تحول متسارع.. شراكة سعودية أمريكية تدعم الرقمنة الحكومية

ما أهمية الشراكة بين السعودية و”أوراكل”؟
تعزز البنية الرقمية وتدعم خدمات الذكاء الاصطناعي.
ما الذي يميز موقع المملكة الرقمي عالمياً؟
ضمن أفضل 10 دول في الحكومة الإلكترونية.
تُعزّز المملكة العربية السعودية حضورها الرقمي على الساحة العالمية، عبر تسريع وتيرة التحول الرقمي وتوسيع شراكاتها التقنية مع كبرى الشركات الدولية.
ويأتي هذا التوجه كجزء من رؤية شاملة تستهدف بناء اقتصاد رقمي تنافسي، ورفع كفاءة الخدمات الحكومية، من خلال استثمارات استراتيجية وتبني أحدث الحلول التكنولوجية، ما يسهم في ترسيخ مكانة المملكة كمركز رقمي إقليمي وعالمي.
شراكة رقمية
في خطوة تعزز البنية التحتية الرقمية للمملكة، وقّعت “هيئة الحكومة الرقمية” في 14 مايو الجاري، مذكرة تفاهم مع شركة “أوراكل” الأمريكية بمقر الهيئة في الرياض، بهدف التعاون في مجالات الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات الناشئة، وفق صحيفة “عكاظ” السعودية.
تستند هذه الشراكة إلى تطوير برامج معرفية ومبادرات تدريبية تركز على تأهيل الكفاءات الوطنية ومواكبة التطورات العالمية في القطاع الرقمي، بما يسهم في تمكين الجهات الحكومية من تقديم خدمات أكثر كفاءة وابتكاراً.
ويعكس إعلان شركة “أوراكل” عن استثمارات بقيمة 14 مليار دولار أمريكي في المملكة على مدى السنوات العشر القادمة، التزاماً طويل المدى بدعم التحول الرقمي السعودي، من خلال تعزيز البنية التحتية للحوسبة السحابية وتوفير حلول تقنية عالية المستوى للقطاعات الحيوية.
ونقلت صحيفة “الاقتصادية” السعودية في 13 مايو، عن الرئيس التنفيذي لشركة “أوراكل”، صفرا كاتز، قولها إنه “بفضل الإجراءات النوعية للرئيس دونالد ترامب وإدارته، توسعت شراكة أوراكل لتُقدّم أحدث تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي في العالم إلى السعودية”.
ورجّحت كاتز أن “يسهم ذلك في توفير فرص جديدة لاقتصاد السعودية وتحسين نتائج الرعاية الصحية لمواطنيها وتعزيز تحالفها مع الولايات المتحدة، لتحقيق السلام والازدهار في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم”.
وتُقدّر القيمة السوقية لـ”أوراكل” بأكثر من 450 مليار دولار، ما يضفي بعداً استراتيجياً على هذا التعاون، ويعزز موقع المملكة كمركز تقني إقليمي قادر على جذب استثمارات نوعية في مجالات التقنية المتقدمة.
وتُعد هذه الاتفاقية جزءاً من التوجه العام نحو اقتصاد رقمي متكامل، يعزز من تنافسية المملكة على المستوى الدولي، ويدعم تحقيق مستهدفات رؤية 2030 عبر تبني أحدث الحلول الرقمية وتوسيع الشراكات النوعية مع رواد التكنولوجيا العالميين.
محركات استراتيجية
يؤكد الباحث الرقمي نبيل العبيدي أن الشراكات التقنية مع عمالقة أمريكيين مثل “أوراكل” و”مايكروسوفت” و”أمازون” و”جوجل” ليست مجرد صفقات، بل محركات استراتيجية للتحول الرقمي في المملكة.
وأوضح في حديثه مع “الخليج أونلاين” أن هذه الشراكات تساهم في نقل الخبرات، وبناء بنية تحتية رقمية سيادية، وتأهيل الكفاءات الشابة، وتسريع الخدمات الحكومية الرقمية، وتحفيز الاستثمار التقني.
ويرى العبيدي أن هذا التحول يرسم ملامح “مستقبل المملكة” كمجتمع رقمي ذكي، يتميز بمدن ذكية وخدمات حكومية رقمية واقتصاد يعتمد على البيانات.
