تحركات جادة.. هل تعيد حكومة نتنياهو بناء المستوطنات في غزة؟

المختص في الشأن الإسرائيلي، أحمد موسى:
الإرهاصات واضحة حول إعادة الاستيطان.
كل الظروف السياسية والميدانية مهيأة لتنفيذ خطط المسؤولين اليمينيين لإعادة الاستيطان في غزة.
استبعد أي معارضة من قبل الكنيست الإسرائيلي أو حتى الحكومة حول إعادة الاستيطان.
العقبة ستكون في موافقة الجيش على ذلك؛ لأن وجود المستوطنين في ظل الحرب سيزيد من الأعباء على جنود الاحتلال.
تعلو الأصوات داخل “إسرائيل” من أجل إعادة بناء المستوطنات اليهودية داخل قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي مستمر منذ السابع من أكتوبر 2023.
فقد بدأت أحزاب اليمين الإسرائيلي والحركات الاستيطانية بعرض مخططات ومشاريع إعادة الاستيطان في غزة، وكشف حتى الآن عن 6 مخططات هندسية لبناء 6 بؤر استيطانية في شمال القطاع.
كذلك، قدم حزب “عظمة يهودية” مشروع قانون يقضي بإلغاء خطة “فك الارتباط” لعام 2005، وإعادة بناء المستوطنات التي أخليت من “غوش قطيف” في جنوب القطاع.
وأخليت المستوطنات اليهودية من قطاع غزة في عام 2005، خلال الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب في حينها.
على الأرض، كانت زيارة وزير الإسكان الإسرائيلي يتسحاق غولدكنوبف، وقادة المستوطنين إلى محور “نتساريم” وسط القطاع، رفقة رئيسة حركة “نِحالا” الاستيطانية، دانييلا فايس، أحد ابرز الإرهاصات على عودة الاستيطان في غزة.
فايس وفريقها الاستيطاني من المهندسين والمخططين، الذين يروجون بقوة هذه الأيام للتحرك نحو إعادة الاستيطان اليهودي في قطاع غزة، قاموا بالفعل بإعداد مخطط هندسي لـ6 بؤر استيطانية تضم مئات العائلات.
وعمد هذا الفريق خلال فترة الحرب إلى إجراء دوريات وجولات ميدانية على حدود غزة وتجولوا برفقة عسكريين في شمال القطاع.
حول أهداف الزيارة، نقلت القناة الإسرائيلية الرسمية عن فايس قولها إنه: “تم فحص الأماكن التي سيتمكن المستوطنون من دخولها ووضع البيوت المتنقلة والكرفانات فيها”.
وأكدت فايس وجود 40 كرفاناً مجهزاً بكل المعدات والمستلزمات إضافة إلى مولدات الكهرباء، حيث يتم انتظار اللحظة المناسبة من أجل إدخالها ونصبها في شمال القطاع.
حسب الخطة التي استعرضتها رئيس الحركة ستدخل العائلات اليهودية شمال القطاع وتقيم البؤر الاستيطانية، وسترتبط بشكل غير رسمي بالقواعد العسكرية للجيش الإسرائيلي والبنية التحتية في غزة، ومن ثم ستحول إلى كتل استيطانية رسمية ومعترف بها.
أوضحت فايس أنه تم جلب قوافل من المنازل المتنقلة والكرفانات إلى منطقة “غلاف غزة” خصيصاً للعائلات التي ستنتقل للعيش في غزة لحظة صدور الأمر، كما تم جمع تبرعات بملايين الدولارات من الجاليات اليهودية حول العالم خصيصاً لمجموعات المستوطنين الذين سيدخلون القطاع.
بدورها قالت رئيسة اللوبي الاستيطاني عضو الكنيست ليمور سون هار مليخ، من حزب “عظمة يهودية”، للقناة 14 الإسرائيلية، إن “هدف اللوبي هو إعادة مشروع الاستيطان اليهودي إلى قطاع غزة”، وزعمت أن “النصر الحقيقي في الحرب لا يتحقق إلا من خلال الاستيطان اليهودي في جميع أنحاء أرض إسرائيل، بما في ذلك قطاع غزة”.
