الاخبار

تداول الكربون.. السعودية تمهد الطريق لاقتصاد أخضر عالمي

الكاتب المتخصص بقضايا البيئة والتغير المناخي زاهر هاشم:

منصة تداول أرصدة الكربون الطوعي السعودية، من شأنها تعويض الأضرار المناخية الناتجة عن الانبعاثات الغازية التي لا يمكن تقليلها أو احتجازها، أو لدى الدول النامية في الجنوب العالمي التي لا تمتلك التقنيات والتمويل الكافي لوقف الانبعاثات أو الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.

نجحت السعودية بتسجيل قفزة نوعية في سوق الكربون الطوعي؛ ما يبرز التزام المملكة بمواجهة تحديات التغير المناخي وتعزيز التنمية المستدامة. 

ومن المتوقع أن تستمر السعودية في تحقيق المزيد من الإنجازات في هذا المجال، مستفيدة من تقنياتها المتقدمة وشراكاتها العالمية لتحقيق أهدافها الطموحة في الحد من الانبعاثات الكربونية.

سوق الكربون الطوعي هو سوق يجري فيه تبادل أرصدة الكربون التي يتم شراؤها وبيعها طوعاً من قبل الشركات أو الأفراد للمساهمة في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.

هذه الأرصدة تمثل كمية الكربون التي تم امتصاصها أو تجنب انبعاثها في مشاريع بيئية مثل زراعة الأشجار، الطاقة المتجددة، أو تحسين تقنيات الزراعة.

الفكرة الأساسية وراء السوق الطوعي هي أن الشركات أو الأفراد الذين يساهمون في انبعاثات الكربون يمكنهم “تعويض” هذه الانبعاثات عن طريق تمويل مشاريع بيئية تقلل من الكربون في الجو، وبالتالي يتمكنون من تحقيق أهداف بيئية أو تلبية معايير الاستدامة.

ويشهد سوق الكربون العالمي تطوراً سريعاً ويتبين ذلك من خلال الآتي:

  • إزالة نحو 200 مليون طن من الانبعاثات الكربونية في أنحاء العالم خلال عام 2023.

  • تفيد التوقعات أن تبلغ قيمة تجارة السوق في عام 2030 نحو 100 مليار دولار، و 250 مليار دولار بحلول 2050.

  • في 2023 بلغت إيرادات تسعير الكربون 104 مليارات دولار.

  • في أكتوبر 2022، باع “سوق الكربون الطوعي” في مزاد نحو 1.4 مليون طن متري من أرصدة الكربون.

  • بلغ حجم المزاد الثاني في يونيو 2023، نحو 2.2 مليون طن من الأرصدة الكربونية.

إنجازات سعودية

أسواق الكربون في السعودية تشهد نمواً غير مسبوق يمكن للرياض أن تكون البائع والشاري لأرصدة الكربون في الوقت نفسه، ويمكن التعرف على ما حققته المملكة في هذا الصدد من خلال:

  • إنشاء شركة “سوق الكربون الطوعية الإقليمية” في عام 2022، لتكون منصّة لتمكين التبادل الطوعي لأرصدة الكربون.

  • في أول مزاد لـ”سوق الكربون الطوعية الإقليمية” في أكتوبر 2022، بيعت أرصدة تعادل 1.4 مليون طن من الكربون.

  • في المزاد الطوعي الثاني في يونيو 2023، بيع أكثر من 2.2 مليون طن متري من الكربون.

  • بلغ سعر التصفية 6.27 دولاراً للطن المتري من أرصدة الكربون.

  • في أكتوبر 2023 جرى تشغيل آلية السوق المحلّية لتعويض وموازنة غازات الاحتباس الحراري.

أرصدة الكربون الطوعي

من خلال شركة “سوق الكربون الطوعي الإقليمية” السعودية، تسعى الرياض إلى زيادة حصتها من تجارة الكربون إلى نحو 100 مليون طن في العام 2030.

وتسعى أيضاً إلى أن ترتفع بالتالي حصة الشركة من 1.3% من إجمالي السوق العالمية، لتصبح مساوية تقريباً لحجم الانبعاثات الكربونية في المنطقة.

