“حزب الله” وسيناريو بقاء “إسرائيل” جنوب لبنان.. خيارات محدودة
سارع “حزب الله” إلى إطلاق سلسلة من التهديدات العلنية التي تُعد الأولى منذ بدء الهدنة، محذراً من تداعيات استمرار وجود جيش الاحتلال في جنوب لبنان
بعد أسابيع من وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” و”حزب الله” اللبناني، وبدء العد التنازلي لتنفيذ أبرز بنود الاتفاق وهو انسحاب الجيش الإسرائيلي بعد مرور 60 يوماً على التوقيع، أظهرت تل أبيب عدم نيتها الالتزام بما تم الاتفاق عليه والبقاء في جنوب لبنان.
جاء الإعلان الإسرائيلي من خلال تصريح نقلته هيئة البث الإسرائيلية “كان 11″، أكدت أنه من غير المتوقع أن تنسحب “إسرائيل” من لبنان بعد مرور 60 يوماً، رغم الاتفاق بين الأطراف، موضحة أن “إسرائيل” ستقوم بنقل رسالة إلى الولايات المتحدة حول ذلك.
أرجعت تل أبيب السبب بعدم انسحابها إلى ما ادعت أنه عدم التزام الجيش اللبناني ببنود الاتفاق، وأن “حزب الله” يحاول إعادة تنظيم صفوفه في المنطقة.
على النقيض من تصريحات الهيئة الرسمية، نقل موقع “واللا” الإسرائيلي عن مصادر مطلعة، تأكيدها أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سينسحب من رأس الناقورة خلال الأيام المقبلة.
وحسب المصادر ستسيطر الولايات المتحدة على معبر رأس الناقورة الذي تعتبره “إسرائيل” استراتيجياً، وستتولى الإشراف على انتشار الجيش اللبناني هناك.
وتوصلت “إسرائيل” و”حزب الله”، في 27 نوفمبر الماضي، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بعد 14 شهراً من القتال الذي اندلع في 8 أكتوبر 2023، وهو موعد فتح الحزب لجبهة الإسناد لقطاع غزة.
ينص الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان على مراحل خلال 60 يوماً، مع انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني بالتنسيق مع قوات “اليونيفيل” الأممية، بالإضافة إلى تفكيك البنية التحتية العسكرية لـ”حزب الله”.
أمام التصريحات الإسرائيلية، سارع “حزب الله” إلى إطلاق سلسلة من التهديدات العلنية التي تُعد الأولى منذ بدء الهدنة، محذراً من تداعيات استمرار وجود جيش الاحتلال في جنوب لبنان بعد انتهاء المدة المحددة في الاتفاق.
تهديدات الحزب جاءت على لسان أمينه العام، نعيم قاسم، عبر تأكيده أن المقاومة مستمرة وقد استعادت عافيتها، “وهي قوية ورادعة ومؤثرة وتعطل أهداف العدو رغم التدمير الإسرائيلي الواسع والعدوان”.
وقال قاسم: “لا يوجد جدول زمني يوضح بالتفصيل عمل المقاومة، وصبرنا قد ينفد قبل مهلة الـ60 يوماً”، مضيفاً: “ستقرر القيادة متى وكيف سترد، وقرار القيادة بشأن توقيت رد حزب الله يرتبط بالانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار”.
الكاتب والمحلل السياسي، محمود حلمي، يوضح أن “إسرائيل” اخترقت الاتفاق مع لبنان أكثر من مرة عبر تنفيذ عمليات قصف جوي لأهداف مدنية وأخرى لـ”حزب الله” بعد أيام من التوقيع؛ “لتعطي رسائل للجميع أنها غير ملتزمة بما تم الاتفاق عليه”.
يرى حلمي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لن ينسحب من جنوب لبنان، “بل ذهب إلى التوغل إلى قرى وبلدات لبنانية كان أبرزها وصوله إلى وادي حجير على عمق 10 كيلومترات من الحدود، وهي مسافة لم يصلها الاحتلال منذ حربه مع الحزب خلال عام 2006”.
يوجد عدة سيناريوهات عسكرية لدى “حزب الله”، وفق حلمي، للتعامل مع إمكانية بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان وعدم التزامه بالاتفاق، الأبرز هو تصعيد العمليات ضد الآليات العسكرية، والعودة للمواجهة المباشرة.
من السيناريوهات المتوقعة، حسب حلمي، هي “عودة حزب الله إلى إطلاق الصواريخ تجاه البلدات الإسرائيلية القريبة من لبنان وليست في العمق الإسرائيلي لتجنب تصعيد جيش الاحتلال عدوان على لبنان مرة أخرى، وارتكاب مزيد من المجازر بحق المدنيين”.
كما يشير إلى أن “حزب الله” قد يلجأ أيضاً إلى تفعيل الدور الدبلوماسي للدولة اللبنانية من أجل تشكيل ضغط دبلوماسي ضد “إسرائيل” عبر اللجوء للمؤسسات الدولية، كمجلس الأمن، والأمم المتحدة، لمطالبة “إسرائيل” بالانسحاب من جنوب لبنان وتنفيذ بنود الاتفاق.
الصحافة الإسرائيلية ركزت خلال الأيام الماضية على أن الجيش سيبقى موجوداً في جنوب لبنان لأشهر أخرى قبل أن يتمكن من تنفيذ انسحابه الكامل، وذلك لعدة أسباب مهمة تؤثر على سير العملية.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية في تقرير لها، الأحد (5 يناير)، أبرزت الأسباب التي ستمنع جيش الاحتلال من الانسحاب من جنوب لبنان، ومن بينها أن “عملية تدمير قدرات حزب الله، خاصة تلك المرتبطة بالأنفاق ومواقع الصواريخ في جنوب لبنان، تتطلب وقتاً إضافياً”.
وتقول الصحيفة: “إحدى العقبات الأساسية الثانية هي أن الجيش اللبناني ليس مستعداً بشكل كافٍ لتولي المسؤولية في المناطق التي يتم انسحاب الجيش الإسرائيلي منها. على الرغم من نشر بعض الوحدات اللبنانية، فإنها تفتقر إلى الإمكانات البشرية والمادية اللازمة للقيام بالمهمة بكفاءة. هناك حاجة إلى وقت كي يتم تعزيز قدرات الجيش اللبناني، وهو ما يعوق انسحاباً فورياً من قبل إسرائيل”.
وتوضح أن جيش الاحتلال يعمل حالياً على بناء خط دفاع جديد على الحدود بين “إسرائيل” ولبنان، بهدف حماية المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المتاخمة للحدود.
ويتضمن الخط الدفاعي لدولة الاحتلال بناء مواقع عسكرية وتثبيت أنظمة دفاعية متطورة، وهو أمر يتطلب بعض الوقت قبل أن يتم الانتهاء منه بشكل كامل، حسب الصحيفة.