ويلفت الباحث الرقمي إلى أن هذا التحول يسعى أيضاً إلى:
- خلق جيل جديد مبتكر يعمل في مهن غير تقليدية.
- اقتصاد رقمي متكامل.
- سيادة رقمية وأمن سيبراني.
- نهضة رقمية في الخدمات الحيوية.
- تمكين الشباب السعودي ليقود مشاريع الذكاء الاصطناعي.
ويشير إلى أن الاستثمار في التقنية يخلق فرص عمل نوعية وغير تقليدية، مثل مطوري الذكاء الاصطناعي ومحللي البيانات وخبراء الأمن السيبراني.
وقد أطلقت المملكة برامج لتوطين التقنية وتدريب الشباب، وارتفعت بالفعل نسبة السعوديين العاملين في قطاع التقنية إلى مستويات أعلى من المتوسط العالمي، حسب العبيدي.
وأضاف أن المملكة تجاوزت مرحلة البدايات في المجال التقني، مستشهداً بمؤشرات عالمية قوية وريادتها في تبني الذكاء الاصطناعي ومشاريعها التقنية السيادية وتحولاتها التشريعية والتشغيلية.
ورغم التحديات المتبقية، يؤكد العبيدي أن المملكة أصبحت مؤثراً وصانعاً للتوجهات التقنية الإقليمية وشريكاً دولياً واعداً، وتسير بخطى ثابتة نحو هدفها.
صدارة عالمية
يشكّل صعود المملكة 25 مرتبة دفعة واحدة في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية 2024 تحوّلاً لافتاً في موقعها الرقمي عالمياً، حيث دخلت ضمن قائمة أفضل عشر دول، كأول دولة من الشرق الأوسط تحقق هذا التصنيف.
وأشارت وكالة الأنباء السعودية في 11 فبراير الماضي، إلى أن المملكة جاءت في المرتبة الأولى إقليمياً، والثانية ضمن مجموعة العشرين، والسادسة عالمياً من بين 193 دولة.
تأتي هذه القفزة امتداداً لتطور متسارع في البنية التحتية الرقمية، مدفوعاً باستراتيجية تحول حكومي شامل، انعكست نتائجه في مؤشرات فرعية بارزة؛ منها التقدم 67 مرتبة في الخدمات الحكومية الرقمية وصولاً إلى المركز الرابع عالمياً، والمرتبة الأولى في مؤشر المعرفة والمهارات الرقمية، إضافة إلى تصدر دول العشرين والعالم في مؤشر البيانات المفتوحة.
ووفق بيانات السعودية الرقمية التي أُعلنت خلال مؤتمر “LEAP 2025″، سجّلت المملكة تقدماً تراكمياً منذ إطلاق رؤية 2030، شمل البنية التحتية للاتصالات، الخدمات الذكية، والمشاركة الإلكترونية، متجاوزة دولاً متقدمة مثل الولايات المتحدة، الصين، وفرنسا في عدد من المؤشرات الرئيسية.
كما حصدت مدينة الرياض المرتبة الثالثة عالمياً في تصنيف المدن الرقمية، نتيجة لتطبيقات تقنية مبتكرة مثل التفتيش عبر الطائرات المسيّرة، والكاميرات الذكية، وإدارة النفايات بالتقنية، مما يعكس التحول من تبنّي التقنية إلى قيادة مساراتها على مستوى المدن.
ويسهم هذا التقدم في ترسيخ موقع السعودية كمركز رقمي مؤثر، ويؤكد أن هذا التحول لم يعد خياراً تقنياً بل أداة تنموية متكاملة، تدعم كفاءة الأداء الحكومي وتُسرّع من تحقيق مستهدفات رؤية المملكة.
وتواصل هيئة الحكومة الرقمية دعم جهود التحول الرقمي عبر تطوير أدوات قياس وطنية لأداء الجهات الحكومية، تشمل مؤشرات مثل نضج التجربة الرقمية، وتبني جاهزية التقنيات الناشئة، بهدف تعزيز تجربة المستفيدين ورفع كفاءة الخدمات.
كما تنفذ الهيئة مجموعة من البرامج والمبادرات الرقمية الهادفة إلى تحسين بيئة العمل الحكومي، من أبرزها، “الحكومة الشاملة، وقدراتك، ورحلات الحياة، والشمولية الرقمية”، وذلك في إطار منهجي يربط بين التقنية والاحتياج الفعلي للمواطن والمقيم.