تكيات الطعام وسقيا الماء.. طوق نجاة الغزيين في مواجهة الجوع
تعد التكية الخيار الأخيرللفلسطينيين في غزة من أجل توفير الطعام خاصة أن الأسواق خالية من البضائع والمنتجات الغذائية
يقف أستاذ الصحافة في إحدى جامعات قطاع غزة، محمد منصور، منذ ساعات الصباح في كل يوم بطابور طويل أمام إحدى التكيات الموجودة في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة للحصول على طبق واحد من العدس والعودة به لعائلته النازحة.
واضطر منصور الاصطفاف يومياً أمام التكية الخيرية المدعومة من إحدى الجمعيات الخيرية التي تحصل على تمويل من تبرعات مواطنين من سلطنة عُمان، لعدم توفر أي نوع من الطعام في خيمة نزوحه، ونفاد دقيق القمح أيضا لديهم منذ قرابة 40 يوماً.
وتعد التكية الخيار الأخير لمنصور وعائلته من أجل توفير الطعام لهم، خاصة أن الأسواق خالية من البضائع والمنتجات الغذائية، وفي حالة توفرت تكون أسعارها غالية جداً لا يستطيع إلا الأثرياء فقط شرائها.
ويقول منصور في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “لدي عائلة مكونة من خمس أشخاص مع أمهم، ومع اشتداد المجاعة وعدم توفر البضائع في الأسواق خاصة الطحين، لجأت إلى التكيات الخيرية من أجل اطعام أطفالي وزوجتي”.
ويوضح أن غالبية النازحين في منطقتهم يعتمدون على التكيات الخيرية بشكل يومي لإطعام أفراد أسرهم.
إلى جانب منصور، يصطف أيضا المحامي عبد الله خضر أمام أحد التكيات في منطقة نزوحه في خان يونس بانتظار العودة بطبق من العدس لأطفاله الجوعى.
ويقول خضر في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “في الأيام الأولى كنت أقف على طابور التكية على استيحاء لأني محام ولكن في هذه الحرب والمجاعة اختلفت كل المعايير وأصبح همنا هو إيجاد أي شيء لإطعام أطفالي والعودة لهم ولو بطبق العدس”.
ونفد الطحين وكل أشكال الغذاء من خيمة خضر في منطقة المواصي، وأصبح الاصطفاف أمام التكيات الخيرية هو المكان الوحيد الذي يوفر الطعام له، كما يقول.
تكيات بدعم عُماني
مدير المشاريع في مؤسسة “وفاء المحسنين” الأهلية، حامد الأسطل أكد أن لديهم تكيات خيرية في مناطق مختلفة في قطاع غزة، قدمت آلاف الوجبات الساخنة إلى النازحين والسكان بتمويل شعبي عُماني.
ويقول الأسطل في حديثه لـ”الخليج أولاين”: “التكيات هي الملاذ الأول والأخير للنازحين في قطاع غزة في ظل المجاعة الموجودة”.
يبين أن جمعيتهم تعمل حالياً على افتتاح تكيات جديدة في مناطق مختلفة في قطاع غزة لتوفير الغذاء للناس بتمويل عماني.
مجاعة وحصار
ويواصل جيش الاحتلال إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري المخصص لإدخال البضائع، ما تسبب في شح توفر المواد الغذائية، باستثناء ما تقدمه المساعدات الإغاثية الشحيحة الواصلة للقطاع.
وبحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، فإن ما يصل إلى القطاع من مساعدات إغاثية لا يلبي 7-8 ٪ من احتياجات السكان.
وبسبب النقص الحاد في مادة الدقيق تعمل 3 مخابز من أصل 8 مدعومة من الأمم المتحدة في جنوب القطاع بطاقة منخفضة منذ أسابيع، وهي مهددة بالإغلاق خلال بضعة أيام بسبب نفاد الوقود والدقيق جراء القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات الإنسانية وجرائم السطو والسرقة من عصابات اللصوص.
ووفقا للأونروا، فإن “تأخر وصول الوقود والدقيق يؤدي إلى تفاقم الأزمة، ويترك عددا لا يحصى من الناس من دون الحصول على خبز”.
كذلك، حذر تقرير دولي من استمرار المخاطر العالية لحدوث مجاعة بأنحاء غزة في ظل استمرار الصراع والقيود المفروضة على الوصول الإنساني.
وأوضح أن نحو 96% من سكان غزة (2.1 مليون شخص) يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وبين تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، الذي يشارك في إعداده عدد من الوكالات الإنسانية، أن كل قطاع غزة يُصنف بأنه في حالة طوارئ وهي المرحلة الرابعة من التصنيف التي تسبق المجاعة (المرحلة الخامسة).
وأفاد التقرير بأن أكثر من 495 ألف شخص (22% من السكان) يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في المرحلة الخامسة، التي تواجه فيها الأسر نقصا شديدا للغذاء والتضور جوعا واستنفاد القدرة على المواجهة.
سقيا الماء
يحيى أبو الوليد صاحب مؤسسة “سناب غزة” الخيرية، يؤكد أن الناس في غزة بحاجة ماسة جداً وكبيرة والتكيات وسقيا الماء هي السبيل الواحد للبقاء.
ويقول أبو الوليد في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “جيش الاحتلال تعمد تدمير جزء كبير جداً من محطات التحلية التي كانت تخدم الناس في مختلف مناطق غزة”.
ويوضح أن الناس أصبحوا بحاجة ماسة إلى الطعام والماء بسبب الفقر الشديد وظروف التشرد التي يعيشون فيها.
ويلفت إلى أن العديد من المنظمات الخيرية تقوم بتوفير شاحنات ماء للنازحين، إلا أنه يقول إن “هذه المهمة صعبة للغاية بسبب تدمير الاحتلال لعدد كبير من الشاحنات المخصصة لنقل المياه إضافة لعدم توفر الوقود بشكل دائم وارتفاع أسعاره بشكل هائل”.
ويبين أن سعر الألف لتر من المياه ارتفع من 20 شيكل (5 دولارات) إلى 200 شيكل (نحو 60 دولار).