أحدث الخطوات التي اتخذتها السعودية في هذا الخصوص كان إطلاق “سوق الكربون الطوعي الإقليمية” يوم الخميس (14 فبراير الجاري) منصتها لتداول أرصدة الكربون الطوعي، بمشاركة 23 شركة سعودية ودولية في أول أيام تداولاتها.

تهدف المنصة إلى:

  • تعزيز العرض والطلب على أرصدة الكربون عالية الجودة في الجنوب العالمي.

  • توجيه التمويل نحو المشاريع المناخية ذات الأولوية، ودعم التحول إلى الحياد الصفري للانبعاثات عالمياً.

  • ربط السوق المفتوح مع السجلات العالمية الرائدة.

  • تطوير بنية تحتية متخصصة للتداول في أرصدة الكربون بما يتماشى مع مبادئ التمويل الإسلامي.

الرئيس التنفيذي لشركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية ريهام الجيزي، قالت: إن “الرسالة قبيل مؤتمر COP29 واضحة، إذ يتطلّب تسريع جهود إزالة الكربون عالمياً توفير تدفقات مالية ضخمة للمشاريع المناخية الضرورية”.

وأضافت: “يمكن أن تسهم أسواق الكربون الطوعية ذات المعايير العالية في تقليص فجوة تمويل المناخ خلال هذا العقد، ولكن لتحقيق ذلك، يجب إنشاء بنية تحتية مؤسسية تتيح للمشترين والبائعين تعزيز مشاركة القطاع الخاص وتحقيق إمكانات السوق بشكل كامل”، بحسب وكالة “واس”.  

تعويض الأضرار المناخية

يعدّ تداول أرصدة الكربون إحدى الاستراتيجيات الأساسية لتحقيق الحياد المناخي، وسد فجوة التمويل لمساعدة البلدان النامية والفقيرة على التكيف مع آثار التغير المناخي العالمي، يقول زاهر هاشم، الكاتب المتخصص بقضايا البيئة والتغير المناخي.

ويوضح زاهر هاشم في حديث لـ”الخليج أونلاين” أن تمويل التكيف مع تأثيرات تغير المناخ، أحد البنود الأساسية لاتفاق باريس 2015 وأحد التزامات ميثاق غلاسكو للمناخ 2021.

وتمويل التكيف يعدّ أيضاً -وفق هاشم- من أبرز إنجازات مؤتمر شرم الشيخ بالتعهد بتقديم تمويلات مناخية جديدة للمرة الأولى، وإطلاق صندوق “الخسائر والأضرار” لمساعدة البلدان النامية على معالجة آثار التغيرات المناخية.

وعلى الرغم من تقديم عدد من التبرعات السخية لصالح التمويل المناخي، لكن التقدم المحرز في تمويل التكيف ما يزال بطيئاً وعاجزاً عن سد الفجوة الهائلة بين الاحتياجات والتدفقات، بحسب هاشم، الذي يشدد على أن هذا “هو ما يعرض الخطط الخاصة بالتكيف وجهود التنفيذ للتأخير وربما الفشل”.

لذلك، يرى أن إطلاق مثل هذه المبادرات لتداول أرصدة الكربون، التي كشفت عنها السعودية، “من شأنها تعويض الأضرار المناخية الناتجة عن الانبعاثات الغازية التي لا يمكن تقليلها أو احتجازها، أو لدى الدول النامية في الجنوب العالمي التي لا تمتلك التقنيات والتمويل الكافي لوقف الانبعاثات أو الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة”.

ويرى هاشم أنه على الرغم من أن الشركات الصغيرة والمتوسطة لا تسهم بشكل كبير في انبعاثات الكربون، لكنها بالمقابل قد تكون غير قادرة على التكيف مع التعهدات والالتزامات العالمية بخفض الانبعاثات، أو الدخول في أسواق التداول الخاصة بالكربون.

ويشير هاشم إلى أن من الممكن إدراج مثل هذه القطاعات في تحالفات وتكتلات اقتصادية؛ لدعم انخراطها في سوق الكربون والاستفادة من التداول ضمنه والمساهمة في هدف الحياد الكربوني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى