حياد مشكوك فيه.. “الصليب الأحمر” والتمييز ضد الشهداء الفلسطينيين

أظهرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تمييزاً في عملية تسلم وتسليم جثث الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين.
في الوقت الذي تدعي فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر حيادها واستقلالها في مناطق النزاع، إلا أم بعض الأفعال أو المواقف التي اتخذتها خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أظهر عكس ذلك.
أكثر القضايا التي أظهرت عدم حياد اللجنة الدولية للصليب الأحمر واحترامها لمبادئها الأساسية، كانت في تسليم جثث شهداء فلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي لوزارة الصحة الفلسطينية وعدم الحفاظ على كرامتهم الآدمية، مقابل حرصها على عدم المس بأي من كرامة الأسرى الإسرائيليين الذين تسلمتهم من المقاومة (الخميس 20 فبراير الجاري).
وظهر هذا التمييز من خلال عدم وضع أي بيانات حول جثث الشهداء الفلسطنيين، في مقابل حرص شديد على خصوصية جثث الإسرائيليين لدى المقاومة خلال عملية التسليم.
غضب فلسطيني
مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، أكد أن “الصليب الأحمر مارس تمييزاً صارخاً في عمله الإنساني في قطاع غزة خلال عملية تسليم وتسلم جثث الأسرى”.
وقال الثوابتة في تصريح مكتوب وصل “الخليج أونلاين”: “بينما يجري الصليب الأحمر مراسم رسمية مهيبة عند تسلم جثث الأسرى الإسرائيليين، يسلم جثامين الشهداء الفلسطينيين في أكياس زرقاء تلقى داخل شاحنات تفتقر لأبسط مقومات الكرامة الإنسانية”.
كما اعتبر الثوابتة أن هذا “التمييز يعكس ازدواجية المعايير ويفضح العجز الدولي عن تحقيق العدالة والإنصاف”.
تمييز مقصود
إلى جانب المكتب الإعلامي الحكومي، عمت حالة من الغضب الواسع بين أوساط الفلسطينيين بسبب التمييز المقصود من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في التعامل مع جثث الشهداء الفلسطينيين.
وغرد الكاتب والمحلل السياسي سعيد زياد عبر حسابه في موقع “إكس”: “يقوم الصليب الأحمر بتغطية التوابيت التي تحوي جثامين أسرى العدو بقماش أبيض نظيف، ويخصص لنقل كل واحد منها سيارة مستقلة، بينما يتم تحميل جثث شهدائنا مئات بعضها فوق بعض، محشورة في أكياس زرقاء، محمولة في شاحنات القمامة!”.
كما اتهمت الناشطة نور الشريف من خلال تغريدة عبر حسابها في موقع “إكس” الصليب الأحمر بأن لديه ازدواجية معايير، حيث سلم جثامين الشهداء الفلسطينيين بأكياس زرقاء وبدون كرامة، بينما جثث الإسرائيليين كانت لها معاملة أخرى.
الصحفي محمد العمور وصف عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بـ”الإنسانية الانتقائية” في تعاملها مع ملف الأسرى الفلسطينيين وجثثهم في قطاع غزة.
وكتب العمور في منشور عبر حسابه في موقع “فيسبوك”: “فالموت إذا كان في الإسرائيلي القادم من بولندا ذي العينين الخضراوين والشعر الأشقر فله هيبة يجب احترامها، أما إذا كان في 50 ألف عربي ومسلم من بينهم 18 ألف طفل فهو أمر عادي يحدث على جميع الكائنات، ويتم استلامهم في أكياس زرقاء محشورين في سيارة واحدة في أبشع صورة ومنظر، وفي انعدام تام لأيّ ذرّة احترام لهيبة الموت وكرامة الميت”.
موقف الصليب الأحمر
اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدورها أكدت أنها ستواصل أداء دورها المنوط بها من قبل أطراف الاتفاق، باعتباره واجباً إنسانياً أساسياً.
وقالت اللجنة في تصريح مكتوب وصل “الخليج أونلاين”: “موقفنا واضح في أن أي معاملة مهينة أثناء عمليات إطلاق السراح أمر غير مقبول على الإطلاق، وقد حثثنا مراراً علانية وبشكل خاص الجهات المسؤولة والتي لها سلطة على عمليات إطلاق السراح، وكذلك الذين يملكون تأثيراً عليها، على ضمان إجراء هذه العمليات في إطار من الخصوصية والاحترام والعناية، ويجب أن يكون هذا هو النهج المتبع في جميع عمليات إطلاق السراح المقبلة”.
لكن هذه ليست المرة التي يواجه فيها الصليب الأحمر هذه الاتهامات، ففي سبتمبر 2024 سلم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، جثامين 88 شهيداً دون أي بيانات لهم وهم في أكياس زرقاء داخل حاوية فوق بعضهم البعض دون أي احترام لكرامتهم الإنسانية.
وفي حينها، أوقفت “الصحة الفلسطينية” إجراءات استلام الشهداء لحين استكمال كامل البيانات والمعلومات حولهم، معتبرة أن ذلك أدنى حقوق هؤلاء الأشخاص وذويهم.
وطالبت الوزارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر حينها أيضاً بأ”وضع إجراءات واضحة تمكن الوزارة من استلام الجثامين، مع إحضار بيانات وتفاصيل هذه الجثامين، من حيث الأسماء والأعمار والمناطق التي أُخذ أصحابها منها” مشددة على ضرورة استلام جثث الشهداء حسب المعايير الإنسانية والدولية وبما يحفظ حقوق وكرامة أصحابها.