تصدر لأكثر من 20 دولة.. ما أهمية انتعاش الثروة السمكية بالسعودية؟
– حجم الصادرات السعودية من الأسماك البحرية بلغ حوالي 59.84 ألف طن
– نسبة الاكتفاء الذاتي من الاستزراع السمكي بالمملكة بلغت 58%
حققت المملكة العربية السعودية قفزة نوعية في مجال الإنتاج السمكي، خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع الإنتاج المحلي إلى مستويات غير مسبوقة.
وتستثمر الحكومة السعودية بشكل كبير في مشاريع تربية الأسماك والصيد المستدام، ونتيجة لهذه الاستثمارات، أصبحت المملكة واحدة من أبرز الدول المصدرة للأسماك، والتي وصلت منتجاتها البحرية إلى أكثر من 20 دولة، من بينها دول أوروبية وآسيوية وعربية.
جهود كبيرة
جهود المملكة في تنمية وتطوير قطاع الثروة السمكية أدت إلى انتعاش السوق بشكل ملحوظ، وذلك من خلال تنفيذ العديد من السياسات والخطط التي تهدف إلى تعزيز قدرات المملكة في إنتاج الأسماك والمنتجات البحرية.
يبرز هذا النجاح كجزء من رؤية السعودية 2030، التي تركز على التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط، ويلعب قطاع الثروة السمكية دورًا محوريًا في تحقيق هذه الأهداف عبر توفير فرص عمل، تعزيز الأمن الغذائي، ورفع مستوى الصادرات.
من جانبه، أوضح المهندس رياض بن حسين الفقيه، المدير العام للمركز الوطني للثروة السمكية، أهمية المركز في دعم الاقتصاد المحلي وتعزيز الأمن الغذائي العالمي من خلال تصدير المنتجات السمكية.
وقد بلغت كمية الصادرات حوالي 59.84 ألف طن، بقيمة إجمالية تقدر بنحو293 مليون دولار، بينما تُصدر هذه المنتجات إلى أكثر من 20 دولة، من أبرزها الصين، كوريا الجنوبية، روسيا، أستراليا، واليابان.
وأوضح الفقيه أن المركز قد أصدر أكثر من 776 شهادة صحية بيطرية للمنتجات السمكية المصدرة دولياً حتى نهاية الربع الثالث من عام 2024.
وبيّن أن هذه الشهادات تهدف إلى ضمان خلو المنتجات السمكية من مسببات الأمراض والتحقق من صلاحيتها للاستهلاك البشري، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تشكل جزءاً أساسياً من عملية تصدير المنتجات السمكية.
كما أشار إلى أن العينات المأخوذة من الشركات المصدرة تخضع لفحوصات مخبرية دقيقة للكشف عن مسببات الأمراض المدرجة ضمن قائمة المنظمة العالمية لصحة الحيوان، وذلك للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمعايير.
وأضاف الفقيه أن مختبر المركز يتمتع بمستوى عالٍ من الكفاءة، بحيث يوازي المختبرات المرجعية الدولية في قدرته على تشخيص الأمراض السمكية، مؤكداً أن نسبة الاكتفاء الذاتي من صناعة الاستزراع السمكي في المملكة قد بلغت 58%، مما يعزز دورها كمصدر أساسي لتحقيق الأمن الغذائي.
ثروة مهمة
ويقول الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، إن النمو المتواصل في الثروة السمكية بالسعودية ليس وليد هذه السنة، بل أن جهودها في هذا المجال بدأ منذ أكثر من 35 عاماً.
ويشير في حديثه مع “الخليج أونلاين” إلى أن المملكة متواصلة في دعم هذا القطاع وازدهاره، لتحقيق الهدف المرسوم في رؤية 2030، والوصول إلى إنتاج 530 ألف طن سنوي.
ويضيف العبسي أن السعودية اعتمدت على خطط ومشاريع وإرادة حقيقية لتنمية هذا القطاع الحيوي، وذلك من خلال البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة السمكية والحيوانية، بهدف تحقيق التنمية المتواصلة والمستدامة في الثروة السمكية.
ويلفت إلى وجود المئات من مشاريع الاستزراع السمكي في المملكة، والتي تعمل على تكاثر فصائل الأسماك الاكثر طلباً في السوق، فضلاً عن مساهمه جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وريادتها ومساهمتها في جانب الاستزراع السمكي، والذي له أثر أكبر في تنمية هذه الثروة.
ويعتقد الخبير الاقتصادي أن كل هذه الجهود في الاستزراع السمكي حققت وستحقق للسعودية العديد من المنافع الاقتصادية وغير الاقتصادية، مثل تنمية واستدامة هذه الثروة، ودعم قطاع الاستزراع المائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وزياده حجم التصدير لهذا القطاع.
ويؤكد العبسي بأن نمو قطاع الأسماك سيخلق فرص عمل جديدة والاستفاده القصوى من هذه الثروة القليلة التكلفة، إضافة إلى زياده الناتج المحلي وزياده واردات الدولة مما تصدره من هذه الثروة إلى دول الخارج.
نمو ملحوظ
شهدت السعودية خلال عام 2023، نمواً ملحوظاً في إنتاج الثروة السمكية، ليصل حجم الإنتاج إلى 214.6 ألف طن، مقارنة بـ119 ألف طن في عام 2022، ما يمثل زيادة قدرها 80%، فيما تهدف وزارة البيئة والمياه والزراعة إلى رفع الإنتاج إلى 230 ألف طن في عام 2024.
وصرح المدير العام للإدارة العامة لمصايد الأسماك، المهندس حسين الناظري، أن الوزارة تسعى إلى تطوير 16 مرفأ صيد بمناطق المملكة الساحلية، بهدف زيادة الإنتاج وتعزيز الأمن الغذائي الوطني.
كما تعمل الوزارة على تحسين جودة المنتجات السمكية ورفع عدد الصيادين السعوديين، إضافة إلى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة عبر تشجيع الاستثمار في المشاريع البحرية بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار الناظري إلى أن الوزارة تدعم العديد من الأبحاث والدراسات التطويرية لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الصناعات التحويلية السمكية، مستغلة الميزات الطبيعية لتحقيق استدامة في الإنتاج، تماشياً مع رؤية السعودية 2030.
وأكد أن الأسماك المستزرعة محلياً تتفوق على نظيراتها المستوردة من حيث القيمة الغذائية وسلامتها الصحية، وذلك بسبب جودة عمليات التداول وقصر سلسلة الإمداد.
وأضاف أن نسبة الاكتفاء الذاتي من الثروة السمكية في المملكة تبلغ نحو 53%، وتسعى الوزارة لرفع هذه النسبة عبر تحسين جودة الاستزراع السمكي، واستزراع أصناف جديدة تفضلها السوق المحلية، مع الحرص على استدامة سلاسل الإمداد البحرية.
أوضح الناظري أن الوزارة تبذل جهوداً كبيرة لمواجهة التحديات التي تواجه قطاع الثروة السمكية، وذلك عبر تقديم حلول مدروسة وتحسين الممارسات وتسهيل الإجراءات، بجانب بناء التشريعات والأنظمة التي تدعم تطوير الصناعة بالتعاون مع الشركات الكبرى والصغرى.
كما تسهم هذه الخطوات -بحسب الناظري- في تعزيز الصادرات، مؤكداً أن البرنامج الوطني لتطوير قطاع الثروة الحيوانية والسمكية قد وقّع العديد من الاتفاقيات مع جهات وشركات محلية ودولية، مما يساعد على تطوير البنية التحتية واستدامة نمو القطاع السمكي في المملكة.