تراجع الأسواق.. زلزال مالي يهدد العالم بشبح “الاثنين الأسود”

يرى محللون أن ما تشهده الأسواق ما يزال ضمن إطار “تصحيح عنيف”، لكن احتمالات تحوّله إلى هبوط شامل تبقى مرهونة بمسار التصعيد التجاري في الأيام المقبلة.
أثار التراجع الحاد للأسهم في الأسواق العالمية يوم الاثنين 7 أبريل الجاري، على إثر الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مخاوف جدية من دخول الاقتصاد العالمي مرحلة ركود جديدة؛ مذكرة بيوم “الاثنين الأسود” الذي ضرب أسواق العالم في أكتوبر 1987.
عند النظر إلى النتائج؛ يمكن تشبيه ما جرى يوم الاثنين بـ”الزلزال” الذي ضرب الأسواق العالمية والآسيوية والخليجية، وأجبرها على تسجيل تراجعات حادة.
ففي الخليج سجل مؤشر الأسواق هبوطاً بنسبة 10%، وتراجع كل من سوق دبي المالي 5.6%، وسوق أبوظبي للأوراق المالية بنسبة 4%، والسوق السعودي (تاسي) 2.2%، والسوق الكويتي 1.9%، ومؤشر بورصة قطر 1.4%، وبورصتا مسقط والبحرين 0.04% لكل منهما.
أما في الأسواق الآسيوية فقد انخفض مؤشر آسيا والمحيط الهادئ، بنسبة 7.9% (أكبر انخفاض منذ أكتوبر 2008)، وهبط مؤشر هانغ سنغ – هونغ كونغ بنسبة 10.7% (أسوأ أداء منذ الأزمة المالية العالمية 2007 – 2008).
وانخفض مؤشر الصين بنسبة 5.8%، وتراجع مؤشر توبكس – اليابان بنسبة 6.5%، وتراجع مؤشر نيكي 225 – اليابان بنسبة 6.3%، وانخفض مؤشر كوسبي – كوريا الجنوبية بأكثر من 4%.
على صعيد الأسواق العالمية فقد سجل مؤشر ستوكس 600 – أوروبا، تراجعاً بنسبة 6%، وانخفض مؤشر داكس – ألمانيا بأكثر من 9.5%، وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز/ASX 200 – أستراليا بأكثر من 4%، وتراجع مؤشر ناسداك 100 – أمريكا بنسبة 3.4%.
كذلك، تراجعت أسعار النفط عند الفتح في التعاملات الآسيوية، وانخفض الدولار 1% مقابل الين الياباني إلى 145.15 ين.
الاثنين الأسود
ما جرى خلال يوم الاثنين يعيد التذكير بيوم مشابه هو “الاثنين الأسود” قبل نحو أربعة عقود، الذي شهد ما يلي:
-
انهيار مفاجئ للأسواق العالمية يوم الاثنين 19 أكتوبر 1987.
-
تضررت 23 سوقاً عالمياً بشدة.
-
تعرضت 8 أسواق لخسائر بين 20-30%.
-
تعرضت 3 أسواق لخسائر بين 30-40%.
-
منيت 3 أسواق بخسائر تفوق 40%.
-
هبط مؤشر “داو جونز” الأمريكي 508 نقطة (23%) في يوم واحد.
-
هبط ناسداك 11%.
-
هبط الأسواق الأوروبية والآسيوية بنسبة بين 25% إلى 50% خلال الأيام التالية.
خلفيات الانهيار
-
إلغاء تخفيضات ضريبية على صفقات الدمج والشراء بالرافعة المالية.
-
إعلان عجز كبير في الميزان التجاري الأمريكي.
-
مخاوف من رفع أسعار الفائدة وزيادة تكلفة الاقتراض.
-
هروب جماعي من السوق وبيع كثيف.
ما الذي يجري اليوم؟
تعكس الخسائر الجماعية التي سجلتها البورصات من آسيا إلى أوروبا وأمريكا، حالة القلق المتزايد في الأوساط المالية.
