تصعيد المجازر في غزة.. خطة نتنياهو لإجهاض مفاوضات الدوحة

قطر اتهمت “إسرائيل” بعرقلة الجهود الدبلوماسية للوصول إلى تسوية في قطاع غزة من خلال مضاعفة القصف على المدنيين.
مع انتهاء تسليم كتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الجندي الأمريكي الإسرائيلي، عيدان إلكسندر، للصليب والأحمر، ووصوله إلى الأراضي المحتلة، صعد جيش الاحتلال من مجازره ضد المدنيين في قطاع غزة، ووسع عمليات القصف لتصل المستشفيات والطرقات، ومدارس النازحين.
تزامن هذا التصعيدمع الحراك الدبلوماسي القوي الذي تقوده قطر ومصر والولايات المتحدة للعودة لاتفاق وقف إطلاق النار، خاصة مع زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورغبته في إنهاء الحرب.
لكن يعرقل هذا التصعيد والمجازر التي تنفذ بأوامر من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جهود الوساطة، وتعكس عدم وجود نية حقيقية لديه للموافقة على وقف إطلاق النار، بل قرار بتقويض جهود الوسطاء.
استياء قطري
قطر إحدى أبرز الوسطاء لإنهاء الحرب، اتهمت على لسان رئيس وزرائها ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، “إسرائيل” بالرد على الجهود الدبلوماسية للوصول إلى تسوية في قطاع غزة بمزيد من الغارات الدامية، ما يضعف فرص التوصل إلى هدنة مستدامة.
وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن خلال مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، (الخميس 15 مايو الجاري)، أن الغارات الإسرائيلية المكثفة خلال الأسبوع الجاري تظهر عدم جدية تل أبيب في التفاعل مع الجهود الساعية لإحراز تقدم في محادثات التهدئة.
وفي إشارة إيجابية وصف رئيس وزراء قطر إطلاق سراح المواطن الأمريكي عيدان ألكسندر بأنه “يمثل اختراقاً يمكن أن يعيد التفاوض إلى مساره الصحيح”، لكنه عبر عن أسفه لأن “إسرائيل” قابلت هذا التقدم بـ”قصف جماعي” تزامن مع وصول وفد التفاوض إلى الدوحة.
كما شدد في حديثه على أن جوهر الصراع في المنطقة يعود إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ فلسطينية وسورية، مؤكداً أن التصريحات الإسرائيلية بشأن إمكانية التفاوض دون وقف الحرب “تعكس بوضوح غياب الرغبة الحقيقية في الوصول إلى تسوية”.
وأضاف: “عبرنا للإسرائيليين عن قلقنا وأبلغناهم بالحاجة للدخول بتفاوض هادف”، معرباً عن أمله في حدوث تقدم، لكنه قال: “لست متأكداً من حدوثه قريباً مع السلوك الإسرائيلي”.
كذلك، أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن الاحتلال الإسرائيلي يقابل جهود الوسطاء لإعادة المسار التفاوضي بالتصعيد العسكري ضد المدنيين، في محاولة لفرض شروطه بالقوة.
وأضافت الحركة في بيان وصل “الخليج أونلاين” نسخة منه، (الخميس 15 مايو)، أن حكومة الاحتلال تصر على التفاوض دون وقف العدوان، وترسل رسائل واضحة بعدم الاكتراث بمساعي الوسطاء، “ما يكشف العقلية الإجرامية التي تدير هذا الكيان، والتي ترى في التهدئة مجرد وسيلة لشراء الوقت”.
كما شددت “حماس” على أن الهدف من المفاوضات هو وقف العدوان بشكل كامل، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى، مؤكدة أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو “يريد حربًا بلا نهاية، ولا يكترث لحياة أسراه أو إعادتهم لعائلاتهم”.
وقالت “إن نتنياهو يشكل خطراً ليس فقط على الشعب الفلسطيني، بل على المنطقة والعالم بأسره”.
كما اتهمت صحيفة “هآرتس” العبرية، نتنياهو بأنه يعرقل وقف إطلاق النار ويعرض الأسرى الإسرائيليين للخطر، مشيرة إلى أن الضغط العسكري يُدمر ما تبقى من القطاع ويعرض حياة الأسرى للخطر.
عرقلة للمفاوضات
وتركز التصعيد الإسرائيلي، ضد المستشفيات والمدنيين، حيث قصف الاحتلال مستشفى غزة الأوروبي بأحزمة نارية، ما أدى لاستشهاد 46 شهيدًا وإصابة آخرين، مع رفض جيش الاحتلال الوصول لمناطق أخرى بجوار المستشفى.
وحسب آخر إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية، فوصل مستشفيات قطاع غزة 82 شهيد (77 شهيد جديد، 5 شهيد انتشال)، و152 إصابة خلال 24 ساعة الماضية وحدها.
وتتواصل في الدوحة، المفاوضات بشأن وقف الحرب المستمرة على قطاع غزة بالتزامن مع زيارة ترامب إلى قطر.
ويشارك في المفاوضات، وفد إسرائيلي بعد ضغوط مارسها الرئيس الأمريكي عبر مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف فيتكوف، الذي اجتمع مع نتنياهو يوم الإثنين 12 مايو الجاري.
الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عصمت منصور، يؤكد أن التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد قطاع غزة، هدفه تضييق الفرص من قبل نتنياهو حول الوصول لاتفاق، وجعل المفاوضات أصعب، خاصة في ظل زيارة ترامب للمنطقة واهتمامه في غزة.
ويقول منصور في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “يسعى نتنياهو من خلال هذا التصعيد لردم هذه الفرصة ووضع التراب عليها، من خلال زيادة القتل، والاغتيالات، وهو سلوك اعتدنا عليها خلال فترة الحرب”.
كما يوضح أن “توقيت هذا التصعيد يأتي في ظل زيارة ترامب للمنطقة، وإرسال نتنياهو وفد إلى قطر دون إعطائه صلاحيات، ومنع أي كلامه عنه، رغم وجود مرونة من قبل حركة حماس”.
ويشير إلى أن “نتنياهو يعمل على إجهاض هذه المحاولات الدبلوماسية قبل أن تنضج، والذهاب أكثر نحو تصعيد أوسع، وتنفيذ الخطط التي أقرها”.
كمل يعتقد الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن “نتنياهو سينجح في تحقيق أهدافه من التصعيد الأخير، خاصة في ظل عدم وجود أي انتقاد أمريكي لهذا السلوك، أو ردع واضح ضد التصعيد الأخير وتوسيع الحرب”.