مؤتمر للمستوطنين
إلى جانب الزيارة الميدانية، شارك مئات المستوطنين من التيار اليميني والقوميين المتشددين، في أكتوبر الماضي، بمؤتمر حول إعادة إنشاء مستوطنات في قطاع غزة.
وعقد المؤتمر بالقرب من الحدود مع غزة، وجذب عدداً من البرلمانيين البارزين وبمشاركة ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بما في ذلك من حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
كذلك، أعلنت حركة “نحالا” الاستيطانية “الإسرائيلية” تسجيل 700 عائلة للانتقال للسكن في 6 مستوطنات محتملة في قطاع غزة، معربة عن أملها في البدء ببناء هذه المستوطنات خلال عام.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن تلك الحركة تأكيدها أنها ستملأ “المناطق المحررة في غزة بالمجتمعات اليهودية”.
وزير المالية سموتريتش، الذي قال إنه في نهاية المطاف سيكون هناك استيطان يهودي في قطاع غزة، أوضح خلال المؤتمر أن غزة “جزء من أرض إسرائيل، لن يكون هناك أمن دون استيطان في القطاع. والعبرة الأساسية في السنة الأخيرة”.
وأضاف: “أينما يوجد استيطان يوجد أمن، وأينما يوجد مدنيون ثمَّ أيضاً وجود عسكري، ولا جدل في أن الجيش سيسيطر على قطاع غزة لفترة طويلة لإزالة الخطر الكامن فيها وتوفير الأمن لمواطني إسرائيل”.
وتابع: “من لديه عينان يدرك أنه من دون وجود مدني استيطاني لا يمكن إبقاء الجيش لفترة طويلة، لذلك يجب أن يكون في غزة وجود يهودي وإحياء الاستيطان الطلائعي القوي من جديد”.
إلى جانب كل التحركات، أظهرت استطلاعات للرأي انقساماً واضحاً بشأن هذه القضية بين معارض ومؤيد، وسط مخاوف من تداعيات هذه الخطوة على الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة.
وكشف استطلاع للرأي نشره مقدم البرامج السياسية في القناة 13 الإسرائيلية داني كوشمارو، أن 51% من الإسرائيليين يعارضون العودة للاستيطان في قطاع غزة، في المقابل، أيد 57% من ناخبي رئيس الوزراء نتنياهو الاستيطان.
قرار جدي
يؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي، أحمد موسى، أن الحديث عن إعادة الاستيطان في قطاع غزة هو جدي وبدأ بتحركات على الأرض من خلال إقامة المؤتمرات، وزيارات الشخصيات اليمينية التي تدعم المستوطنات في الضفة الغربية.
يقول موسى في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: إن “الإرهاصات واضحة حول إعادة الاستيطان، أبرزها زيارة وزير الإسكان الإسرائيلي غولدكنوبف مع قادة المستوطنين لوسط قطاع غزة، والخطط التي يتم طرحها من قبل مختصين”.
وأضاف موسى: “كل الظروف السياسية والميدانية مهيأة لتنفيذ خطط المسؤولين اليمينيين لإعادة الاستيطان في قطاع غزة، ويمكن أن نره خلال أي وقت الإعلان عن بناء أول مستوطنة في القطاع”.
يستبعد المختص في الِشأن الإسرائيلي، وجود أي معارضة من قبل الكنيست الإسرائيلي أو حتى الحكومة حول إعادة الاستيطان.
لكنه يلفت إلى أن العقبة ستكون في موافقة الجيش على ذلك؛ “لأن وجود المستوطنين في ظل الحرب سيزيد من الأعباء على الجنود لتوفير الحماية لهم من قبل المقاومة الفلسطينية”.
يرى موسى أن إعادة الاستيطان هو “انتكاسة كبيرة لمشروع المقاومة الفلسطينية، وفيه خسارة لجهود كبيرة تم تقديمها خلال السنوات الماضية لتحرير قطعة من أرض فلسطينية من وجود أي استيطان فيها”، بحسب قوله.