر آخر تماماً، ففي غزة لم يعد هناك مكان آمن.
ولم تعد هذه الخيام المهلهلة التي تطوح بها الرياح تقي النازحين برد الشتاء، لا سيما مع افتقاد وسائل التدفئة الآمنة، وفي مخيمات القطاع، حُرم الناس من الشعور بالدفء، ونهش البرد أطرافهم وأجسادهم، لم يكن بمقدورهم فعل أي شيء سوى الآمال بأن يزيل الله الغمة عنهم وأن تنقشع غبار الصراع بأقرب وقت ممكن.
ومع إشراقة كل صباح، يحاول النازحون إصلاح ما أمكن من خيامهم الممزقة، أملاً بأن تقيهم برودة الليل التي لا تطاق في ظل العيش بالعراء ونقص الأغطية والملابس، يحاولون بما توفر لديهم إصلاح ما يتلف ويتمزق من خيامهم خلال النهار، استعدادا لساعات الليل التي تزيد فيها سرعة الرياح وتتمزق فيها الخيام.
عشرات الآلاف من هذه الخيام في كل مناطق النزوح أصبحت مهترئة، وإن لم تكن تمزقت من العوامل الطبيعية فإنها بليت من كثرة التنقل وعمليات النزوح المتكررة ونقلها من مكان لآخر في ظل إجبار الغزيين على عمليات النزوح المتتالي.
وما يتم السماح له بالدخول من شاحنات مساعدات إلى القطاع، الذي يترنح على حافة المجاعة، لا تكفي لسد رمق الغزيين الذين باتوا في حال من العجز والحاجة، في وقت بقيت المئات من الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية والدوائية في الانتظار، استعداداً للسماح لها بالعبور في وقت لاحق.
والآمال التي يعلقها الغزيون على فتح المعابر ودخول المساعدات، تعكس إحساسهم العام بالحاجة وخصوصا على جيش النازحين، دخل جزء بسيط من المساعدات التموينية وغيرها بجهود المؤسسات الاغاثية والدولية لكنها لا تكفي لتلبية احتياجات الناس الذين يتضورون جوعا، وذلك بعدما تصاعدت صيحات الغضب من قبل سكان القطاع بسبب شح الغذاء.
تحت الأنقاض
لا يزالون تحت الأنقاض، جملة من كتابات كثيرة صارت شواهد على من قتلوا تحت الركام، من كتبها أب أو أخ أو عابر طريق حاول المساعدة يصف مكان جثمان ضحية، هنا كتب باللون الأسود على سطح منزل تعرض للقصف الإسرائيلي، إنها عبارات لا يمكن الاكتفاء بقراءتها فقط، فهي تستنزف كل المعاني لشدة ما فيها من وجع ممزوج بعذابات الموت.
ووسط مشاهد الدمار الواسعة في القطاع، هناك مشهد بمنزلة جرح غائر في قلب أم كريم التي فقدت تحت الركام ونتيجة الغارات ابنها، ابنتها، صهرها، وأحفادها، وعدداً من أفراد عائلتها، لم تتمكن من انتشال أحد منهم سوى ابنتها التي كرمت بالدفن، تمر بجوار البيوت المهدمة فتشعر بأرواحهم التي لفظت أنفاسها الأخيرة تحت الأنقاض.
أحياء بغزة تحولت إلى جبال من الأنقاض وتعذر إنقاذ عشرة آلاف عمن تحتها من ضحايا، أرواح لم تحظ بالوداع الأخير، ولا أحد يعلم عن محاولاتهم للنجاة والتشبث بالحياة، وكم حاولوا طلب الاستغاثة قبل أن تختنق أنفاسهم بالغبار والتراب والحجارة.
ومشاكل عديدة تتعلق بإيصال ما يتم ادخاله من مساعدات شحيحة بشكل آمن بعد أن تعرضت الشاحنات إلى عمليات سطو مسلح في قلب القطاع، وضع إنساني يتجاوز الكارثة في الأسواق التي تنتظر دخول البضائع في ظل ارتفاع الاسعار وسط أزمة جوع.