جاء ذلك على خلفية فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حزمة جديدة من الرسوم الجمركية استهدفت واردات من الصين ودول حليفة، وردت بكين بفرض رسوم مضادة بنسبة 34%.
وتخشى الأسواق من انزلاق النزاع إلى حرب تجارية عالمية تقوّض النمو وترفع منسوب التضخم.
وتشير التوقعات إلى أن الأسبوع الجديد قد يكون استمراراً لموجة بيع حادة بدأت يومي الخميس والجمعة، حين تكبدت الأسهم الأمريكية خسائر بمليارات الدولارات، وسط غياب مؤشرات على نية البيت الأبيض تخفيف حدّة إجراءاته.
وقال وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك الأحد إن الرسوم “لن تُلغى أو تُؤجل”، مؤكداً أن واشنطن “متمسكة بموقفها”.
تعليق لوتنيك زاد من ضبابية المشهد، خاصةً مع تصريح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي حذّر من أن السياسات الحمائية قد ترفع التضخم وتقلّص النمو، مشيراً إلى أن البنك المركزي لن يُجري أي خفض للفائدة “حتى تتضح الرؤية بالكامل”.
وقد أغلق مؤشر “الخوف” في وول ستريت (VIX) عند مستوى 45 يوم الجمعة (4 أبريل)، وهو أحد أعلى مستوياته منذ أزمات سابقة، ما يعكس حجم القلق في الأسواق.
وتزايدت التقديرات بأن صناديق التحوط قد تُضطر لتسييل أصولها عالية المخاطر لتلبية نداءات الهامش.
وسط هذه الأجواء، بدت الأسواق متروكة لمصيرها، في ظل غياب خطوات تهدئة من واشنطن.
في المقابل، تشير تسريبات إلى أن الاتحاد الأوروبي وكندا يدرسان الرد على الرسوم الأمريكية بإجراءات انتقامية تصل إلى 28 مليار دولار، ما قد يحوّل الأزمة من خلاف تجاري إلى صراع اقتصادي واسع النطاق.
آراء وتعليقات
يرى محللون أن ما تشهده الأسواق ما يزال ضمن إطار “تصحيح عنيف”، لكن احتمالات تحوّله إلى هبوط شامل تبقى مرهونة بمسار التصعيد التجاري في الأيام المقبلة.
ومع اقتراب موعد دخول الرسوم المتبادلة حيّز التنفيذ في 9 أبريل، تتصاعد التساؤلات حول قدرة الأسواق على امتصاص صدمة محتملة جديدة، وسط حالة من الترقب والحذر لمآلات الأيام القليلة المقبلة.
- إيبك أوزكارديسكايا، كبيرة المحللين في بنك سويسكوت: أينما نظرنا هذا الصباح (الاثنين 7 أبريل 2025)، نجد أنفسنا أمام حمام دم. مؤشر ستاندرد آند بورز 500 هبط بنحو 4% والأسبوع لم يبدأ بعد.
- محلل “إس بي آي” ستيفن إينيس: الأمر لم يعد مجرد نزاع تجاري، بل إعادة صياغة شاملة للنظام الاقتصادي العالمي الذي تُفكّك قواعده حالياً.
- الرئيس الأسبق لاتحاد مصارف الكويت عبد المجيد الشطي: تراجع أسواق الأسهم طبيعية، والأسواق ستتعافى مع مرور الوقت، والتوصل إلى حلول في النزاع التجاري الحاصل الآن سيسرع من تهدئة المخاوف، بعكس توسع الخلاف.
- الخبير الاقتصادي جاسم السعدون: ما يحدث في أسواق العالم بسبب التخوف من أن تحدث أزمة اقتصادية عالمية تماثل تلك التي حدثت في الثمانينات.
– تراجعات الأسواق ردة فعل متوقعة نتيجة زيادة حالة عدم اليقين واحتمالات حصول ركود اقتصادي عالمي مصاحب بالتضخم.
– يجب الانتظار حتى نرى النتائج الحقيقية للحرب التجارية التي يشنها أكبر اقتصاد في العالم، وتأثيرها الحقيقي والمعنوي على الاقتصادات والأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.