جولة السيسي الخليجية.. تنسيق سياسي واستثمار بتوقيت إقليمي حساس

– بدأ السيسي جولة خليجية تشمل قطر والكويت لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، خاصة في غزة
– أهمية جولة السيسي في الخليج في هذا التوقيت تكمن في تنسيق المواقف وتعزيز التعاون الاقتصادي وسط تطورات إقليمية متسارعة.
تحظى جولة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخليجية، بأهمية خاصة وسط تطورات متسارعة تشهدها المنطقة، وعلى رأسها تصاعد حرب الإبادة في قطاع غزة.
وتأتي هذه الزيارة والتي تشمل قطر والكويت في توقيت يحمل دلالات سياسية واقتصادية، في ظل تزايد التنسيق الإقليمي حول قضايا الأمن والاستثمار والتعاون المشترك.
وتتزامن الجولة مع استمرار جهود تهدئة إقليمية تقودها أطراف عربية، ومحاولات لبلورة موقف موحد تجاه التصعيد الإسرائيلي في غزة، إلى جانب ملفات أخرى ذات طابع استراتيجي تشمل أمن الطاقة والاستثمارات.
محطتان خليجيتان
واستهل السيسي جولته الخليجية في 13 أبريل الجاري، بزيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث استقبله أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مطار حمد الدولي، وذلك ضمن مساعي القاهرة لتعزيز علاقاتها الثنائية مع دول الخليج وتوسيع آفاق التعاون السياسي والاقتصادي.
وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، أن الرئيس السيسي سيعقد جلسة مباحثات مع أمير دولة قطر، تتناول سبل تطوير التعاون المشترك في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة التطورات الإقليمية، وعلى رأسها الوضع في قطاع غزة والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار هناك.
وأجرى الرئيس المصري لقاءً مع ممثلين عن مجتمع الأعمال القطري، حثهم من خلاله على زيادة استثماراتهم في مصر، مشيراً إلى توفر بيئة استثمارية واعدة مدعومة ببنية تحتية قوية وموقع استراتيجي وتكلفة تنافسية.
وأكد السيسي استعداد مصر لطرح 2 إلى 3 ملايين فدان للاستصلاح الزراعي، والانفتاح على شراكات مع القطاع الخاص، بما يشمل المستثمرين القطريين.
ودعا إلى الاستثمار في قطاعات اللوجستيات وصناعة السيارات، خاصة الكهربائية، مشدداً على أهمية التكامل الاقتصادي العربي في مواجهة التحديات العالمية.
وتأتي هذه الزيارة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية التي شهدت نمواً ملحوظاً منذ عام 2021، حيث كانت هناك زيارات متبادلة بين القادة في الأعوام الأخيرة، تم خلالها توقيع عدة مذكرات تفاهم في مجالات الموانئ والشئون الاجتماعية، فضلاً عن التعاون بين صندوق مصر السيادي وجهاز قطر للاستثمار.
واليوم الاثنين سيتوجه الرئيس إلى دولة الكويت، حيث يلتقي بأمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين الكويتيين، من بينهم ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ فهد يوسف سعود الصباح.
وأوضح الشناوي أن هذه اللقاءات تهدف إلى دعم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ومتابعة الملفات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة، في سياق يعكس تقارباً سياسياً متزايداً بين القاهرة والعواصم الخليجية.
من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، السفير محمد حجازي، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى قطر والكويت تأتي في توقيت بالغ الأهمية، في ظل دخول جهود الوساطة الإقليمية المتعلقة بغزة مرحلة دقيقة.
وأوضح في مداخلة تلفزيونية في 13 أبريل الجاري، أن اللقاءات الخليجية تحمل أبعاداً استراتيجية، خاصة مع الحديث عن تحركات دبلوماسية أمريكية مرتقبة في المنطقة، ما يفرض ضرورة تنسيق المواقف بين القاهرة والعواصم الخليجية، خصوصاً الدوحة.
دلالات التوقيت
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة “سكاريا” التركية، محمد سليمان الزواوي، أن العلاقات المصرية القطرية شهدت زخماً كبيراً منذ عودتها إلى طبيعتها عام 2021، حيث أصبحت قطر شريكاً رئيسياً لمصر في مفاوضات إنهاء الحرب على غزة.
ويوضح في حديثه مع “الخليج أونلاين” أن زيارة الرئيس المصري إلى الدوحة تأتي في توقيت مهم، ومن المتوقع أن تشهد تنسيقاً بين الجانبين لتعزيز الضغط على الاحتلال الصهيوني لوقف انتهاكاتها بحق الفلسطينيين.
ويشير الزواوي إلى تطور العلاقات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات القطرية في مصر، التي تعد سوقاً واعدة في الطاقة المتجددة.
كما أن الشراكة المصرية الأوروبية في تصدير الكهرباء تعزز مكانة مصر في سوق الطاقة العالمي، ما يجذب الاستثمارات العربية، كما يرى الزواوي.
وحول العلاقات المصرية الكويتية، يؤكد الزواوي على استمراريتها وثبات السياسة الخارجية الكويتية تجاه القضايا العربية، مما يعزز التواصل الدبلوماسي وتطابق وجهات النظر.
ويتوقع أستاذ العلوم السياسية زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر، خاصة في مجالات البنية التحتية والسياحة والطاقة وغيرها من القطاعات الواعدة.
شراكات اقتصادية
وتُعد العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول الخليج، ركيزة أساسية في السياسة الخارجية المصرية، لما تحمله من أبعاد استثمارية وتجارية واستراتيجية.
وكشف تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري عن نمو ملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين مصر وقطر خلال عام 2024.
وارتفعت قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى 128.4 مليون دولار، مقابل 72.1 مليون دولار في عام 2023، بدعم من زيادة الصادرات المصرية التي بلغت 93.4 مليون دولار.
وسجلت الاستثمارات القطرية في مصر ارتفاعاً إلى 618.5 مليون دولار في العام المالي 2023/2024، مقابل 548.2 مليون دولار في العام السابق، بينما بلغت استثمارات مصر في قطر 171.5 مليون دولار، مقارنة بـ 86.8 مليون دولار.
وتعمل حالياً في السوق القطرية 110 شركة مصرية، في حين تنشط 261 شركة قطرية في السوق المصرية، بإجمالي استثمارات تصل إلى 2.2 مليار دولار، وتتوزع هذه الاستثمارات على عدة قطاعات، منها 249 مليون دولار في قطاع السياحة، و208 ملايين دولار في قطاع الإنشاءات، و36 مليون دولار في القطاع الصناعي.
فيما تقدر الاستثمارات القطرية المباشرة في مصر خلال الثلاث سنوات الماضية حوالي 1.3 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
بالإضافة إلى ذلك، توجد حوالي 6000 شركة مشتركة بين الجانبين القطري والمصري، كما أعلنت قطر مؤخراً عن عزمها ضخ استثمارات جديدة في مصر بقيمة 5 مليارات دولار.
من جانبها، تعمل الكويت على زيادة استثماراتها في مصر بنحو 20% خلال 2025 لتصل إلى 5.3 مليار دولار في عدة قطاعات، وفق صحيفة اقتصاد الشرق مع بلومبرغ.
ويبلغ عدد المشروعات الاستثمارية المشتركة بين البلدين نحو 1431 مشروعاً، وتأتي الكويت في المركز الخامس بقائمة أهم الدول المستثمرة في مصر والثالثة عربياً بعد الإمارات والسعودية.
وتقدر الاستثمارات الكويتية في القاهرة خلال الثلاث سنوات الماضية بنحو 1.2 مليار دولار، في حين بلغ التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي بنحو 507 مليون دولار.